ترجمات عبرية

عاموس هرئيل يكتب – التوجه شمالا

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 31/5/2018

حتى صباح يوم الاربعاء الماضي ساد ثانية اطلاق النار بين اسرائيل وقطاع غزة. اطلاق القذائف من القطاع الذي استمر فترات متقطعة في الليل توقف. وبصورة موازية توقفت ايضا الهجمات الجوية لاسرائيل. هذا ليس وقف اطلاق نار رسمي. جهات رفيعة من المستوى السياسي ومن جهاز الامن الاسرائيلي يحرصون على التأكيد بأنه لم يتم توقيع شيء مع حماس. قيادة حماس في القطاع نقلت أمس رسالة عبر مصر بشأن استعدادها لوقف النار والعودة الى فرض ارادتها على التنظيمات الاصغر. اسرائيل سارعت للرد بأن الهدوء سيجاب عليه بالهدوء. في هذه الاثناء الاتفاق غير المباشر ما زال صامد. هذا يحدث ايضا لأن لاسرائيل تحذر بعدم السماح للاحداث بالانزلاق بصورة خارجة عن السيطرة.

ايضا خلال الليل، في الجولة الثالثة من الهجمات خلال الـ 24 ساعة لم تسجل خسائر فلسطينية، بل فقط ضرر للبنى التحتية العسكرية في القطاع. الجيش الاسرائيلي استغل الفرصة من اجل حرمان حماس من بعض القدرات العسكرية – وقصف من بين اهداف اخرى نفق هجومي، مخازن للطائرات الصغيرة بدون طيار وخط لانتاج الطائرات بدون طيار. ولكن غياب المصابين يدل على أنهم في الجيش اختاروا الاهداف بدقة وكانوا حذرين جدا من اجل عدم مواصلة انزلاق الامور ابعد من اللازم.

عدم رغبة اسرائيل في الدخول البري للقطاع ما زال واضحا. كالعادة التطورات من الآن فصاعدا ستكون حساسة. لو أنه حدث مع ذلك ضرر كبير لا سمح الله للمدنيين في احدى بلدات الغلاف نتيجة اطلاق القذائف لكان من شأنها أن تحث الحكومة لاتخاذ قرارات. لكن في هذه الاثناء يبدو أن جهود الوساطة اوقفت الخطر الفوري لاشتعال حرب. كل الدول والتنظيمات التي عملت بالوساطة لـ “الهدنة” قبل التصعيد الاخير، عملت بصورة اكبر في اليوم الاخير. يبدو أن مصر هي التي حققت في نهاية المطاف الاختراق.

الاعتبار الاسرائيلي واضح هذه المرة. المشاكل الملحة التي تقف أمام انظار رئيس الحكومة ووزير الدفاع وهيئة الاركان العامة هي الوضع في سوريا والتدخل الايراني هناك. الوزير افيغدور ليبرمان سيسافر هذا المساء الى موسكو في محاولة لتحقيق تفاهمات بشأن ابعاد القوات الايرانية والمليشيات الشيعية عن الحدود الاسرائيلية السورية في هضبة الجولان. غزة اعتبرت جبهة ثانوية بالمقارنة، كذلك ليس لاسرائيل في هذه الاثناء هدف واضح في القطاع. اسقاط نظام حماس مرتبط بحرب سيكون لها ثمن لا بأس به – وليس هناك ضمان بأن البديل بعد حماس سيكون بالضرورة افضل.

رجال الاستخبارات الاسرائيلية يفسرون سلوك حماس في اليوم الاخير تقريبا كالتالي: حماس تمتنع بصورة عامة عن اطلاق القذائف منذ انتهاء الجرف الصامد. في الاشهر الاخيرة فرضت حماس سلطتها ايضا على التنظيمات الاخرى لأنها ارادت التمسك بالمظاهرات الجماهيرية على طول الحدود وحاولت تحقيق مكاسب دولية من صور القتلى هناك. ولكن هذا المسار استنفد نفسه بهذه الدرجة أو تلك وذلك حوالي يوم النكبة في منتصف الشهر. القتلى الستون على الجدار ادوا الى اطلاق تصريح تضامن من اردوغان، وطرد سفير اسرائيل من تركيا وفتح مؤقت لمعبر رفح وليس أكثر من ذلك.

في بداية الاسبوع كان الجهاد الاسلامي مصمم على الانتقام لنشطائه الثلاثة الذين قتلوا بنيران دبابات الجيش الاسرائيلي في حادثة قرب الجدار. كما أن الجهاد سحب حساب غير مغلق تماما مع اسرائيل من تشرين الاول السنة الماضية عندما قتل نشطاء من حماس والجهاد في تفجير نفق للجهاد على حدود القطاع، وفشلت عدة عمليات له للرد.

تحت ضغط الجهاد اطلقت حماس هذه المرة العنان، لكن ربما أنها لم تتوقع قوة الرد من قبل التنظيم الصغير. عندما تطورت الامور الى جولة ضربات مع اسرائيل، شاركت حماس ظهر أمس في المعركة من اجل أن لا تتخلف ولا تتلقى اتهامات بأنها تتصرف مثل السلطة الفلسطينية، أي عميلة لاسرائيل. طوال الليلة الماضية انضم لاطلاق النار فصائل فلسطينية “مارقة”، منها لجان المقاومة الشعبية وتنظيمات سلفية. ابتداء من الصباح وحماس تعمل من اجل ضبطهم. وفي هذه الاثناء توقفت النيران.

ولكن في احتساب المعادلة المعقدة هذه يجب تضمين ايضا اليأس العميق لسكان القطاع على خلفية تشديد ظروف الحياة هناك وكذلك ايضا الثمن النفسي العالي الذي يجبيه تجدد اطلاق النار من سكان غلاف غزة بعد عدة سنوات من الهدوء. الامور ما زالت يمكنها العودة والتشوش، خاصة في الوقت الذي بقيت فيه المشاكل الاساسية للبنى التحتية المدنية في القطاع على حالها. وكما هو الامر دائما، علينا تذكر أن اسرائيل لا تستطيع الدخول الى رؤوس زعماء الطرف الثاني وتوقع بالضرورة قراراتهم خلال ازمة عسكرية خطيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى