أقلام وأراء

عدلي صادق يكتب – مزاعم ترامب باتت وراء الأميركيين

عدلي صادق *- 19/12/2020

وول ستريت جورنال الصحيفة الأكثر تأييدا لترامب تعلن أن طعونه استكملت مسارها ولم يعد أمامه هو وأعضاء الحزب الجمهوري إلا مساعدة البلاد وأنفسهم من خلال الاعتراف بالنتيجة والمضي قدما.

خاطب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الأميركيين داعياً إلى الوحدة و”الشفاء” من العصاب الذي رافق العملية الانتخابية. وكما أشار فريقه الانتقالي في بيان صحافي سابق، أكد بايدن في حديثه إلى الشعب الأميركي على ضرورة “طي الصفحة” مُذكّراً بأن السياسيين في الولاياتالمتحدة “لا يأخذون السلطة على هواهم، وإنما الشعب هو الذي يمنحها لهم”.

بيان الفريق الانتقالي للرئيس الديمقراطي قال إن أمامهم عملا عاجلا سيكون أكثره إلحاحاً “السيطرة على وباء كوفيد – 19 وتطعيم الشعب الأميركي ضد هذا الفايروس، مع تقديم المساعدة الاقتصادية الفورية للأميركيين الذين أضرت بهم الجائحة التي آذت الاقتصاد”. وقد نوّه الفريق الانتقالي إلى ضرورة العمل لإعادة بناء الاقتصاد ليصبح أفضل من أيّ وقت مضى.

كذلك لم يفت فريق بايدن الانتقالي، القول إن معركتهم كانت “من أجل روح الولايات المتحدة التي سادت وانتصرت” مؤكدين على أن نزاهة الانتخابات في الولايات المتحدة لا زالت على حالها.

” حاول ترامب الاستفادة من نظام انتخابي معقد، يعود تاريخه إلى ثمانينات القرن الثامن عشر، يكرس إجراءات فوز المرشح في الانتخابات الرئاسية، من خلال فوزه بالعدد الأكبر من أصوات المجمع الانتخابي “.

وكان المجمع الانتخابي الأميركي قد أعلن رسمياً، أن المرشح الديمقراطي بايدن، حقق فوزاً سهلاً، بحصوله على 306 أصوات في المجمع مقابل 232 لدونالد ترامب، الذي لم يعد أمامه أية وسيلة لتغيير الحصيلة الإجمالية أو عرقلة النتائج، ما خلا مناورة أخيرة لإقناع الكونغرس بعدم المصادقة على نتائج فرز الأصوات، يوم 6 يناير المقبل، وهذا أمر مستبعد تماماً، بعد حسم المجمع الانتخابي النتيجة وتأكيده على الفارق الكبير بين الفائز والخاسر.

وقد بات من شبه المؤكد أن الجمهوريين لن يستطيعوا إحباط تسلم بايدن منصبه الرئاسي يوم 20 يناير. فالديمقراطيون يسيطرون على مجلس النواب، ثم إن العديد من أعضائه الجمهوريين، قد اعترفوا بفوز بايدن. بل إن الانهيار في جبهة الحزب الجمهوري، على صعيد مساندة ترامب، يتوالى، إذ تخلت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” المؤيدة له بشدة ويعوّل عليها، وكتبت أن زمنه قد ولّى!

وأغلب الظن، أن الأمر لن يقتصر على فشل ترامب في تحويل الدفة لصالحه، على الرغم من الفارق الكبير لصالح بايدن، بل سيواجه نتائج عناده، حتى على مستوى الحزب الجمهوري. فقد أحدث شرخاً في البنية الديمقراطية الأميركية، وبسبب طموحاته ونرجسيته، شكك بطريقة غير مسبوقة في النظام الانتخابي وفي مصداقية الإدارة والعملية الانتخابية. وواجهته عناصر الحزب الجمهوري نفسه، ورفض المُشرّعون في ولايات أميركية طلباته، وكتبت الصحيفة السابقة أن طعون ترامب القانونية “استكملت مسارها، ولم يعد أمامه هو وأعضاء الحزب الجمهوري إلا مساعدة البلاد وأنفسهم من خلال الاعتراف بالنتيجة والمضي قدماً”.

على الرغم من ذلك، واصل ترامب حملته الضارية لتحويل هزيمته الكبيرة إلى نصر أكبر، حتى بعد إعلانه أنه سيترك البيت الأبيض عندما يصوّت المجمع الانتخابي لصالح بايدن، وبعد أن فشلت الدعاوى القضائية التي رفعها للطعن في عملية فرز الأصوات، وتثبيت مزاعم التزوير.

لقد حاول ترامب الاستفادة من نظام انتخابي معقد، يعود تاريخه إلى ثمانينات القرن الثامن عشر، يكرس إجراءات فوز المرشح في الانتخابات الرئاسية، ليس من خلال حصوله على أغلبية الأصوات الشعبية وإنما من خلال فوزه بالعدد الأكبر من أصوات المجمع الانتخابي، وهذا تدبير ناشئ عن الاقتصاد الرأسمالي، الذي يخصص عدداً مدروساً من الأصوات الانتخابية لكل ولاية من الولايات الخمسين ومقاطعة كولومبيا، حسب وزنها الاقتصادي ودخلها الإجمالي العام، تاريخياً، مع عدد سكانها.

وكانت خاتمة الضربات التي تلقاها ترامب، ولم يكن يتوقعها، تنحي النائب العام الأميركي وليام بار، بعد تأكيد المجمع الانتخابي على فوز بايدن بفارق كبير. وكان بار، الموالي في الأصل لترامب، قد رفض التماشي مع مزاعمه الخاطئة، والإدعاء بأن انتخابات نوفمبر الماضي قد شابها التزوير، وأعلن مبكراً أنه سيغادر موقعه، قبل شهر من أداء بايدن اليمين الدستورية. ويتولى نائب المدعي العام جيف روزين منصب النائب العام بالنيابة بعد رحيل بار.

وكانت مشكلة ترامب مع المدعي العام، تصريح الأخير، بأن تحقيق وزارة العدل الأميركية، لم يجد أي علامة على وجود تزوير كبير في الانتخابات. وكان ذلك التصريح يتعارض مع مزاعم ترامب الذي وصف موقف النائب العام بأنه “خيبة أمل كبرى”.

” المرشح الديمقراطي بايدن، حقق فوزاً سهلاً، بحصوله على 306 أصوات في المجمع مقابل 232 لدونالد ترامب، الذي لم يعد أمامه أية وسيلة لتغيير الحصيلة الإجمالية أو عرقلة النتائج “.

ويبدو أن ترامب كان يراهن على مجموعة من القانونيين الموالين لتضليل الرأي العام وتضليل العدالة. لكن الذي حدث أن المحكمة العليا الأميركية، رغم أنها ذات غالبية جمهورية، ومن ضمنها ثلاثة قضاة عينهم ترامب نفسه، رفضت مجرد النظر في طعن قدمته سلطات ولاية تكساس، وطعن آخر قدمه جمهوريون شديدو الولاء لترامب، بهدف إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية في عدد من الولايات.

الآن، أصبحت إشكالية ترامب ورفضه قبول نتائج الانتخابات، وراء الأميركيين جميعاً، وبات التحدي الأول، هو جائحة كورونا. لكن، ما حدث منذ الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الماضي أوقعهم في مأزق سياسي يطال النظام الانتخابي.

على الرغم من تكاثر الأمثلة على إسهام الأميركيين من كل الأعراق في المنجزات الأميركية الحضارية والعلمية، ومن بينها إنجازات التوصل إلى لقاح لكوفيد – 19، إلا أن النزعات العنصرية تتنامى موصولة بإحباطات اقتصادية، حاول ترامب معالجتها بالصدمات والصراعات ومحاولات الاستحواذ على علاقات خضوع مع دول أخرى، والحط من قيمة التعاون والاحترام المتبادل ولو في حده الأدنى.

*عدلي صادق –  كاتب وسياسي فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى