أقلام وأراء

عمر الغول – الزهار المرتجف يقلب الحقائق

عمر حلمي الغول ٢٠-١٠-٢٠١٨

في ضوء التصعيد العسكري المحدود، الذي شهده قطاع غزة بعد إطلاق صاروخ نهاية الإسبوع الماضي على احد منازل بئر السبع إرتبكت قيادة الإنقلاب الحمساوي، وتوزعت مواقفها بين التصعيد اللفظي والتبرير وإخلاء الذمة من الصاروخ، وتحميل المسؤولية لجهات مختلفة أبرزها قيادة السلطة الوطنية حسب تصريح الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة حماس يوم الاربعاء الماضي مع فضائية 24 نيوز الفرنسية بالعربي. حيث بدا مهزوزا ومرتبكا وراجفا، وهو يجيب على أسئلة المذيعة. وهو ما يفضح إدعاء حركة الإنقلاب بتمسكها بخيار “المقاومة”، ويكشف عن إفلاس وتناقض عميق بين ما تروجه وتبيعه للمواطنين الفلسطينيين من شعارات غوغائية لا تمت للحقيقة بصلة، وبين حقيقة مواقفها اللاهثة خلف تثبيت أقدام إمارتها على حساب المصالح الوطنية العليا، وتساوقا مع صفقة القرن الأميركية ومصلحة إسرائيل الإستعمارية الإستراتيجية، حيث شاء ان يرسل رسالة لإسرائيل، بأن حماس ليست معنية بالتصعيد، ومتمسكة بالتفاهمات البينية مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وفي ذات الوقت رسالة تطمين لإسرائيل وأميركا وحلفائها من العرب ودول الإقليم.
وجاءت مواقف الزهار المتناقضة مع الواقع لتمنح كل ذي بصيرة القدرة على محاكمة موضوعية لحركة الإنقلاب الإخوانية، وتسلط الضوء على إنحدارها إلى الحضيض. لا سيما وأن المتابع لتصريحات ومواقف الزهار نفسه وباقي أركان حركة حماس يلحظ التناقض، فهم جميعا لا يتوانون عن ممارسة التحريض على القيادة الشرعية عموما والرئيس محمود عباس خصوصا، وإتهامهم بالتنسيق مع سلطات الإستعمار الإسرائيلية، ومن جهة ثانية يتهموا القيادة بإطلاق الصاروخ بذريعة، أن قيادة السلطة الوطنية تسعى للتشويش على التنسيق الأمني بين حماس وإسرائيل، وتعمل على قطع الطريق على التفاهم الجاري بينهما بشأن “الهدنة مقابل الهدنة ورفع الحصار” بواسطة قطر وميلادينوف، المبعوث الأممي. فأين الحقيقة؟ 
يعرف الجميع أن شخص الرئيس عباس وقيادة منظمة التحرير تتبنى إسلوب المقاومة الشعبية السلمية، كشكل رئيس للنضال الوطني منذ الإنتفاضة الكبرى في العام 1987 بالتلازم مع النضال السياسي والديبلوماسي وغيرها من أشكال النضال المساندة: الإقتصادي والقانوني والثقافي والتربوي والإجتماعي والرياضي. ولم تهاب أو تخشى (القيادة) من إشهار موقفها بشكل واضح لا لبس أو غموض فيه، ولم تغلق (القيادة) الباب أمام أي شكل من أشكال الكفاح، التي كفلها القانون الدولي للشعب العربي الفلسطيني في اللحظة السياسية المناسبة، وإرتباطا بالتطورات وسيرورة الصراع المحتدم مع دولة الإستعمار الإسرائيلية حتى تحقيق الأهداف الوطنية كاملة. 
أضف إلى أن قيادة منظمة التحرير ممثلة بهيئاتها القيادية المختلفة، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ولم تتخلى، ولن تتخلى عن دورها القيادي والتمثيلي للشعب تحت أية أسباب أو ضغوط مهما كانت. وبالتالي هي الأحرص على الشعب في كل تجمعاته ومواقعه ومصالحه وحقوقه وأهدافه وحمايته من جرائم الحرب الإسرائيلية والأميركية. وإذا كانت القيادة ضد الهدنة مقابل الهدنة، التي لا تخدم إلآ مشروع الإمارة الطالبانية الجديدة، فإنها لا تسمح لكائن من كان بتهديد مصير أبناء الشعب في القطاع  والضفة بما فيها القدس والشتات وفي داخل الداخل. وهي مع الهدنة الفصائلية،انما المرتبطة بالمصالحة والمصلحة الوطنيةوتحت إشراف القيادة الشرعية. إذاً القيادة الفلسطينية الحكيمة والشجاعة لا تتوافق مصالحها ورؤيتها السياسية مع خيار التصعيد، وتعمل مع الأشقاء في مصر والعرب عموما والعالم لوقف السياسات الصبيانية والمغامرة، التي تقودها حركة الإنقلاب الحمساوية ومن يدور في فلكها، وتعمل على محاصرة إسرائيل الإستعمارية وفضحها وتعريتها أمام المنابر الأممية والإقليمية والعربية وحتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه.
أمام ما تقدم، من هو الطرف المعني بالتصعيد إن لم تكن حركة حماس، كما يدعي قادتها المرتجفون؟ هناك أكثر من إحتمال، الأول ان يكون من بين عناصر كتائب القسام، ذراع حماس العسكري، الرافض لسياسات الحركة الإخوانية، والمتوافق مع سياسة إيران الفارسية؛ الثاني من القوى التكفيرية الفسيفسائية، التي أنتجها الإنقلاب خلال السنوات الأثني عشر الماضية، ثم خلعت جلباب حماس؛ الثالث من القوى الحليفة لجمهورية الملالي الإسلامية، المتناقضة مع قيادة الإنقلاب السياسية وحساباتها الضيقة. وبالتالي على حماس ان تفتش داخل بيتها المخترق والمشوش، وأن تكف عن قلب الحقائق، لإنها لم تعد تنطلي على أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى