أقلام وأراء

علي قباجه يكتب –  عدوان «إسرائيلي» خاسر

علي قباجه 15/11/2019 

كعادته، بدأ الاحتلال بالتغطية على أزماته الداخلية المتعسّرة، بدماء الفلسطينيين، وكان من المتوقع ارتكابه حماقة بقطاع غزة في محاولة للفت الأنظار عن مراوحة ملف الحكومة لمكانه، وانقسام الجبهة الداخلية لمستويات خطرة، وعجز الكتل عن الخروج بصيغة توافقية؛ لذا فكان توجه نتنياهو ووافقه فيه بريبة معارضه جانتس، إضافة إلى التجمعين اليميني ويمين الوسط، وكل مكونات الاحتلال، إلى توحيد البيت الداخلي مؤقتاً على المستوى «الشعبي «الإسرائيلي»» بعملية ترفع الحس «القومي» لدى اليهود، وتنسيهم فشل القيادة الذريع في أروقة الحكم هذا أولاً، أما ثانياً فإن لرئيس وزراء الاحتلال مصالح ذاتية؛ فهو بعدوانه يوجه رسائل للناخب «الإسرائيلي» بأن كتلة اليمين بقيادته هي من تملك الفعل، وقرار المواجهة في الدفاع عن أمن الكيان، في محاولة منه لرفع أرصدته في حال التوجه لانتخابات ثالثة، بعد فشل جانتس في تشكيل حكومة، كما يسعى لاكتساب وقت للتغطية على ملفات فساده التي قد تطيحه سياسياً وتودعه السجن.

اختيار هذا التوقيت بالذات بكسر قواعد الاشتباك، باغتيال قيادي في غزة، ليس عبثاً، فقد وجد نتنياهو في هذه العملية طوق نجاة وحيلة؛ لفرض نفسه من جديد على هرم السلطة بعد تكسير مجاذيف خصمه، وإظهاره في صورة العاجز المتآمر على دولة «إسرائيل» بجلوسه مع القائمة العربية «الإرهابية» في نظره، لتيقنه أنه في حال تمكن جانتس من سحب البساط من تحته وإخراجه من المشهد، فإن ذلك يعني احتراق كل عصيه التي يتكئ عليها، ومقدمة لتوجيه لائحة اتهام ضده من المؤكد أنها ستدينه. وبالطبع فإن «بيبي» كما يحلو لدونالد ترامب مناداة نتنياهو به، سرد مجموعة مبررات لعدوانه، وخرج على شعبه بسيناريو ضعيف الحبكة ليظهر لهم أنه البطل الخارق القادر على حمايته بردع غزة، لكن الحقيقة كشفها وزير الحرب الأسبق أفيجدور ليبرمان، الذي بدد ادعاءاته، وقال: إن نتنياهو نفسه هو من منعه في وقت سابق عندما كان في منصبه من تنفيذ عملية الاغتيال ضد القيادي بهاء أبو العطا لمدة عام كامل.

وترى أوساط سياسية «إسرائيلية» أن ثمة شبهات تحوم حول قرار المواجهة في القطاع، وقالت عضو ال«كنيست» عومير بارليف: «إن دوافع سياسية لنتنياهو وراء عملية الاغتيال ضد القيادي الفلسطيني، تهدف إلى ممارسة الاغتيال المعنوي على خصومه»، لكن سرعان ما تلقفها عدوه اللدود بيني جانتس، وقطع الطريق على «بيبي» بإعلانه تأييد عملية غزة ووقوفه خلفها، ليمتص الخدعة وإفشال التوجهات.

ومهما كان الذي يرمي إليه نتنياهو، فإن القشة التي تعلق بها ستغرق لا محالة في رمال غزة، فهو لطالما راهن على حروبه؛ لتحقيق مكاسب تعود على شخصه، لكن مني بفشل ذريع لطخ سمعة جيشه، وكسر هيبته، وعاد يجر أذيال الخيبة والهزيمة، وهذه المرة كسابقاتها، فلن يحقق شيئاً، وسيخرج من المولد بلا حمص، فالجبهة الداخلية غير راضية عنه، كما أنه محاط بجنرالات يتربصون به، في حين أن غزة ليست لقمة سائغة له، وستفشل مشاريعه ككل مرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى