عمرو الشوبكي يكتب – مخاطر الانتخابات الليبية
عمرو الشوبكي 2021-12-17
استبعدت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات 25 مرشحًا من قائمة المرشحين لانتخابات الرئاسة الليبية المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول، وضمت سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، وضمت القائمة الأولية للمرشحين الذين استوفوا الشروط القانونية 73 مرشحًا، لحين الانتهاء من فحص طعون المستبعدين.
والمؤكد أن هناك رمزية كبيرة لترشح سيف الإسلام معمر القذافي، فهي تعني أن أحد البدائل القوية في حال قبول طعنه هو نجل من ثار ضده قطاعٌ من الشعب الليبي وجرى اقتتال أهلي وعادت بعدها البلاد إلى نقطة بديل «شبه إصلاحي» من داخل هذا النظام.
ويبقى هناك 73 مرشحًا بينهم عشرات يمكن وصفهم بأنهم مرشحو «التمثيل المشرف»، أي الذين لن يحصلوا إلا على بضعة آلاف من الأصوات، وهناك أسماء مثل خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي وبعض الأسماء في الغرب الليبي، هي جزء من حالة الاستقطاب في ليبيا، وخاصة كلاً من حفتر ونجل الزعيم الليبي الراحل، وهؤلاء في حال نجاح أحدهم سيعني مزيدًا من الاستقطاب ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، وهو ما سيصعب من قدرة أي قوى إقليمية أو دولية على فرض احترام نتائج الانتخابات وسيعمق الأزمة الليبية ولن يحلها.
وبلا شك لو كان حفتر أدار معركة طرابلس منذ أكثر من عامين بكثير من السياسة والسلمية وقليل من القوة العسكرية لربما أصبح حاليًا واحدًا من أكثر مرشحي الرئاسة فرصًا، ليس فقط في الفوز، وإنما في القبول من أطراف كثيرة.
وهناك مرشحون آخرون لا يمكن القول إنهم محل توافق بين الجميع، ولكنهم أكثر قبولًا في مناطق مختلفة بصرف النظر عن فرصهم في الفوز، وأبرزهم رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة (قدم ضده طعن) ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، وهناك أيضا أسماء مقبولة في مناطق مختلفة بصرف النظر عن وزنها الانتخابي، مثل الدكتور فضيل الأمين والمهندس محمد خالد الغويل ومحمد أحمد الشريف وغيرهم.
وتبقى معضلة الانتخابات الليبية أن الأسماء الأوفر حظًا في الفوز ليست محل توافق، ومن غير المؤكد أن تقبل المناطق والأطراف المنافسة نجاحهم بدون تدخل مباشر وخشن من المجتمع الدولي، وهو أمر لايزال حتى اللحظة غير وارد حدوثه.
إن نجاح أي تجربة انتخابية يتطلب داخليًا التوافق على القواعد المنظمة، ووجود قوى سياسية تقبل بتداول السلطة ولا تحمل مشروع إقصاء أو تمكين، ومؤسسات دولة تعمل ولو بحد أدنى من الكفاءة لتضمن تنفيذ نتائج الانتخابات في الواقع وحماية إرادة الناخبين، وهذه الشروط مازالت غير متوفرة في ليبيا، كما أن تدخل الخارج لايزال تحكمه حسابات معقدة تتداخل فيها المصالح الدولية والإقليمية، ما يجعل إجراء الانتخابات مخاطرة كبيرة ما لم يتوافق الجميع على آلية لفرض احترام نتائج الانتخابات وليس فقط إجراءها.