غزة

عدة اعتبارات خلف تحفظ المؤسسة الأمنية في إسرائيل تجاه عملية واسعة في غزة

الناصرة ـ «القدس العربي» – من وديع عواودة – 15/10/2018

خلافا لموقف حكومة الاحتلال التي تنذر غزة بالتهديد والوعيد وبضربات موجعة جدا وشيكة، تبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحفظها من مواجهة واسعة غير ضرورية. ومع ذلك، في ضوء التصاعد في قطاع غزة، تستعد القيادة الجنوبية في جيش الاحتلال للرد بشكل أكثر حدة على المظاهرات قرب السياج في أيام الجمعة.

وفيما اعتبر مراقبون أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعلن تحفظها من ضربة واسعة بهدف الاحتفاظ بالقدرة على المباغتة، يرى محللون إسرائيليون آخرون أن المؤسسة الأمنية تبحث عن تهدئة مع غزة لانشغالها في جبهة الشمال مقابل حزب الله وإيران في سوريا.

كما يشير هؤلاء إلى أن المؤسسة الأمنية تدرك أن الحل ليس عسكريا  استنادا لتجارب عدة حروب وقعت في العقد الأخير أدت للمساس بإسرائيل وهيبتها، وتسببت بمقتل وإصابة مئات الجنود والمدنيين فيها أيضا، علاوة على مخاطر نزع شرعية إسرائيل في العالم نتيجة المساس بالمدنيين الفلسطينيين.

المنطقة العازلة

ولكن قد يقوم الجيش الإسرائيلي بتوسيع المنطقة العازلة التي يُحظر على المتظاهرين الدخول إليها، لمنع الفلسطينيين من عبور السياج، كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي. وقال مسؤول كبير في الجهاز الأمني للإذاعة العامة أمس إنه في ضوء الوضع في قطاع غزة، سيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي القيام بعمليات قتالية في قطاع غزة دون تعرض إسرائيل لانتقادات دولية، ولتجنب مواجهة عسكرية حتى نهاية عام 2019، الموعد المحدد للانتهاء من بناء العائق الحدودي الذي سيحبط الأنفاق الهجومية الموصلة إلى أراضي 48.

ووفقا للمسؤول الإسرائيلي فإن الوضع الإنساني في غزة على وشك الانهيار. كما قال إنه أثناء القتال في غزة، على الجيش التأكد من أن السكان المدنيين لديهم ما يكفي من الضروريات الأساسية، وأن السلطات لديها القدرة على علاج الجرحى. ويضيف استنادا لتجارب حروب سابقة على غزة استدعت حملة انتقادات دولية واسعة ضد الاحتلال «في غياب شبكة الأمان هذه، ستؤدي جولة من القتال في غزة إلى إلحاق ضرر شديد بالسكان، وهو ما سيحد من نطاق عمل الجيش الإسرائيلي في ضوء الانتقادات الدولية».

ضغوط الشارع الإسرائيلي

بالإضافة إلى ذلك، فإن تقييم نظام الاستخبارات الإسرائيلية، كما يؤكد المصدر الإسرائيلي، هو أن المدنيين في غزة محبطون في ضوء عدم تحقيق حماس إنجازات في المظاهرات وبسبب سلوكها في ظل الوضع الإنساني الصعب».

واستنادا إليه تقدر الاستخبارات الإسرائيلية أن حماس تدرك موقفها الإشكالي، وبالتالي من الضروري تحقيق الهدوء في الميدان من خلال استنفاد محاولات تحقيق عملية التسوية. في الوقت نفسه، يدرك الجيش الإسرائيلي أن الشارع الإسرائيلي يمارس ضغوطا متصاعدة على المستوى السياسي للعمل، لاسيما بعد الكشف عن اشتعال 1000 حريق في النقب منذ الربيع الماضي بسبب البالونات والطائرات الورقية المشتعلة التي باتت تصل للقدس ومناطق أخرى في عمق البلاد، كما كشف أمس.

وستقوم المؤسسة الأمنية بإجراء تقييم آخر للوضع قبل المظاهرات يوم الجمعة القريب.

في المقابل دعم الجهاز الأمني الإسرائيلي وقف نقل الوقود الممول من قبل قطر، في أعقاب حادث اختراق الجدار يوم الجمعة، لكن مصادر في الجهاز انتقدت تصريحات وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، الذي اشترط استمرار نقل الوقود بالهدوء الأمني الكامل.

ووفقاً للمؤسسة الأمنية، فإن الوقود ضروري للحفاظ على الظروف المعيشية الأساسية في قطاع غزة وليس هناك خيار سوى تجديده.

وتتوقع صحيفة «هآرتس» أن يتم في الأيام المقبلة، التوصل إلى حل وسط بشأن هذه المسألة من خلال الوسطاء، الأمر الذي سيمكن الأطراف من التوصل إلى تفاهمات دون أن يتسبب في إظهار الطرفين كمن تراجع.

الامتحان يوم الجمعة

ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصدر شارك في الاجتماع الوزاري المصغر أول من أمس، قوله إن نتنياهو عبر عن نفسه اليوم بطريقة لا رجعة فيها.» وأضاف»ستعاني إسرائيل من الاستفزازات التي تقوم بها حماس خلال هذا الأسبوع، لكن الاختبار الكبير سيكون يوم الجمعة، بعد أن تجاوزت صفاقة حركة حماس، خاصة بعد إدخال الوقود».

ووفقا للصحيفة المقربة جدا من نتنياهو فإن «هذه هي حرب معروفة سلفًا ولن تكون مختلفة عما رأيناه في الجرف الصامد أو في الجولات السابقة. ففي غزة سيبقى بعدها مليونا شخص جائعين، ولكن في ظل الظروف التي نشأت، إذا لم تكبح حماس جماحها، فلن يكون هناك أي خيار الا الحرب».

ونقلت هي الأخرى عن المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القنوع قوله إن التهديدات التي وجهها مسؤولون إسرائيليون كبار في الأيام الأخيرة «قديمة ومكررة ولا تترك أي انطباع ولا تخيف أحدا، وإن هذه تعكس الأزمة داخل الكيان الصهيوني بسبب الضغط وتكثيف مسيرات العودة».

وانضم وزير البنى التحتية يوفال شطاينتس لنتنياهو وليبرمان وشارك بالتهديدات الموجهة لحماس.

فقدان الردع

وقال شطاينتس في تصريحات لإذاعة جيش الاحتلال أمس «نحن على عتبة انفجار كل لحظة، ونحن غير معنيين باجتياح غزة ولو كنا نريد احتلالها لكنا فعلنا ذلك بطريقتنا الخاصة».

في المقابل تحفظ رئيس المخابرات العامة «الشاباك» السابق يورام كوهين من مقولة فقدان قوة الردع الإسرائيلية. وقال لإذاعة جيش الاحتلال إن تهديدات إسرائيل من شأنها أن تطبق قريبا من خلال ضربات جوية بالأساس.

وفي هذا السياق حذر المحلل لشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل من أن إسرائيل من شأنها أن تسدد ثمن التوتر بين حماس وفتح في القطاع. وأوضح أمس أنه فيما تعمل حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال على تقليل حدة التقارير الواردة عن الاحتجاجات في الحدود مع غزة، لكن الأوضاع في الميدان تزداد اشتعالا.

وتابع «في حال استمرت صراعات القوة بين حماس وفتح فإن الوقود القطري أيضا لن يحول دون التدهور في القطاع  الذي يشهد مجددا سباقا مع الزمن بهدف منع التصعيد العسكري من جديد».

واتهم هارئيل السلطة الفلسطينية بالسعي لإحباط مساعي قطر والأمم المتحدة، وقال إنها تهدد أيضا بإلغاء اتفاقات الوقود المعدة للضفة الغربية من إسرائيل وتقليص التنسيق الأمني معها.

كما حذر محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوسي يهوشع أمس من استمرار الوضع الراهن. وقال إن سياسة إسرائيل مع غزة تعتريها البلبلة، وأنها تعيش « من جمعة إلى جمعة»، معتبرا أن المشكلة الجوهرية تكمن في تهديدات إسرائيلية دون تغطية. ويتابع نقده «في الصباح تطلق إسرائيل تهديدات وفي المساء يمنحون فرصة للتسوية مجددا. من كان فعلا راغبا بالرد لقام بهجمات ضد حماس يوم الجمعة الماضي».

وردا على سؤال من إذاعة جيش الاحتلال اعترف النائب المقرب من الحزب الحاكم بفقدان قوة الردع، معللا ذلك بأن الجيش هو المسؤول عن ذلك لأنه يوصي بعدم القيام بحملة عسكرية واسعة، زاعما أن الجيش هو الجهة المهنية المسؤولة وأن أيدي الحكومة مقيدة من هذه الناحية.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى