ترجمات عبرية

عاموس يدلين / التصعيد في الجنوب – حماس تخطيء مرة اخرى

يديعوت – بقلم  عاموس يدلين  – 15/7/2018

الهدف السياسي لحكومة اسرائيل حيال حماس في غزة غامض. فمدى الهدف يراوح بين تصفية حماس والتسليم بوجودها كصاحبة السيادة في غزة وتوجيه سياسي معتدل للجيش الاسرائيلي. بالمقابل، فان الهدف الامني لحكومة اسرائيل حيال القطاع متواضع: الهدوء وتقليص التهديد العسكري على اسرائيل. والطريق الى تحقيقه يبقى خليط من الردع العسكري، الادوات المدنية – الاقتصادية، والرقابة الوثيقة على دخول البضائع الى القطاع.

بعد نحو أربع سنوات على نهاية حملة الجرف الصامد، تحاول حماس التخلص من ضائقتها العميقة من خلال تحدي اسرائيل بهجمات “دون حافة الحرب”. في الاشهر الاخيرة خرق الهدوء في الجنوب وحماس مرة اخرى تخطيء في تقدير قدرتها على التحكم في التصعيد وتصميم قواعد لعب جديدة وفرضها على اسرائيل.

حماس، التي توجد في ضائقة اقتصادية ومن حيث قدرة الحكم وفي عزلة سياسية، علقت في مأزق في محاولاتها العسكرية لان تفرض على اسرائيل تنازلات اقتصادية بوسائل عسكرية. فتطوير العائق التحت ارضي على حدود القطاع يدمر الانفاق التي بنتها حماس بكد شديد، واضافة الى “القبة الحديدية” كرد على التهديد الصاروخي. ولضيق الحال عليها توجهت الى وسائل اخرى. بداية في الهجمات الشعبية في صورة مدنية (“مسيرات العودة”) على الجدار، ولاحقا بالطائرات الورقية والبالونات الحارقة. وحيال رد اسرائيل ردت المنظمة باطلاق عشرات قذائف الهاون والصواريخ على بلدات غلاف غزة. كل هذا انطلاقا من الافتراض بان هذه الوسائل لن تؤدي باسرائيل الى تصعيد الوضع، وان مجال مناورتها حيالها واسع. وهي مخطئة.

بشكل متضارب، اذا ما أظهرت اسرائيل تصميما وعدم امتناع عن جولة اجرى، فهناك احتمال بان تعيد حماس حسابها وتبحث عن سلم لتنزل عن الشجرة. أما اذا أبدت اسرائيل ضعفا وخوفا من جولة اخرى، مثلما في الماضي، فان حماس ستواصل استخدام الارهاب امام الغلاف بشكل يفرض دخولا محتما في معركة اخرى من القتال في القطاع.

ان المس بالسيادة الاسرائيلية، التشويش على نسيج الحياة في بلدات الغلاف، والعطف الشديد في وسائل الاعلام، كل هذا يستدعي من حكومة اسرائيل أن توضح بانها لن تسلم بتحديات حماس. وقد مثل الجيش الاسرائيلي ذلك بسلسلة هجمات واسعة على اهداف بنى تحتية عسكرية لحماس. ومع ذلك، في هذه المرحلة فان الطرفين حذران من الوصول الى الدرجة العليا لجولة حربية كاملة. حماس تمتنع عن اطلاق الصواريخ الثقيلة التي لديها وقيدت مدى النار بغلاف غزة، بينما اسرائيل حرصت على تقليص الخسائر البشرية في حماس في المنشآت التي هاجمتها. ومع ذلك، فان تصعيد تبادل النار يرفع المخاطرة باصابات في الطرفين، والتصعيد في اعقاب ذلك.

وبالتالي، فان احتمال الوصول الى مواجهة واسعة قائم بالتأكيد. والامتناع عنها يستوجب كما أسلفنا ان تعمل اسرائيل في محورين متوازيين ومتضاربين ظاهرا: ابداء التصميم والاستعداد لتصعيد واسع من جهة، وترك مخرج تسوية لوقف التصعيد بالشروط المقبولة عليها من الطرف الاخر.

في ضوء دروس الحملات السابقة في غزة، من الصواب الاستعداد للمواجهة المحتملة التالية، بحيث أن حفظ حكم حماس لن يكون اضطرارا على اهداف المعركة؛ فمدرجات التصعيد يجب أن تكون سلسة ومفاجئة، وليس متراكمة بالتدريج. وبالتوازي للفعل العسكري، يجب تحريك آليات انهاء سياسية، لغرض تحقيق المصالح الاسرائيلية. وذلك عبر محافل مثل مصر، ومبعوث الامم المتحدة نيكولاي ملدنوف.

بعد أن يتم ايضاح موازين القوى ويقدم جواب معقول على مطالب الطرفين، يحتمل ان تنضج الظروف لتسوية محدودة من “الهدنة الصغيرة”. تسوية سياسية بهذه الروح جديرة بان تتضمن اعادة المدنيين والمفقودين الاسرائيليين؛ تحسين الوضع الانساني في القطاع؛ اقامة مشاريع بنى تحتية في مجالات الكهرباء، المياه، المجاري والمواصلات؛ فتح مضبوط للمعابر وفق مقاييس امنية متصلبة؛  نزع سلاح منظمات الارهاب والاجهزة لمنع اعادة تأهيل وتعاظم قوة الذراع العسكري. “هدنة صغيرة” كهذه يمكن أن تنخرط ضمن “صفقة القرن” التي تتوجه اليها ادارة ترامب وتبدي الدول العربية هي الاخرى استعدادها للانضمام اليها.

ينبغي الامل بان الاهدف الامني لاسرائيل – الهدوء وعدم التعاظم العسكري – يتحقق حتى بدون الدخول الى جولة قتالية اخرى، لانه من المعقول ان تكون شروط الانتهاء بعد حملة كبيرة مشابهة جدا لشروط التوافقات التي ستؤدي الى منعها. ان الهدف السياسي يستوجب، كما أسلفنا، نقاشا أوسع بكثير، يتضمن الخطوة السياسية الصحيحة حيال المسألة الفلسطينية بكل عناصرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى