أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – تقديرات إسرائيلية للوضع في الشرق الأوسط

علي ابو حبلة – 16/2/2021

دأبت الاستخبارات الاسرائيلية على المرحلة التي سبقت  توقيع الاتفاق النووي عام 2015، على التحذير من أن إيران على بعد خطوة من إنتاج أسلحة نووية،  المتتبع للنهج والأسلوب الصهيوني في ظلّ احتمال عودة جو بايدن إلى الاتفاق، تُطمئن إلى أن لا مخاطر نووية في المدى المنظور. وفق تقدير استخباري تستهدف من ورائه حكومة الاحتلال تدعيم تحريضها على إبقاء العقوبات ضدّ طهران، لما سيجلبه رفعها من تهديدات ليس أقلّها تعزيز الحلفاء في العراق وسوريا واليمن ولبنان، مادّياً وعسكرياً.

لعلّ أبرز ما يُميّز تقدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للعام 2021، أن هذه المؤسّسة استعادت الصفة التي التصقت بها قبل عقود، وهي تماهيها مع توجهات القيادة السياسية، بعدما غلب عليها الحرص على مواءمة تقديراتها مع توجّهات تلك القيادة وخياراتها. استردّت الاستخبارات لاحقاً صفتها المهنية، على إثر خروجها من صدمة فشل تقديرها المتّصل بتوقُّع حرب تشرين في عام 1973، لكن يبدو الآن أن سمة  تماهيها مع التوجهات السياسية ستعود لتلازمها، لكن في سياقات مختلفة. يتجلّى ذلك في مساوقة تقديرها توجّهات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إزاء كيفية مقاربة التهديد الذي يُمثّله البرنامج النووي الإيراني. وهو تحوّل برزت أول معالمه في حديث رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، مطلع السنة الجارية، فيما يبدو أنه يعود إلى أمرين أساسيين: الأول، محاولة تصدير موقف موحّد أمام الولايات المتحدة في مواجهة  إيران في ضوء تعاظم قدرات إيران التي حَقّقتها نووياً، والثاني مرتبط  بالشأن الداخلي وهدفه  تهيئة الرأي العام لتقبُّل رصد المزيد من الموازنات لمصلحة المؤسّستَين العسكرية والاستخبارية، في ظلّ ما تواجهه إسرائيل من أزمات اقتصادية لم تشهد مثيلاً لها منذ عقود.

تواجه الأجهزة المختصّة في إسرائيل تحدّي فشل تقديراتها الإستراتيجية في العديد من مواقع الصراع المفصلية في مواجهة إيران،. وضمن هذا السياق، يندرج فشل التقدير بأن إيران ستفلس في حال انخفاض إنتاج النفط عن 650 ألف برميل في اليوم، بحسب ما أكد موقع «واللا» العبري. انخفض الإنتاج في إيران إلى حوالى 250 ألف برميل، لكن لم يَتحقّق ما أمله الإسرائيليون وبنوا عليه رهاناتهم. ، وهو ما لفت إليه الخبير في الشؤون الإيرانية في «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب، راز تسيمت، الذي تناول تقارير دولية تتحدّث عن تحسّن الوضع الاقتصادي في  ايران ، مع إمكانية تحقيق نموّ إيجابي في السنة الجارية، مُحذّراً من أن الرهان على تدهور الوضع في إيران وإجبارها من خلال ذلك على التراجع عن مواقفها الحالية مجرّد « آمال كاذبة» .

في  الشأن السوري يركز معهد الأبحاث الاستراتجية، على ما تمّ السماح بنشره على توصيف الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وخريطة القوى الدولية والإقليمية الموجودة هناك، إضافة إلى استراتيجية « المعركة بين الحروب» . ولم ينطوِ العرض على أيّ جديد، بما فيه الحديث عن بعض الإنجازات التي تحتاج إلى مزيد من التدقيق، مع الإشارة إلى أن الطابع العام للتقدير هو فشل تفكيك التحالف القائم بين أطراف  التحالف السوري ، وهو ما يُعبَّر عنه بفشل إخراج إيران وحزب الله من سوريا. على مستوى الشأن  الفلسطيني، لفت مُعلّق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» إلى أنه منذ بضع سنوات، تشغل هذه الساحة في نظر الجيش الإسرائيلي وشعبة الاستخبارات « أمان» ، مكاناً ثانوياً قياساً إلى ما يحدث في الساحة الشمالية، مضيفاً إن الافتراضات الأساسية بقيت على حالها، حتى في بداية السنة الحالية. وبحسب رأي جيش الاحتلال ، اختارت قيادة « حماس»  هدنة طويلة المدى مع إسرائيل، على أمل حدوث تحسّن كبير في الاقتصاد والبنى التحتية، فيما لا تبدو السلطة الفلسطينية متحمّسة لمواجهة عسكرية مع إسرائيل. وبالعكس، فإن دخول بايدن إلى الصورة يزيد لديها الأمل في استئناف المفاوضات السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى