ترجمات عبرية

عاموس هرئيل يكتب – ضفتان لحماس- بمسؤولية حماس

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 14/12/2018

الضابط الكبير من قيادة المنطقة الوسطى الذي تحدث مع صحافيين صباح أمس بدا اكثر قلقا من العادة. قوات الامن سجلت في ليلة الاربعاء – الخميس نجاحين في ملاحقة منفذي عمليات في الضفة الغربية في الاشهر الاخيرة. ولكن الضابط بذل جهدا كبيرا في أن يشرح لسامعيه حساسية الوضع على الارض. الاشخاص الذين يعرفون هذا الضابط المتميز منذ سنوات كثيرة في السابق حتى اثناء توليه قيادة كتيبة متميزة مرت بأحداث كثيرة في الانتفاضة الثانية، لم يكن من الصعب ملاحظة نغمة القلق في صوته. في نهاية المحادثة، وبدون أن يتم قول الامور بشكل صريح، كان يمكن فهم ملخص ما يريد قوله: الضفة موجودة على شفا موجة عنف اخرى.

القدرة على انهاء هذا التوجه في الايام القادمة قبل أن ينتشر، ترتبط بالاساس بأداء القوات على الارض – بالصورة التي ستنتهي فيها الاحداث القادمة، والتي فيها نجاح آخر للارهاب، من شأنها أن تؤدي في اعقابه الى موجة من محاولات التقليد.

النتيجة بالتأكيد في احداث اطلاق النار الكثيرة، هي في احيان كثيرة امر يتعلق بسرعة الرد وبالقليل من الحظ. هناك قائد لواء في الضفة اعتاد القول لجنوده: “اعطوني 15 ثانية جيدة، ونحن سنتولى الباقي”. بكلمات اخرى، تشويش العملية أو على الاقل الاصابة الفورية للمهاجم، ترتبط بيقظة الجنود الأوائل في مكان الحدث.

سبب القلق تبين بعد اقل من ساعتين: فلسطيني مسلح اطلق النار على الجنود والمواطنين في محطة قرب البؤرة الاستيطانية جفعات اساف شرق رام الله. جنديان من كتيبة “نتسح يهودا” (الناحل الحريدي) قتلا. جندي آخر ومواطنة اسرائيلية أصيبا اصابة بالغة ومطلق النار هرب. هذا يظهر كرد فلسطيني مباشر على الاحداث السابقة: في مساء يوم الاربعاء قتل رجال الوحدة الخاصة في شمال رام الله احد نشطاء حماس، المتهم بعملية اطلاق النار في بداية الاسبوع في المحطة قرب عوفرا، التي قتل فيها رضيع واصيب ستة مواطنين اسرائيليين آخرين. كما اعتقل عدد آخر من المتورطين في العملية. بعد بضع ساعات قتلت قوة اخرى من الوحدة الخاصة في مخيم عسكر للاجئين في نابلس المخرب الذي قتل مواطنين في عملية في المنطقة الصناعية برقان في بداية تشرين الاول الماضي.

الشخصان اللذان قتلا في عمليات الوحدة الخاصة كانا مسلحين. في الحادثتين كان هناك تقدير أنهما ينويان تنفيذ عمليات اخرى قريبا. من اجل اعتقالهما تم ارسال رجال الوحدة الاكثر خبرة في عمليات من هذا النوع. مع ذلك، يمكن الافتراض أنهم في القيادة السياسية والامنية لن يذرفوا الدموع فقط لأن ما بدأ كعملية اعتقال انتهى بقتل المخربين.

بعد بضع ساعات من ذلك حدثت عملية اطلاق نار اخرى في محطة  للجنود. الحدث يشبه جدا في صفاته الحدث الذي جرى يوم الاحد قرب عوفرا. الى جانب احتمال أن الامر يتعلق بانتقام على قتل نشيط حماس، هناك أهمية ايضا للتوقيت، وهو عشية يوم تشكيل المنظمة الذي يصادف اليوم. في الجيش الاسرائيلي قرروا ظهر أمس تعزيز القوات في الضفة للمرة الثانية هذا الاسبوع. الفكرة هي أن القوات الاخرى ستستخدم كنوع من الغطاء على الارض من اجل منع انتشار النار. في نفس الوقت، الجيش الاسرائيلي فرض حصار على رام الله. الحساسية حول المدينة عالية، ايضا بسبب أنها عاصمة السلطة والمكان الذي فيه تتركز معظم اجهزة الامن الفلسطينية.

في الاسابيع الاخيرة سجل ارتفاع في عدد احداث اطلاق النار في شوارع الضفة. بالمتوسط يتم في الاشهر الاخيرة في الضفة بين 4 – 8 عمليات اطلاق نار، طعن ودهس. على الاقل في جزء من الحالات يبدو أن هذه العمليات تعكس زيادة لظاهرة وسيطة من الصعب على قوات الامن مواجهتها. الجيش والشباك تعلما في سنوات الانتفاضة الثانية التعامل جيدا مع البنى التحتية للارهاب المنظم نسبيا لمنظمات مثل حماس أو الجهاد الاسلامي. كان ذلك التسلسل غير المحدود للاعتقالات الذي خلق على الارض حالة سميت بـ “ماكينة قص العشب”، ضرب منهجي للبنى التحتية، الذي منعهم من التطور واعادة جمع المعرفة. في خريف 2015 ضربت الضفة وشرقي القدس ظاهرة اخرى، بحجم غير مسبوق: موجة عمليات للافراد. مئات الشباب والفتيات الذين عملوا على عاتقهم بدون شبكة تنظيمية خلفهم، وذهبوا لتنفيذ عمليات وهم يحملون السكاكين أو مقود سيارة العائلة. ايضا امام هذا الاسلوب عرفت اسرائيل بالتدريج كيف تتعامل – المراقبة الكثيفة للشبكات الاجتماعية الفلسطينية، الى جانب محادثات تحذيرية فعالة اجرتها اجهزة الامن في السلطة، تمنع جزء كبير من المخربين المحتملين من تنفيذ عمليات.

الظاهرة الاخرى هي نوع من الهجين للصفتين الاخيرتين. وهي خلايا محلية على الاغلب بدون انتماء ايديولوجي معلن، تتنظم على قاعدة المعرفة الشخصية أو العائلية. خلايا كهذه مسؤولة عن جزء من العمليات الاخيرة. هناك حالات فيها محيط المخرب يتجند بعد العملية من اجل توفير ملجأ له مثلما حدث مع القاتل من برقان.

تسلسل هرمي مختصر

ولكن الخطر الاساسي حول ما يحدث في الضفة في هذه الايام يتعلق بسلوك حماس. اعلان نشره الشباك في نهاية الشهر الماضي عن اعتقال احد سكان الخليل، الذي تدرب ليصبح “مهندس” للعبوات الناسفة، حظي فقط باهتمام قليل في اسرائيل. الجديد في هذا الكشف يتعلق بالطريقة التي تم فيها تشغيل المهندس. في السنوات الاخيرة تم احباط مئات محاولات قيادة حماس في القطاع والخارج للقيام بعمليات في اسرائيل والضفة بواسطة خلايا من الضفة. التسلسل الهرمي في هذه الحالات كان واضحا: صلاح العاروري، من رجال الذراع العسكري الذي يوزع اليوم وقته بين لبنان وتركيا، قاد العمليات، حيث عمل اسفل منه جسمان آخران، قيادة الضفة ومنطقة الضفة. جزء من النشاطات استند الى مخربين من الضفة الذين طردوا الى القطاع في اطار صفقة شليط. حماس لم تتنازل عن جهودها ولكن تبين أنها غيرت الاسلوب.

المهندس الذي اعتقل، أوس الرجوب، تم تشغيله بصورة مباشرة من القطاع، بدون صلة مع العاروري والمطرودين من صفقة شليط. يبدو أن حماس تريد بذلك تقصير التسلسل الهرمي القيادي وتحسين النتائج العملية له. هذه الجهود هامة بالنسبة لها من اجل مواصلتها بموازاة محاولات الوصول الى وقف اطلاق نار طويل المدى مع اسرائيل في القطاع، غزة في جانب والضفة في جانب آخر.

مقاربة حماس بقيت على حالها، تجديد العمليات الدموية من الضفة سيصعب على اسرائيل، وسيضر بالتنسيق الامني بينها وبين الاجهزة الامنية الفلسطينية، وسيهز استقرار سيطرة محمود عباس وبالتأكيد سيضر في المستقبل بالانتقال المنظم للسلطة الى وريثه. في القطاع، حسب تقديرات الاستخبارات الاسرائيلية، فان حماس تخشى من نشوب حرب. مبدئيا فان استمرار تدفق الوقود والرواتب الى القطاع بتمويل من قطر كان يمكنه أن يساعد على الحفاظ على الهدوء النسبي. ولكن الآن تطرح احتمالات أن التصعيد في الضفة يمكن أن ينعكس ايضا على ما يحدث في القطاع.

على كل الاحوال المنظمة لن تتوصل الى اتفاق طويل المدى بدون أن يتم فيه ضمان الانجازات التي حددتها لنفسها كهدف: تخفيف كبير في الحصار على القطاع، تحسين واضح لوضع البنى التحتية المدنية هناك، والى جانب ذلك الحفاظ على قوتها العسكرية. حماس لا ترى في صفقة بشأن الأسرى والمفقودين كجزء ضروري في العملية. حسب رأيها، هذه مسألة منفصلة يجب البحث فيها بصورة منفصلة عن المحادثات بشأن وقف اطلاق النار طويل المدى.

دعاية 2014

عملية “درع الشمال” لاكتشاف الانفاق التي حفرها حزب الله تحت الحدود اللبنانية دخلت اسبوعها الثاني. حتى الآن اعلن الجيش عن اكتشاف ثلاثة انفاق والحفريات تستمر في عدة مواقع اخرى على الحدود. الاعمال الهندسية يتوقع أن تستمر اكثر من شهر، وبعدها ايضا سنحتاج كما يبدو الى تغييرات في انتشار القوات حول الجدار.

بنيامين نتنياهو، باعتباره رئيس حكومة ووزير دفاع، وصل للمرة الثانية في زيارة لمنطقة العمل. نتنياهو اطلق هناك تهديدات لحزب الله (“هو لا يستطيع أن يتخيل كيف يمكننا أن نضربه”)، ولكن يبدو أن هذه الجولة وجهت ايضا لاغراض داخلية. رئيس الحكومة يستعد للانتخابات، واللقاءات المستمرة مع الضباط والجنود تعطيه هالة وديكور مفضلان في طريقه الى صناديق الاقتراع.

في المقال الذي نشره في الاسبوع الماضي العقيد احتياط بيسح ملوفني، ضابط كبير سابق في “أمان” (الاستخبارات العسكرية) في موقع “اسرائيل ديفنس”، ذكر فيلم دعاية قصير نشره حزب الله في 2014. المنظمة تعهدت في حينه بـ “تحرير البعنة، دير الاسد ومجد الكروم”، وهي ثلاث قرى عربية في الجليل، وعرض خطة لهجوم يرتكز على عدد لا يقل عن 5 آلاف مقاتل. حسب الفيلم القصير، الوحدات ستتحرك في اربعة محاور، من نهاريا في الغرب وحتى بسغاف عام في الشرق، مع قوة خامسة كقوة احتياط وبتغطية رشقات ثقيلة من الصواريخ التي سيطلقها حزب الله نحو الجليل.

في اسرائيل اعتبروا في حينه هذه الاقوال حرب نفسية فقط. ايضا الآن يصعب تخيل كيف ينجح حزب الله في نقل هذا الحجم من القوات، جزء منها تحت الارض في انفاق ضيقة وقصيرة نسبيا، بدون أن يتم اكتشافها. ولكن حجم القوات الذي ذكر يشبه جدا العدد المقدر لمقاتلي “الرضوان”، الجهاز الهجومي لحزب الله. عندما نضم الى الصورة الانفاق التي تم اكتشافها مؤخرا يمكننا أن نفهم أكثر الطريقة التي يفكر بها حزب الله عن الحرب القادمة.

خطوات حزب الله تندمج مع الخطط الايرانية. التدخل العسكري الايراني في سوريا، الذي شمل ايضا قوافل السلاح المهرب لحزب الله في لبنان، انخفض في الاشهر الاخيرة بسبب الضغط الذي تستخدمه روسيا. لقد مارست موسكو بالمقابل ايضا ضغط على اسرائيل، منذ حادثة اسقاط الطائرة الروسية في شهر ايلول الماضي، من اجل أن تقلص اسرائيل هجماتها الجوية في سوريا. هذا الاسبوع وافق الروس على استقبال وفد عسكري من اسرائيل اخيرا، برئاسة رئيس قسم العمليات في هيئة الاركان، الجنرال اهارون حليوه، ولكن في الجيش الاسرائيلي يحذرون من القول بأنه بهذا انتهت الازمة.

ازاء صعوبة العمل في سوريا فان ايران تزيد جهودها في الدولتين المجاورتين. في غرب العراق هي تنشر صواريخ بعيدة المدى، يمكنها أن تصل ايضا الى اراضي اسرائيل. في لبنان تسعى الى انشاء مصانع للتدقيق التي هدفها تحسين مستوى دقة الصواريخ القديمة الموجودة لدى حزب الله. هذا النشاط يتم في ظل وجود خلاف داخلي في النظام الايراني حول جدول الاولويات لديهم، حيث يوجد في الخلفية عقوبات متزايدة من جانب الولايات المتحدة واحتجاج الجمهور الايراني مع تفاقم الوضع الاقتصادي.

في هيئة قيادة الاركان اهتموا بالتوضيح منذ الكشف عن الانفاق أنه رغم الانشغال الاعلامي الواسع بمشروع التدقيق، يبدو أن حزب الله يملك الآن فقط بضع عشرات من الصواريخ ذات مستوى دقة عال (التي بوسعها أن تسقط على بعد يقل عن 50 متر بالمتوسط عن الهدف المحدد لها). الايرانيون ما زالوا لم يحققوا قدرة “صناعية” على التحول السريع للصواريخ الدقيقة في لبنان. ايضا تهريب السلاح عبر رحلات جوية من ايران الى بيروت يتم بحجم ضئيل، اقل بكثير مما حاولوا نقله عبر قوافل السلاح على الاراضي السورية.

سنة 2018 شكلت نجاح استراتيجي كبير للمحور الذي أيد نظام الاسد – سيطرة على معظم الاراضي السورية واعادة الاستقرار للنظام. ولكن الايرانيين تعرضوا ايضا لحالات فشل: ابطاء جهود تمركزهم العسكري في سوريا، على خلفية الهجمات الاسرائيلية في شهر نيسان – ايار هذا العام واكتشاف مخطط الانفاق لحزب الله. هذا لا يعني أن قاسم سليمان، قائد قوة القدس في حرس الثورة سيلقي سلاحه في العام 2019. اسرائيل يجب أن تفترض أن ايران ستحاول العمل ضدها في جبهة اخرى، في هذه الاثناء يبدو أن ذلك سيحدث في لبنان، بالاساس حول مصانع التدقيق.

اذا فكرت طهران في المستقبل أن لديها سبب للقيام بعمل بصورة هجومية ضد اسرائيل بسبب الجهود الامريكية ضد المشروع النووي والصاروخي لها أو لاسباب اخرى – يصعب التصديق أنها ستوفر لحزب الله اعفاء من المشاركة، مثلما فعلت في مواجهات مع اسرائيل في سوريا هذه السنة، على ضوء المليارات التي استثمرتها ايران في لبنان، سيأتي يوم يطلب فيه الايرانيون من رئيس حزب الله، حسن نصر الله، أن يقدم لهم عوائد أكثر على اموالهم.

مصدر كبير في جهاز الامن قدر مؤخرا في لقاء مع نظرائه الاوروبيين أنه “سيكون من الصعب الحفاظ على الهدوء في لبنان لسنة اخرى. نحن سنحاول تحييد الانفاق واخراجها من المعادلة، لكن مشروع “التدقيق” بقي مشكلة بالنسبة لنا”. وأشار المصدر الى أن “ايران تحاول وضع صواريخ في العراق وفي سوريا، اضافة الى الصواريخ التي زودتها لحزب الله في لبنان وللمنظمات الفلسطينية في غزة. بالنسبة لنا هذا كبير جدا: يجب على الايرانيين أن يخرجوا كليا من سوريا، لا يكفي ابعادهم 60 – 80 كم عن الحدود مع اسرائيل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى