أقلام وأراء

علي حمادة: أسئلة برسم حزب الله

علي حمادة 8-10-2024: أسئلة برسم حزب الله
عكس بيان “حزب الله” بمناسبة الذكرى الأولى لعملية “طوفان الأقصى” في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ الذي جرى توزيعه يوم أمس والذي احتوى على ٧ بنود، حجم الانفصام الذي يعيشه الحزب المذكور بعد كل ما حصل ليس على الصعيد العسكري فحسب، بل على كل الصعد مع كل اللبنانيين وليس فقط مع البيئة الحاضنة التي جرى تحميلها ما لا يمكن تحمله. جاء في البند السابع من البيان ما يلي: “إن قرار حزب الله فتح جبهة الاسناد في الثامن من أكتوبر لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة هو قرار إلى ‏جانب الحق والعدل والإنسانية التامة وفي الوقت نفسه هو قرار بالدفاع عن لبنان وشعبه دفعت فيه مقاومتنا وشعبنا أثماناً ‏باهظة ومكلفة في بنيتها القيادية وفي بنيتها العسكرية والمادية، ونزوحاً قسرياً لمئات آلاف المدنيين الآمنين، ودماراً ‏ثقيلاً في الأملاك والمباني الخاصة، ولا يزال العدو يواصل إجرامه وعدوانه بلا حدود، غير أننا واثقون إن شاء الله ‏بقدرة مقاومتنا على صد العدوان، وبشعبنا العظيم والمقاوم على الصبر والصمود والتحمّل حتى زوال هذه الغمة، وإننا ‏نرى اليسر بعد العسر والفرج بعد الشدة، فقد ولى زمن الهزائم وجاء نصر الله”.

ولئن دل البند على شيء فهو يدل على أن قيادة “حزب الله” أو ربما المرجعية الإيرانية لا تزال تضع أمن وسلامة المواطن اللبناني في أسفل درجات الاهتمام والرعاية. فما من إشارة ولو غير مباشرة للخطأ الكبير الذي ارتكبه “حزب الله” حين تورط في حرب ضد إسرائيل وورط لبنان بأسره من دون أن يأخذ في الاعتبار أن الأغلبية الساحقة من اللبنانيين كانت تعارض الحرب منذ اليوم الأول وترفض الزجّ بها في أتون الحروب تنفيذاً لوظيفة إيرانية مجرمة بحق لبنان واللبنانيين وفي الطليعة البيئة الحاضنة لـ”حزب الله” التي نُكبت بسبب التكبّر والتذاكي، والتهور. وكثيراً ما حاول قادة سياسيون، وقادة رأي ومفكرون، ومواطنون عاديون، التحدث مع قيادة الحزب المذكور، وتقديم النصح والإرشاد حثاً لهذه القيادة على الخروج من هذه الحرب قبل أن تنفجر حرب لا تبقي ولا تذر. “لكن عبثاً يبني البنّاؤون”!

واليوم وقعت الكارثة التي لطالما حذرنا منها جميعاً. فبدلاً من أن يعي “حزب الله” حجم الكارثة التي وقع فيها وأوقع معه البلاد تواصل القيادة الحالية التسمك بالوظيفة التدميرية لإيران على أرض لبنان بأرواح اللبنانيين وأرزاقهم. فأين الإعلان عن وقف إطلاق النار الفوري بصرف النظر عن حرب غزة؟ وأين تنفيذ القرار ١٧٠١؟ وأين إبداء الاستعداد للخروج من منطقة عمليات القوات الدولية “اليونيفيل” تطبيقاً للقرار بحذافيره؟ والأهم أين الاعتراف بأنكم اقترفتم أكبر الأخطاء بحق اللبنانيين وفي المقدمة بيئتكم الحاضنة؟ وأين إعلان استعدادكم للخضوع للدستور والقانون اللبنانيين، ووضع سلاحكم بيد الشرعية وبإمرتها وحدها من دون شريك؟

إن هذه الأسئلة هي أسئلة السواد الأعظم من اللبنانيين. وهي موجهة للطرف الذي جلب النار الى الدار. حان الوقت لكي يرفع اللبنانيون الصوت عالياً رفضاً لاستمرار هذه الحالة التي كنا ولا نزال نعتبرها شاذة، ومدمرة للكيان. إن المطلوب من القيادات اللبنانية، أكانت متواطئة أم مستسلمة، أن تقول كلمة حق في ما يحصل، وأن تقف بوجه التهور المخيف. إن لبنان لا يتحمل مزيداً من المغامرات، ولا يتحمل مزيداً من المقامرة بالحياة، والأرزاق، والأحلام. و”حزب الله” كما يدار اليوم يمثل نقيض الفكرة اللبنانية ويهددها في الصميم. إن التضامن الإنساني مع البيئة المدنية الحاضنة للحزب المذكور محسومة، لكن لا تضامن سياسياً مع الحزب، وأفكاره، ووظيفته الخارجية، وأطماعه الداخلية. فكفى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى