ترجمات عبرية

عكيفا الدار – وادي الأردن ليس “كتل استيطانية”

موقع المونيتور –  بقلم  عكيفا الدار * – 5/6/2018

في مكتب رئيس الوزراء في القدس، ومثل المقاطعة في رام الله، لا يحبسون الأنفاس في انتظار الإعلان عن “صفقة القرن” المتوقع بعد انتهاء شهر رمضان. قد تركز الصفقة على إيجاد ترتيب للمناطق في الجبهة الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967، لكن بين منطلقات الطرفين فُتحت هوة ازداد عمقها في سنوات الجمود السياسي الطويلة، الجانب الفلسطيني يصر على أن تقوم المفاوضات على أساس حدود وقف إطلاق النار مع الأردن في ابريل 1949، والتي سرت لغاية 5 يونيو 1967، ويزعم الفلسطينيون بأنهم وبعد ان تنازلوا عن 78% من أراضي فلسطين التاريخية، فيجب أن تُعاد إليهم الـ 22% المتبقية، والتي احتلتها إسرائيل في حرب الأيام الستة، في الحزب الحاكم (الليكود) يعارضون أصل فكرة إقامة دولة فلسطينية في الوسط وفي اليسار الذي انحاز إلى الوسط، وهم مستعدون للاكتفاء بـ “التجمعات الاستيطانية” في الضفة، والتي ستبقى بيد إسرائيل.

مصطلح “التجمعات الاستيطانية” طُرح مرات كثيرة في المحادثات التي أجراها طاقم السلام الأمريكي برئاسة غرينبلات مع سياسيين وخبراء إسرائيليين، في أرشيفات الصحفيين وعلى مواقع مراكز البحث يمكن ان تجد الكثير من الخطط السياسية التي تقترح ان تضم إسرائيل نخبة متغيرة من “التجمعات”، العامل المشترك بين جميع تلك الخطط هو التنصل من احتياجات الجانب الفلسطيني ومن تطلعاته، إليك مثلًا: عضو الكنيست ايتان كابل من “المعسكر الصهيوني” دعا قبل أسبوعين في مقال خطه بيده في “هآرتس” إلى ان ترمى اتفاقيات أوسلو في سلة المهملات، ولا يكتفي بالقدس الشرقية و”غوش عتصيون” و”معاليه ادوميم”، كابل يريد أن يفرض – وبشكل انفرادي – القانون الإسرائيلي أيضًا على تجمع “كارني شمرون” و”أريئيل” الواقع في قلب الضفة، علاوة على أن يبقي في يد إسرائيل أيضًا غور الأردن. لا غرو في أن يُسارع رئيس حزب “البيت اليهودي” نفتالي بينت إلى احتضان كابل.

الدكتور ميخائيل بار زوهار، الذي كان عضو كنيست في حزب “العمل” في الكنيست العاشرة (1981 – 1984) وفي الكنيست الـ 12 (1988 – 1992)، ضمّ أيضًا غور الأردن إلى المناطق “التي نصمم على بقائها في دولة إسرائيل”، بار زوهار (صديق وكاتب سيرة الحاصل على جائزة نوبل للسلام الرئيس المتوفى شمعون بيرس) اقترح “رسم حدود جديدة تكون حدود دولة إسرائيل وتحصينها من خلال سور أو سياج”، رئيس حزب “العمل” آفي غبّاي رد بإلغاء مقترح ضم المناطق إلى إسرائيل من دون إطار اتفاق سياسي، غير أنه أكد على أن “التجمعات ستبقى تحت سيطرتنا”.

غبّاي يتملص هو أيضًا من مواجهة شجاعة مع القضية الجغرافية، إنه لا يجرؤ ان يقول بأنه ليس هنالك أدنى فرصة لأن يوافق الفلسطينيون على أن يبقوا في يد إسرائيل السيطرة على غور الأردن، يصعب التصديق بأن زعيم الحزب الأول في المعارضة لا يعرف ان غور الأردن يمتد على حوالي ثلث مساحة الضفة الغربية، ويمثل احتياطي أراضي وحيد لاستيعاب اللاجئين وإقامة مطار دولي، يعرف – بلا شك – أن ضم الغور إلى إسرائيل سيقسم الدولة الفلسطينية ويعزلها عن العالم الخارجي، ولكن من يهمه اليوم ما هو لصالح الفلسطينيين أو ما يريدونه!

من أجل منع ان تتحول “التجمعات الاستيطانية” عمومًا، وغور الأردن خصوصًا إلى أحجار عثرة؛ يجب توجيه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب إلى كتاب الرئيس جورج بوش الابن الذي ارسله إلى رئيس الحكومة شارون في العام 2004، بوش كان الرئيس الأمريكي الأول الذي دعم رسميًا ضم مناطق إلى إسرائيل. في الرسالة التي حظيت بمصادقة مجلسي الكونغرس تقرر انه “على ضوء الواقع الجديد على الأرض، بما في ذلك التجمعات السكنية الإسرائيلية الكبرى، ليس واقعيًا التوقع بأن تكون نتيجة المفاوضات حول اتفاق دائم الرجوع الكامل والتام إلى حدود وقف إطلاق النار 1949″، بوش أوضح أنه يجب القيام بذلك كجزء من اتفاق السلام النهائي (بمعنى ليس خطوة إسرائيلية أحادية).

مصطلح “التجمعات السكانية الكبرى” يُخرج غور الأردن دفعة واحدة من قائمة “التجمعات الاستيطانية”، عدد السكان اليهود في المنطقة يبلغ أقل من عشرة آلاف نسمة، ينتشرون في 22 تعاونية وكيبوتس، وفي تعاونيتين فقط يزيد تعداد السكان عن الألف. حسب المعطيات التي تنشر في بحث الدكتور شاؤول اريئيلي “المسيحية على صخرة الواقع”؛ في نصف دزينة المستوطنات في الغور تسجل في العام 2015 هجرة سلبية.

بالإضافة إلى حساب التجمعات السكانية الإسرائيلية في المناطق، أشار الرئيس بوش في رسالته إلى أن على إسرائيل أن تكون بين حدود آمنة ومعروفة بما يوافق قرارات مجلس الأمن 242 و338. حتى عندما لم تسيطر إسرائيل على الصفة الغربية تطلب الأمر من الجيش الإسرائيلي أقل من أربعة أيام لكي يصل إلى حدود نهر الأردن واحتلاله، بما في ذلك القدس الشرقية، وحتى قبل التوقيع على اتفاقية السلام مع الأردن (1994) كانت الحدود الشرقية الأكثر أمنًا وهدوءًا، بما في ذلك حرب “يوم الغفران”، حيث امتنعت الأردن عن التدخل فيها، وأكثر من ذلك اليوم حيث يرفرف علم إسرائيل فوق سفارتها في العاصمة عمان. ورغم ذلك كله، في المحادثات حول الحل النهائي والتي أجريت على مر السنين؛ وافق الجانب الفلسطيني على تواجد جهات دولية في الضفة الغربية وعلى المعابر الحدودية مع الأردن.

خلال 51 عامًا، تتصرف إسرائيل في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية وكأنها بلادها، في مجهود زائف لفرض حقائق ديموغرافية وسياسية غير قابلة للتحول. بدلًا من الاستمتاع معه ببناء تجمعات استيطانية في الهواء، على الرئيس ترامب ان يعيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى أرض الواقع؛ ترتيب حل الدولتين على أساس خطوط الـ 4 من حزيران 1967 وتبادل أراضٍ متفق عليها، هذا المنطلق يجب ان يكون رد الفلسطينيين على صفقة القرن. ليس البديل ترسيم الحدود على طريقة “افعل ذلك بنفسك” وضم التجمعات الاستيطانية كما تريد، شهادة وفاة حل الدولتين هي شهادة ميلاد حل الدولة العنصرية.

* أكيفا إلدار كاتب عمود في موقع “إسرائيل-بولس” لموقع “المنيور”.  صحفي كبير وعندي سابق في هآرتس.  شغل منصب المراسل السياسي للبلاد ورئيس المكتب الأمريكي في واشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى