أقلام وأراء

عبيدة مردوخ يكتب – لهذا لن تدخل اسرائيل في حرب مع غزة في الوقت الراهن

عبيدة مدوخ – مختص بالشأن الاسرائيلي  – 25/8/2018

في ظل المساعي والجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية في غزة وما سيعقبها من تهدئة طويلة المدى بين حماس واسرائيل ، يظهر أمامنا مجموعة من العقبات والعراقيل التي تحول دون التسريع في إتمام التسوية ، الأمر الذي أدى إلى تغلغل اليأس والإحباط لدى الكثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة ، وكذلك الأمر لدى جمهور الاحتلال الاسرائيلي في غلاف غزة .

ومن بين أهم هذه العقبات والعراقيل التي تقف عائقا في تحقيق التسوية ، المراوغة الاسرائيلية للعب على عامل الزمن مع قطاع غزة بهدف ملائمة ظروف وشروط التسوية مع ما تريده اسرائيل قدر الإمكان ، وإن كانت اسرائيل تعمل على تصدير رئيس السلطة عباس أمام الرأي المجتمعي والدولي على أنه هو الذي يقف عائقا في جهود التوصل إلى التسوية من خلال عرقلة جهود المصالحة بين فتح وحماس ، فلا يخفى على أحد بأن عباس لا يقدر على مخالفة الأوامر الاسرائيلية إذا ما صدرت له بإتمام ملف المصالحة تمهيدا لتحقيق التسوية في غزة .

لقد أصبحت التسوية في غزة مطلبا اسرائيليا حثيثا في ظل كونها البديل الأوحد للمواجهة العسكرية التي تعتبر الهاجس الأكبر في الوقت الراهن بالنسبة للقيادة الاسرائيلية ، حيث أن اسرائيل لن تقدم على الدخول في عملية عسكرية مع غزة في الوقت الراهن لاعتبارات عديدة من أهمها :

·         التقديرات والتوقعات التي تتحدث عن انتخابات اسرائيلية مبكرة في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر ، الأمر الذي يدفع القيادة السياسية وفي مقدمتهم رئيس الحكومة نتنياهو إلى الحرص قدر الإمكان على الخروج من فترة ولاية الحكومة الحالية بدون أي حروب أو عمليات عسكرية تُذكر ، لما في ذلك من أهمية كبيرة في  رفع أسهم القادة السياسيين في الانتخابات المقبلة ، حيث أن الجمهور الاسرائيلي يقيس مدى نجاح قيادته السياسية والعسكرية من خلال مدة الهدوء الأمني التي تسود الحدود الاسرائيلية خلال فترة ولاية هؤلاء القادة  .

·         اقتراب انتهاء فترة ولاية رئيس الأركان الحالي الجنرال غادي أيزنكوت ، حيث أن الجنرال أيزنكوت يحرص هو أيضا إلى انهاء فترة ولايته في منصبه كرئيس لأركان الجيش بدون أي حروب أو عمليات عسكرية تُذكر ، لما في ذلك أيضا من تأثير كبير على مستقبله في الحياة السياسية ، لا سيما وإن أيزنكوت يمتلك تأثيرا كبيرا جدا على قرارات الكابنيت العسكرية ، فليس من المبالغة القول بأن رئيس الأركان الجنرال غادي أيزنكوت يعتبر بمثابة الكابح الأكبر لجموح القادة السياسيين في اسرائيل فيما يتعلق بالقضايا العسكرية .

·         طبيعة المستوطنين الاسرائيليين الذين يقطنون في غلاف غزة ، حيث يدور الحديث عن شريحة من المجتمع الاسرائيلي تقطن في الكيبوتسات والموشافات الزراعية ،  كما أنها تتميز بأنها فئة يسارية وليبرالية ، وهذا الأمر له من التأثير الملموس على محددات العلاقة الاسرائيلية مع قطاع غزة ، وذلك  من خلال الضغوط التي يمارسونها على حكومتهم للعمل على استعادة الهدوء الأمني من خلال التسوية السياسية مع غزة وليس من خلال العمل العسكري ، وهذا ما لاحظناه في المظاهرات الاحتجاجية الأخيرة التي شارك بها مستوطنو غلاف غزة في تل أبيب ، حيث كانت الشعارات التي يرفعها المتظاهرين تنادي بالحل السياسي مع غزة لاستعادة الهدوء الأمني لمستوطنات الغلاف .

·         إدراك المنظومة الأمنية والسياسية  بأن اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا في حال أقدمت على تنفيذ  عملية عسكرية في غزة لا يساوي الانجازات السياسية التي ستحققها اسرائيل من وراء مثل هذه العملية العسكرية .

·         التدخل الإقليمي والدولي بما في ذلك الوساطة المصرية والأمريكية للحيلولة دون الانجرار إلى حرب جديدة بين اسرائيل وحماس في غزة ، وهذا ما لمسناه في جولات التصعيد الأخيرة من خلال الجهود الحثيثة التي كان يبذلها مبعوث الأمم المتحدة ملدنوف لإخماد النيران بين الطرفين بأسرع وقت ممكن .

·         التوتر الذي يسود الجبهة الشمالية والتي تعتبر التهديد الأكبر والأخطر على اسرائيل من جبهة غزة ، في ظل التمركز الإيراني في سوريا ، وتنامي قوة تنظيم حزب الله في لبنان.

·         الجدار الحاجز المضاد للأنفاق الذي تقوم اسرائيل ببنائه على الحدود البرية مع قطاع غزة لتحييد خطر الأنفاق الهجومية ، فلا شك بأن قادة الجيش سيقفون حاجزا منيعا أمام الكابنيت السياسي الأمني لمنع تنفيذ  أي عملية عسكرية جديدة في غزة قبل الانتهاء من بناء الجدار ، لما في ذلك من أهمية عسكرية كبيرة على مجريات المعركة المقبلة في غزة ، حيث أن الحديث يدور عن جدار ممتد يصل ارتفاعه حتى ستة أمتار ، سيؤدي بنائه إلى إدخال تغييرات جوهرية كبيرة في التكتيكيات الدفاعية والهجومية التي يتبعها الجيش الاسرائيلي مع غزة ، والتي من  بينها تحييد خطر عمليات الإنزال خلف خطوط العدو كالتي نفذتها المقاومة في حرب 2014 .

·         اقتراب موسم المدارس في اسرائيل ، حيث إن الإجازة الصيفية لطلبة المدراس والجامعات في اسرائيل ستنتهي خلال أيام معدودة بتاريخ 1-9-2018 ، وهذا الأمر يؤخذ بعين الاعتبار في قرارات الحرب الاسرائيلية ، كما حصل في حرب 2014 ، حيث إن اقتراب موعد افتتاح العام الدراسي الجديد انذاك كان من أهم العوامل التي دفعت اسرائيل لإنهاء الحرب ووقف اطلاق النار مع حماس .

·         موسم الأعياد ، فكما هو معروف فإن شهر 9 المقبل ملئ بالأعياد اليهودية والتي تحتفل بها اسرائيل بشكل رسمي ، وهذا أيضا له من التأثير الكبير على قرارات الحرب الاسرائيلية ، وأمامكم الجدول  الزمني للأعياد المقبلة في اسرائيل:

–          عيد رأس السنة بتاريخ 9/9/2018

–          يوم صوم جداليا بتاريخ 12/9/2018

–          عيد يوم  الغفران بتاريخ 18/9/2018

–          عيد العرش بتاريخ 23/9 /2018 ، ويستمر حتى تاريخ 30/9/2018

–          عيد الأنوار بتاريخ 2/12/2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى