أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – الصراع في شرق المتوسط يهدد باندلاع حرب أوروبية شرق أوسطية

علي ابو حبلة – 22/8/2020

   لعقود من الزمان، كانت نزاعات الحدود البحرية لشرق البحر الأبيض المتوسط شأنًا محليًا، تقتصر على مطالبات السيادة والمطالبات المضادة بين قبرص واليونان وتركيا، ولكن على مدى السنوات الخمس الماضية، حولت موارد الغاز الطبيعي البحرية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط إلى ساحة إستراتيجية رئيسية تلتقي من خلالها خطوط الصدع الجيوسياسية الأكبر التي تشمل الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومنطقة صراع كبيرة على النفوذ. لعبت إيطاليا وفرنسا دورًا أساسيًا في قيادة هذا التغيير، الأمر الذي جعل العلاقة المعقدة بالفعل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا أكثر عدائية.

كان التغيير في اللعبة هو اكتشاف شركة إيني الإيطالية حقل ظهر للغاز في مصر في أغسطس 2015، أكبر اكتشاف للغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط حتى الآن، والذي أظهر أن منطقة شرق المتوسط تحتوي على كميات هائلة من الغاز.

تلوح بوادر أزمة مصرية ــ تركية جديدة، لكن هذه المرة ليس بسبب التدخل العسكري التركي في ليبيا بل ترتبط بالاستكشافات البحرية التي تجريها أنقرة في منطقة شرق المتوسط، بعدما اعترضت مصر عبر وزارة الخارجية على تنفيذ سفينة تركية أعمال مسح «سيزمي» في منطقة تتداخل مع النقطة الرقم 8، التي تعدّ «منطقة اقتصادية مصرية خالصة». يأتي الموقف المصري مدعوماً بما تم التوافق عليه في «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي يضم قبرص واليونان، ليتوسع لاحقاً ويشمل  اسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية، على ما يقول موقع المنتدى الذي مقره في القاهرة. والصدام بين القاهرة وأنقرة بشأن الحدود البحرية، بعد صدامٍ آخر مع نيقوسيا ومنع بالقوة أعمال الاستكشافات للأخيرة، كاد يتحول إلى اشتباك عسكري مع اليونان الشهر الماضي، للسبب نفسه.

ليبيا في قلب الصراع ، في محاولة للخروج من عزلتها الإقليمية، وقعت تركيا في نوفمبر 2019 اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الخاصة بها مع حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وكانت الصفقة محاولة لاكتساب مكانة قانونية أكبر لتحديد الحدود البحرية التي أنشأتها اليونان مع قبرص ومصر، والتي تعتمد عليها خطط تطوير الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.

ترافق اتفاق الحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس، باتفاق تعاون عسكري يوفر لحكومة الوفاق الوطني ضمانة أمنية ضد جهود قوات خليفة حفتر، المدعومة من فرنسا ومصر، للإطاحة بالحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وقامت حكومة الوفاق الوطني بتنشيط اتفاقها العسكري رسميًا مع أنقرة في ديسمبر، وربط المواجهة البحرية المتوترة بالفعل في شرق البحر المتوسط بالحرب الأهلية الليبية.

لكن التصعيد الحالي بين تركيا من جهة وقبرص واليونان من جهة أخرى هذه المرة يختلف عن السنوات الماضية، فهو يهدد بتحول الصراع في شرق المتوسط من صراع محلي إلى صراع متعدد الجنسيات،  وفي محاولة لاستعراض الدعم القوي لليونان ضد تركيا، فقد أرسلت فرنسا سفنا حربية إلى المياه المتنازع عليها ووعدت بالمزيد، كما أعربت مصر وإسرائيل، اللتان تجريان تدريبات عسكرية مشتركة مع اليونان، عن تضامنهم مع أثينا، وفقا للمجلة الأميركية.

ومع وجود فرنسا ومصر في صراع مفتوح بالفعل مع تركيا في ليبيا، يخشى المراقبون في جميع أنحاء العالم من أن أي تصعيد إضافي في شرق البحر المتوسط يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب أوروبية شرق أوسطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى