عاموس هرئيل يكتب – نتنياهو يلمح للبنان من خلال الولايات المتحدة، قبل خطوة عسكرية
هآرتس – مقال – 4/12/2018
بقلم: عاموس هرئيل
الزيارة الاستثنائية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى بروكسيل – تصريح في الصباح عن لقاء مع وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو يعبر عن محاولة اسرائيل الاسراع لتفعيل القناة السياسية لمعالجة المشكلة الامنية المتزايدة في لبنان. لو أن هذه كانت مجرد محادثة تنسيق قبل عملية عسكرية فورية لكان من المعقول أن يرسل نتنياهو شخص من المستوى المهني (رئيس الموساد أو رئيس الاستخبارات) لاجراء محادثات مع نظيره في الولايات المتحدة، ولم يكن ليتم الابلاغ عنها لوسائل الاعلام.
ولكن رئيس الحكومة يشغل هنا الساعة السياسية. سفره يقدم اشارة لايران ولبنان وحزب الله بواسطة الامريكيين (وبموازاة ذلك ايضا عن طريق الفرنسيين) بأن هناك ضرورة لأن يتم الاسراع في معالجة المشكلة قبل أن تفكر اسرائيل باستخدام الوسائل العسكرية.
اسرائيل تحذر منذ سنتين من اقامة مصنع للسلاح على الاراضي اللبنانية. في ايلول، في خطاب في الجمعية العمومية، كشف نتنياهو ثلاثة مواقع كهذه والتي تجري فيها ايران وحزب الله، حسب قوله، تحسين لقدرة دقة ترسانة الصواريخ والقذائف الموجودة بحوزة حزب الله. ليس مستبعدا أن اسرائيل تقلق ايضا من التطورات المحتملة الاخرى مثل اعادة مركز ثقل نشاطات حزب الله من سوريا مع خفوت الحرب الاهلية هناك الى جبهة مباشرة امامها في جنوب لبنان، وتغيير انتشار قوات حزب الله في جنوب لبنان.
التغييرات في لبنان، وبدرجة ما ايضا النشاط الايراني المتزايد في العراق، هي نتيجة التطورات في سوريا. روسيا تعمل من اجل استقرار نظام الاسد وقد استغلت حادثة اسقاط طائرة استخباراتها بالخطأ من قبل المضادات الجوية السورية في 17 ايلول من اجل صد ايران واسرائيل ايضا. هي تضغط على ايران لوقف تهريب السلاح الى لبنان عبر الاراضي السورية، وفي المقابل تحذر اسرائيل من مواصلة هجماتها الموسعة ضد قوافل التهريب وضد القواعد الايرانية في سوريا.
هذه الظروف الجديدة اجبرت ايران على تغيير طبيعة نشاطاتها. ولكن الجنرال قاسم سليمان، قائد وحدة القدس في حرس الثورة الايراني، يشد الحبل حتى النهاية. التقارير المتواترة عن طائرات ايرانية تنزل انظمة سلاح دقيقة مباشرة في بيروت تضع تحد جديد امام اسرائيل.
المعضلة الاسرائيلية معروفة. في سنوات الحرب الاهلية عمل سلاح الجو تقريبا دون اعاقة في سماء سوريا. وبأثر رجعي وصلت تقارير عن اكثر من 200 هجوم وراء الحدود، فقط منذ بداية 2017 وحتى ايلول الماضي. ولكن حرية العمل في سماء سوريا تقلصت الآن ولبنان هي مشكلة من نوع آخر تماما. حزب الله هدد في السابق مرات كثيرة بأنه يعتبر نشاط هجومي ضده في لبنان كذريعة للحرب. فقط في نهاية الاسبوع الماضي نشر حزب الله فيلم قصير دعائي في الشبكات الاجتماعية وفيه حذر من أنه يمكنه المس بصورة دقيقة مواقع للبنى التحتية وقواعد عسكرية في اسرائيل، اذا هاجم الجيش الاسرائيلي لبنان. السؤال الذي سيقف امام الحكومة والكابنت كما في الماضي، هل ستتم المخاطرة في المدى القصير (هجوم يمكن أن يؤدي الى رد) من اجل معالجة خطر بعيد المدى (مثل مشروع السلاح).
زيادة التوتر في الشمال تحدث على خلفية تطورات اقليمية اخرى: الجهد الامريكي لزيادة الضغط الاقتصادي على النظام الايراني، الوقوف الاخير للولايات المتحدة الى جانب السعودية بعد قتل الخاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، التوتر في علاقة الولايات المتحدة وروسيا في المنطقة وقرار امريكا زيادة القوات الخاصة التي تساعد الاكراد في شمال شرق سوريا. في لبنان نفسه زادت مؤخرا شدة الازمة السياسية على خلفية التوتر بين سعد الحريري وحزب الله.
اسرائيل تسير نحو حرب متبادلة من التهديدات الجديدة وفي جعبتها افضلية اخرى هامة جدا: الدعم غير المحدود الذي توفره لها ادارة الرئيس ترامب، على الاقل حتى الآن. الرئيس الامريكي يتساوق مع اسرائيل ويقود خط متشدد ضد ايران. ولأن ترامب هو شخصية من الصعب توقع خطواتها، فانهم في طهران وبيروت يجب عليهم أن يأخذوا في الحسبان ايضا احتمال أن واشنطن ستوفر الدعم لاسرائيل حتى اذا قررت، خلافا للخط الحذر الذي اتبعه نتنياهو حتى الآن، أن تقوم بعملية عسكرية، مخاطرة بذلك بمواجهة عسكرية.