ترجمات عبرية

عاموس هرئيل يكتب – تبادل النار في الائتلاف يشدد الضرب، على نتنياهو للعمل في القطاع

بقلم: عاموس هرئيل، هآرتس 17/7/2018

شهر العسل القصير بين غادي آيزنكوت واليمين في اسرائيل وصل في هذا الاسبوع الى نهايته المتوقعة. سلسلة النجاحات العملياتية للجيش الاسرائيلي في الاشهر الاخيرة في الشمال وفي قطاع غزة (علينا الاعتراف ايضا بعدد القتلى المرتفع في الطرف الآخر) اوقفت الانتقاد في اليمين لرئيس الاركان. الهجمات الكثيفة عليه في قضية اليئور ازاريا استبدلت بتهنئة استثنائية على أداء الجيش الاسرائيلي. ولكن كل ذلك انتهى بعد تسريب الجدالات التي جرت في الكابنت بين آيزنكوت وبينيت.

مشكوك فيه اذا كان آيزنكوت هو هدف بينيت. رئيس البيت اليهودي يمتدح مؤخرا بصورة علنية ومن وراء الكواليس مواقف وقرارات رئيس الاركان، لا سيما حول المواجهة مع ايران في سوريا. ولكن بينيت ينشغل الآن مرة اخرى بتضاؤل مكانة وزير الدفاع افيغدور ليبرمان. يبدو أن رئيس الاركان ببساطة وجد نفسه في مرمى تبادل النار في حاملة الجنود الائتلافية المدرعة.

في جلسة الكابنت كرر بينيت مطالبته من الجيش بأن يضرب مباشرة الخلايا التي تطلق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. آيزنكوت اشار الى الصعوبات: عدد كبير من مطلقي الطائرات هم من الاطفال، الخلايا تعمل على الاغلب من اوساط الجمهور، لا توجد امكانية للضرب بصورة دقيقة فقط الاشخاص المشاركين في العملية، وتعليمات اطلاق النار في الجيش الاسرائيلي تستند الى الدمج بين الوسائل المستخدمة ونوايا العدو، الامر الذي يصعب على ضرب كل من يقرر اطلاق طائرة ورقية في سماء غزة. بين الاثنين جرى نقاش خلاله اشار رئيس الاركان الى أنه يمكن القيام بعلاج محدود لخلايا تتكون من نشطاء بالغين، لكن الضرب الكثيف من الجو لخلايا الطائرات الورقية لا يناسب حسب موقفه قيم الجيش الاسرائيلي واسلوب عمله.

هذا الامر كاف لاشعال موجة جديدة من الهجمات على رئيس الاركان والجيش في الشبكات الاجتماعية ومن قبل مراسلين محسوبين على اليمين. في القناة 20 حتى قالوا إنه في “دولة سليمة” كان سيطلب من رئيس الاركان الاستقالة بعد تصريح مثير. الهجمات الكثيرة ضد الاهداف الايرانية وقوافل السلاح لحزب الله في سوريا نسيت وكأنها لم تكن، وبالطبع ايضا حقيقة أن الجيش الاسرائيلي من خلال استخدام وسائل متشددة جدا، منعت حماس من تحويل المظاهرات قرب الجدار الى اقتحام جماهيري لاراضي اسرائيل. آيزنكوت تم عرضه على انه شخص انهزامي وفشل اخلاقي. لو أنه فقط ترأس الجيش شخص مثلما نريد لما كانت هيئة الاركان تقيد المستوى السياسي وتمنعه من الرد. المنتقدون تجاهلوا حقيقة أن هذه الحكومة وعلى رأسها نتنياهو هي التي تدعم رئيس الاركان وتمتنع عن اعطائه تعليمات لتغيير أوامر اطلاق النار ضد خلايا الطائرات الورقية. قرار الكابنت أول أمس اصدر تعليمات للجيش الاسرائيلي للعمل بتصميم “لازالة تهديد” الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. ولكن لم يتطرق الى التفاصيل. ولم يسأل أحد ما هي صلة وزراء الكابنت بالنقاش حول التعليمات التكتيكية لضرب الخلايا، وهو امر عسكري واضح، بدل التركيز على مسألة الحل الاستراتيجي المطلوب الآن في قطاع غزة.

تحت التأثير الدراماتيكي للشبكات الاجتماعية، النقاش السياسي حول القطاع تحول الى نقاش مشتعل يقترب من الهستيريا. من معظم تصريحات التماهي مع سكان قطاع غزة نسيت الحقيقة المعروفة وهي أن اطلاق الصواريخ والقذائف اكثر خطورة على أمنهم من الطائرات الورقية والبالونات. الحرائق المستمرة الغت الشعور بالامن في غلاف غزة، لكن خطرها الامني حتى الآن محدود.

ولكن في النقاش الحالي حول القطاع لا يوجد تقريبا مكان لاعتبارات معقدة، بل فقط للمشاعر والوعظ الاخلاقي الوطني، الذي يدعم الآن مثلما دعم في صيف 2014 بالمنافسة والعداء السياسي بين بينيت ونتنياهو، وبين بينيت ووزير الدفاع (رغم أن بوغي يعلون تم استبداله في هذه الاثناء بليبرمان الذي اتهم بينيت أمس بـ “التفاف من وراء ظهر رئيس الاركان وهو امر مقرف جدا”).

اندلاع الحرب في حينه – عملية الجرف الصامد ساهم فيه عنصران يغيبان الآن عن الصورة وهما العثور على جثث الفتيان الثلاثة الذين اختطفوا وقتلوا على أيدي حماس في غوش عصيون، والتوتر حول اعدادات محتملة لعملية هجومية من قبل حماس على حدود القطاع في منطقة كرم أبو سالم. ولكن ربما يجسر هذه الفجوة الآن النقاش الحساس في وسائل الاعلام وتأثيره على السياسيين الذين في هذه المرة ايضا يستعدون لاحتمالية انتخابات مبكرة.

اذا تدهورت اسرائيل مرة اخرى الى مواجهة عسكرية في القطاع، رغم أن القيادة لا تريد ذلك، فان جزء من هذا سيحدث نتيجة الضغوط المستخدمة على نتنياهو في الكابنت وفي وسائل الاعلام.

أمس كان يبدو أن اسرائيل زادت مبلغ الرهان: وزير الدفاع أعلن عن وقف تزويد الوقود والسولار للقطاع حتى يوم الاحد القادم. ومقابل ذلك جاء أنه اتخذ قرار بشأن التزيد بالغذاء والادوية فقط بـ “مصادقة خاصة” من منسق اعمال الحكومة في المناطق. بكلمات اخرى، رجعنا الى فترة منع ادخال الكزبرة التي كانت قبل صفقة شليط. في نفس الوقت اعلنت مصر أن معبر رفح الذي كان مفتوحا في الشهر الاخير سيغلق اليوم “لاسباب تقنية”.

في هذه الاثناء استغل الجيش الاسرائيلي أمس المناورة الواسعة للفرقة 162 في النقب، التي تم التخطيط لها منذ وقت طويل مسبقا من اجل ارسال عدة رسائل دعائية. قادة عدد من الوحدات المتدربة اجروا مقابلات مع قنوات التلفاز وشرحوا أن جنودهم يتدربون على احتلال قطاع غزة، وامتدحوا مستوى اهلية قوات هذه المهمة.

ربما يكون الدمج بين التهديدات الاسرائيلية وضغوط مصر يؤثر بدرجة ما على اعتبارات حماس. أمس تم التخطيط لاجتماع كبير لحماس في غزة كان من المفترض أن يلقي فيه الجنرال قاسم سليماني خطاب بالفيديو. الجنرال قائد قوة القدس في حرس الثورة الايراني هو رجل ايران في المنطقة. فهو الذي يقود معركتها من اجل نظام الاسد في سوريا وفي نفس الوقت يمنح المساعدة لحماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. ولكن بث الخطاب الغي في اللحظة الاخيرة. ويمكن التقدير بأن هذا جاء للتعبير عن عدم رضى مصر من اعطاء منصة لايران في القطاع في هذا الوقت الحساس جدا.

قاسم سليماني لم يواجه مثل هذه الصعوبات في سوريا. فهناك يواصل تحالف القوات حول النظام باشراف وقيادة روسيا، العمل على ابعاد المتمردين بصورة ثابتة عن هضبة الجولان السورية. في محيط نتنياهو اظهروا أمس الرضى من ذكر مصالح اسرائيل الامنية في قمة ترامب – بوتين في هلسنكي. من المهم لاسرائيل ان تعيد للعمل اتفاقات الفصل الموقعة مع سوريا في العام 1974 بعد حرب يوم الغفران، لكن هذا فقط هدف ثانوي بالنسبة للهدف الاساسي الذي يقلقها وهو ابعاد ايران والمليشيات الشيعية عن الحدود (حسب نتنياهو من الاراضي السورية كلها). هنا بقي الكثير من المساحة للشك. من غير الواضح تماما اذا كانت روسيا وحتى امريكا ستستجيب لطلبات اسرائيل مثلما تعهدت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى