أقلام وأراء

عمر الغول يكتب – مفارقة ترامب مع السعودية

عمر حلمي الغول ٧-١٠-٢٠١٨

من تابع أقوال وتصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب قبل زمن بعيد (ثلاثون عاما) من توليه الرئاسة، وأثناء حملته الإنتخابية، وبعد توليه سدة الحكم في البيت الأبيض، لاحظ ان هاجس من هواجسه الخاصة، الذي لازمه طيلة سني حياته، هو كيف يسطو على أموال وثروات العرب عموما ودول الخليج العربي خصوصا. وما إنفك خلال الأسبوعين الأخيرين من الإعلان جهارا ودون أدنى معايير الكياسة والديبلوماسية والصداقة (إن كان هناك صداقة كما يعتقد الحكام العرب) بأن على الملك سلمان والسعودية دفع المال مقابل الحماية. لإن حكمه (عاهل السعودية) لن يدوم إسبوعين دون الحماية الأميركية له ولعائلته الحاكمة. وأضاف ذلك المغرور الوقح، بأن الأسلحة، الموجودة في السعودية يأكلها الصدأ، لإن الجيش والقوات السعودية لا تعرف كيفية إستخدامها؟!
وللأسف الشديد طيلة هذة الفترة لم يصدر أي موقف رسمي من قبل قيادة المملكة سوى أول أمس صدر موقف لا يعكس بحال من الأحوال اي مستوى من مستويات رد الإعتبار للذات السعودية والعربية. صدر بيان لا يتناسب مع حجم ووقاحة ودونية الهجمة الترامبية على الملك وقيادة المملكة. مع ان وسائل الإعلام السعودية ومواقف الهيئات القيادية المختلفة في بلاد الحجاز أصدرت كماً من البيانات، وفتحت معارك ديبلوماسية وسياسية وإقتصادية وثقافية مع كل من كندا والمانيا واستراليا وقطر وطبعا إيران، وحدث ولا حرج مع اليمن على قضايا أقل شأنا، ولم تمس بهيبة ومكانة خادم الحرمين الشريفين ولا المملكة.
وعليه فإن السؤال المباشر الذي، يطرح نفسه، لماذا أخفضت القيادة السعودية الصوت أكثر مما يجب؟ لماذا التعلثم والإرتباك أمام راعي البقر الأميركي؟ وأين فروسية الملك فيصل وغيره من ملوك العائلة، الذين تولوا الحكم سابقا؟ وأين الحكمة السياسية أو الديبلوماسية من ذلك؟ وأليس من حق وواجب قادة المملكة الذين إستقبلوا ترامب في مايو/ ايار 2017، كما لم يستقبل أي إمبراطور في التاريخ، ان يعيدوا الإعتبار لذاتهم ومكانتهم وتاريخهم، وأن يطالبوه بإعادة كل مليم وريال حصل عليه كهدايا؟
البيان السعودي الصادر عن ولي العهد، محمد بن سلمان للأسف كان ضعيفا جدا، ومخيب للآمال السعودية والعربية.  وهذا امر لا يفيد بحال من الأحوال قيادة المملكة، ولا يبرأ ساحتها تحت أي إعتبار للرد على الهجمة الأميركية اللامسؤولة، واللاأخلاقية. لإن المملكة ككل مستهدفة، وتصريحات ومواقف الرئيس ترامب، تكشف للقاصي والداني، انها (السعودية) مستهدفة بالتقسيم والبيع بأبخس الأثمان لقوى رخيصة من شبه الجزيرة العربية. الأمر الذي يتطلب موقفا شجاعا يرتقي لمكانة ووزن المملكة عربيا وإقليميا ودوليا. أضف لذلك أدعو قيادة المملكة لإستحضار مقولة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، الذي قال :” المتغطي بأميركا عريان”. وهذة حقيقة راسخة، لإن الولايات المتحدة لا تتعامل مع الأنظمة العربية ودول العالم الثالث كأصدقاء، بل تتعامل معهم كأدوات وأتباع وخدم لمصالحها. ومن يصون نفسه ومكانته تعمل له القيادات الأميركية المتعاقبة الف حساب، كما فعل ويفعل زعيم كوريا الشمالية، كيم جون أون، وكما فعل ويفعل الرئيس محمود عباس، الذي قال لإميركا عشرين مرة: لآ كبيرة عندما تتعارض مواقف وسياسات أميركا مع مصالح الشعب العربي الفلسطيني، وفلسطين مازالت تحت نير الإحتلال الإسرائيلي، ولا يوجد فيها لا نفط ولا عائدات ولا ثروات أخرى. 
ورغم أن بعض المصادر الوثيقة أفادت، ان الملك سلمان حادث الرئيس ترامب، وعاتبه، ليس هذا فحسب، بل أغلق الهاتف في وجهة بسبب فجور ووقاحة ساكن البيت الأبيض. لكن هذا لا يبرر رد الفعل المتواضع والمنخفض جدا. كان ومازال الوقت يسمح برد سعودي قاس ويتناسب مع سياسة الإبتذال والإذلال المتعمدة للعرب عموما وللمملكة السعودية خصوصا. 
وأنا أعتقد أن الضرورة تملي على كل عربي غيور على مصالح شعبه وأمته، وبغض النظر عن حجم التباين والإختلاف مع حكام المملكة وسياساتهم، أن برفع الصوت عاليا وبشكل علمي وعلى اسس منهجية للرد على راعي البقر الأفنجليكاني المتصهين. لإن الصمت، أو اللجوء لسياسة الشماتة، وردود الفعل السطحية لا تخدم أي مواطن يؤمن بعروبته وقوميته. فهل نبادر جميعا لشن هجوم مسؤول وبالوقائع والحجج اليقينية على إدارة دونالد ترامب ومن يقف معها؟ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى