ترجمات عبرية

عاموس هرئيل ​- اسرائيل ستبقى وحدها في محاولة طرد ايران من سوريا

هآرتس – مقال – 20/12/2018

بقلم: عاموس هرئيل

اعلان الرئيس ترامب عن سحب القوات الامريكية من سوريا، على فرض أنه في هذه المرة سيتم تنفيذه وأن ذلك سيتم بشكل كامل، هو قرار له اهمية استراتيجية كبيرة لسوريا والمنطقة. فهو يمكن أن يؤثر على الشرق الاوسط جميعه وعلى معركة النفوذ التي تجري بين الدولتين العظمتين، امريكا وروسيا.

قائمة الدول والجهات التي تقلق من هذا القرار طويلة. وهي تضم الى جانب اسرائيل ايضا الاكراد والاردن والسعودية. رئيس الحكومة نتنياهو قال أمس إنه علم عن قرار ترامب منذ بداية الاسبوع من خلال مكالمة مع الرئيس الامريكي. واضاف بأن اسرائيل ستفحص التداعيات وستهتم بالحفاظ على أمنها. ولكن اعلان ترامب (كالعادة عبر تغريدة مفاجئة) يثير بالفعل خيبة أمل كبيرة في القدس.

ترامب كان متحفظ منذ البداية من استمرار التواجد العسكري الامريكي في المنطقة. وعندما تحدث عن “امريكا أولا” في حملته الانتخابية (وبالغ بوصف معارضته للغزو الامريكي للعراق في 2003) قصد ايضا تقليص الاستثمار العسكري في الشرق الاوسط. وبعد ثلاثة اشهر من توليه منصبه، وضع نظام الاسد امامه تحد عندما عاد لاستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين رغم تحذيرات امريكا.

ترامب رد بهجوم غير عادي بواسطة صواريخ كروز، وهي خطوة امتنع سلفه اوباما عن القيام به في اللحظة الاخيرة في ظروف مشابه في العام 2013. بعد ذلك استجاب الرئيس الجديد لتوصية جنرالاته وابقى القوات الامريكية في سوريا، التي يبلغ عددها اليوم حوالي 2000 جندي. قبل شهرين تقريبا جاءت تقارير تفيد بأنه صادق على مضاعفة هذا العدد. ولكن الآن اعلن أن الدبلوماسيين سيغادرون سوريا خلال يومين، وأن الانسحاب كله سيتم استكماله خلال 100 يوم.

الذريعة التي طرحها ترامب أمس منطقية جدا. اوباما ارسل القوات الى سوريا في صيف 2014 في اطار الحرب التي اعلنها على داعش. هذه المعركة انتهت الى حد ما، وبنجاح عملي للتحالف الذي شكلته امريكا. الخلافة التي اعلن عنها داعش انهارت، والمدينتين الكبيرتين اللتين سيطر عليهما، الموصل في العراق والرقة في سوريا، تم استرجاعها منه بعد قصف جوي شديد وطويل قاده الامريكيون. وفي نهاية المطاف معارك برية للجيش العراقي في الموصل وبالاساس وحدات كردية في الرقة. آلاف مقاتلو داعش ما زالوا نشيطين لكنهم مشتتين وتتم ادارتهم من قبل قيادة اصيبت بدرجة كبيرة.

الجنرالات الامريكيون وعلى رأسهم وزير الدفاع جيمس ماتيس رأوا هدف الوجود الامريكي في سوريا بصورة مختلفة عن ترامب. لقد اعتقدوا أنه يجب الحفاظ على التواجد هناك كحاجز امام نفوذ ايران في الدولة. بعد هزيمة داعش تركزت القوات الامريكية في منطقتين: المنطقة الكردية في شمال شرق الدولة، وفي جيب طنف حول قاعدة جوية يشغلها الامريكيون في الجنوب قرب الحدود مع العراق والاردن.

طنف بشكل خاص استخدمت كعائق صعب على ايران استغلال الوضع الجديد وترسيخ ممر بري ناجع من ايران عبر العراق وسوريا وحتى لبنان. كذلك في الاسابيع الاخيرة قالت مصادر كبيرة في جهاز الامن الاسرائيلي إن هناك أهمية أولى لبقاء الجنود الامريكيين هناك – حتى اذا اخذنا في الحسبان الضغط الذي استخدمته روسيا على ايران من اجل تقليص تهريب السلاح لحزب الله عبر سوريا.

رئيس الحكومة تمتع في السنوات الاخيرة من مقاربة حرة للوصول الى ترامب، وكما يبدو تمتع ايضا من تأثير غير عادي عليه. القرارات التي اتخذتها الادارة الامريكية بشأن الشرق الاوسط – التعامل المتسامح مع السعودية بعد قتل الخاشقجي، نقل السفارة الامريكية الى القدس، ودرة التاج بالنسبة لنتنياهو وهي انسحاب امريكا من الاتفاق النووي مع ايران – كل ذلك ظهر وكأنها أخذت جميعها من قائمة طلبات الليكود.

اسرائيل عولت على طنف كورقة ضغط: البنتاغون تعهد لها في السابق بأن الجنود الامريكيين سينسحبون من هناك فقط كجزء من اتفاق في اطاره ستنسحب القوات الايرانية من سوريا. اذا لم يتبين قريبا أن الانسحاب الامريكي هو جزء من اتفاق شامل مع روسيا، وفي هذه الاثناء على الاقل لا توجد اشارات على ذلك، فان الانسحاب سيبقي الهيمنة في سوريا في أيدي موسكو.

من ناحية اسرائيل يوجد لذلك مغزيين: الاول هو أنها بقيت وحيدة ومنعزلة أكثر مما كانت في جهودها لطرد الايرانيين من سوريا، حيث في الخلفية بقي التوتر مع روسيا منذ قضية اسقاط الطائرة في ايلول الماضي. الثاني هو أن ترامب، رغم تعاطفه المعلن مع نتنياهو، اتخذ هنا خطوة تعارض بشكل مطلق موقف رئيس الحكومة، وهذا يثير تساؤلات ايضا حول المستقبل، لا سيما في الفترة التي سيكون فيها الرئيس منشغلا في الحرب التجارية مع الصين وفي الحصار المتعزز عليه داخليا بسبب تحقيقات النائب الخاص في قضية التأثير الروسي على نتائج الانتخابات قبل سنتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى