أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – القدس عقدة الصراع وبوابة الحل

علي ابو حبلة – 9/11/2020

تعرضت القدس للعديد من الغزوات واحتلالها من قبل أقوام عدة العبرانيين والآشوريين والبابليين والفرس والبطالمة والرومان إلا أنها احتفظت على الدوام بطابعها العربي الإسلامي .

وقبل أن يحتلها الجيش الانجليزي سنة 1917 أثناء الحرب العالمية الأولى تحولت القدس إلى معركة بين الكنائس المسيحية في العالم للحصول على الامتيازات الدينية تحت اسم حل المسألة الشرقية. و بصدور وعد بلفور في الثاني من نوفمبر سنة 1917 الذي قضى بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ومن ثم صدور قرار تقسيم فلسطين من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947، واحتلال إسرائيل الجزء الغربي من القدس في 4 أبريل 1948، جعلت الصهيونية من القدس قضية سياسية ودينية وعرقية، وحولت إسرائيل معركة القدس إلى معركة دينية، ولم تقبل بقرار تدويلالقدس الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948 إلا بعد أن اعترفت الأمم المتحدة بقيام دولة إسرائيل، وفي سنة 1949 فاجأت إسرائيل العالم بإعلانها القدس عاصمة لها، ومضت في ابتلاع كامل مدينة القدس، وعملت على تهويد المدينة واتبعت في سياستها العبث بالتراث الحضاري العربي الإسلامي والمسيحي. ولتحقيق هدف تهويد القدس عملت إسرائيل على طرد السكان العرب المسلمين والمسيحيين من المدينة، وأطلقت سياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم الأحياء العربية وإقامة المستوطنات اليهودية، وتغيير المعالم الحضارية والثقافية والتراثية والدينية للمدينة. وإذ هدمت إسرائيل عشرات المساجد والشواهد الإسلامية فقد طالت سياستها المسجد الأقصى فتعرض لمحاولات الحرق و النسف والهدم، ففي عام 1969 كان اكبر حريق تعرض له المسجد الأقصى واستولت على حائط البراق وأسمته حائط المبكى وتعرض المسجد للحفريات بمزاعم من إسرائيل عن وجود آثار يهودية وأسفرت هذه الحفريات عن وجود آثار إسلامية بدلا من اليهودية، وتعرض المسجد الى تشقق في الجدار نتيجة لتلك الحفريات. الصراع التاريخي الديني وقد احتدم الصراع حول مدينة القدس منذ القدم لأسباب متعددة دينية وسياسية وتاريخية اثنية،

ولقد شهدت مدينة القدس أعمال التخريب والدمار على أيدي كل من حاول احتلالها على مر التاريخ إلا أن الفتح الإسلامي كان محافظا على الناس والأعراض والأموال والكنائس والمعابد والممتلكات. ويمكن ملاحظة أهمية البعد الديني والاثني في الصراع حول المدينة والذي ساد أثناء مرحلتي الصراع الأخيرتين بشكل حاسم، وهما مرحلة الصراع الصليبي الإسلامي (1099 – 1187) ومرحلة الصراع بين الحلف الاستعماري الصهيوني والأمة العربية الإسلامية (1949 ـ حتى وقتنا الحاضر). وبعد نجاح المسلمين في إفشال الحملات الصليبية المتتالية على فلسطين غدت القدس رمزاً لجهادهم من أجل استعادة الأرض والحقوق، فكان من أهم مسئوليات الكيانات السياسية المتتابعة المحافظة على القدس عربية إسلامية والعمل على تعزيز هويتها وتراثها الإسلامي.

ان الصراع القائم اليوم على القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمثل حجر الزاوية في إمكانية التوصل إلى أي حل سياسي، فالدولة الفلسطينية تعتبر القدس عاصمتها ومجالها الحيوي حيث يسكن 10 % من فلسطينيي الضفة الغربية في القدس الشرقية، وتحظى المدينة بأهمية دينية وتاريخية وثقافية وتجارية لدى المسلمين والعرب، فقضية القدس بأبعادها الدينية والسياسية والتاريخية هي جوهر الصراع ، وما يطرح من مشاريع صهيو امريكية عبر التفاوض انما يعمل على تكريس الأمر الواقع الصهيوني وينتقص  الحق العربي الإسلامي فيها. وستبقى قضية القدس أساس الصراع على مدى الأجيال القادمة ما لم يتحقق حل عادل يعيد الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، وهو ما يبدو بعيد المنال في المدى القريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى