عاموس يدلين يكتب – المعضلة الاسرائيلية
يديعوت – بقلم عاموس يدلين – 5/12/2018
احدى المعاضل الصعبة والاثقل وزنا التي تقف امامها القيادة السياسية والامنية وهيئة اركان الجيش الاسرائيلي هي القرار بعملية وقائية في مواجهة تهديد استراتيجي كبير أو الامتناع عن العملية وتحمل نتائجها المستقبلية الجسيمة.
ان الاعتبارات المؤيدة للخروج الى حملة مبادر اليها ووقائية هي الفهم بان عدم العملية ستسمح للعدو بان يوجه الى اسرائيل تهديدا وجوديا او تهديدا استراتيجيا من الدرجة العليا سيكلفها ضحايا كثيرين وصعوبة في الانتصار في حرب مستقبلية. اما الاعتبارات ضد الحملة المبادر اليها والوقائية فهي خطر التصعيد للحرب، غياب الشرعية والتقدير بانه رغم الامتناع عن اعمال وقائية فورية، يوجد في اسرائيل او في وسعها ان تطور جوابا مناسبا للتهديد في المستقبل حتى لو لم يوقف في الحاضر.
اما التهديد الوجودي الذي لا لبس فيه، غير التقليدي، تبنت اسرائيل “عقيدة بيغن” وعملت على تدمير البرامج النووية العراقية والسورية في 1981 و 2007 على التوالي. في الحالتين كان النجاح مزدوجا. فالهدف العملياتي تحقق دون التدهور الى حرب او الى ثمن سياسي باهظ. وفي مواجهة البرنامج النووي الايراني، في المعضلة التي بين التسليم بالقنبلة الايرانية وبين خطوة احباط البرنامج، اختارت اسرائيل الانتظار. فالاتفاق السياسي الذي حققته القوى العظمى مع ايران في 2015 أتاح تأجيل القرار الى مستقبل أبعد.
اما انفاق حزب الله المتوغلة فهي تهديد بحجم آخر. فهي جزء من استراتيجية “خطوة برية حيال الجليل”، التي أعلن امين عام حزب الله عنها منذ بداية العقد الحالي.
المعضلة الاستراتيجية التي وقف الكابنت وهيئة الاركان امامها هي الاختيار بين:
1.تنفيذ خطوة مبادر اليها الان لاحباط التهديد بقليل من الشرعية الدولية، كون العملية تتم في الاراضي الاسرائيلية. كل هذا في ظل نقل رسالة استراتيجية لحزب الله، الذي ثبت منظوماته العسكرية على السرية والمفاجأة، وان عليه أن يأخذ بالحسبان بانه مخترق، منكشف وقابل للاصابة امام المساعي الاستخبارية الاسرائيلية. رسالة استراتيجية اخرى هي للامم المتحدة وللاسرة الدولية، وبموجبها فان منظومة الانفاق العسكرية لحزب الله حفرت من تحت اقدام القوة الدولية ونظام الرقابة على تنفيذ قرار مجلس الامن 1701 في ظل خرق السيادة الاسرائيلية وقرار الامم المتحدة.
2.تأجيل الخطوة – تأجيل كهذا يمكن أن يسمح بحرب مستقبلية ان توقع على حزب الله ضربة هامة ومفاجئة حين يكون مقاتلوه داخل الانفاق. وابقاء الخيار للخروج في حملة كهذه في زمن الحرب، هو الاخر ليس معفيا من المخاطر، إذ ان هذا عمل محاذ للجدار ممكن ان يكلف اصابات عديدة في زمن القتال. اضافة الى ذلك، فان التأجيل يسمح باستمرار تعزيز وحفر مزيد من الانفاق حتى الحرب، الجهد الذي يحتمل أن يكون حزب الله سيتركه بعد أن فهم بان لاسرائيل قدرة استخبارية وتكنولوجية على تدمير انفاقه.
ومع ذلك، فما هو مهم أن نذكره هو أن مشروع الانفاق ليس الجهد الوحيد ولا حتى الاساس لحزب الله. “مشروع التدقيق”، أي تحويل صواريخ حزب الله الى منظومات توجيه دقيقة، يوجد في قلب المعضلة التي لا تزال أمامنا. وهذه المعضلة قريبة اكثر من تعقيدها لحالات الماضي والحاضر في العراق، سوريا وايران.
عندما سيقرر الكابنت كيف يعمل في مسألة السلاح الدقيق، فان عليه أن يجيب لنفسه على الاسئلة التالية:
هل شدة تهديد “مشروع التدقيق تدخل ضمن منطق “عقيدة بيغن”؟ هل يوجد لاسرائيل قدرة على التصدي للتهديد المحدق في حرب مستقبلية من ناحية قدرات التحصين، قدرات الدفاع الفاعل (حيتس، مقلاع داود، القبة الحديدية) وقدرة الهجوم الناجعة للمنظومة عند اندلاع الحرب؟ هل استنفدت كل البدائل السياسية والسرية لوقف المشروع، واذا كان نعم، فمتى هي النقطة الزمنية الصحيحة للعملية؟ هل اسرائيل جاهزة لتصعيد شامل مع حزب الله؟ وهل المخاطرة من عدم العملية اكبر من خطر العملية؟
رئيس الاركان غادي آيزنكوت جدير بكل التقدير على الحملة الاستخبارية والتكنولوجية التي قادها للمس الشديد بالذخر العملياتي الهام لحزب الله. اما التحدي الاكبر فيقف امام بديله أفيف كوخافي.