عاموس هرئيل – في الوقت الذي تتعاظم فيه العمليات في الضفة ، ضعف عباس واجواء الانتخابات ستمس بمكافحة الارهاب
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 16/12/2018
بعد العمليات الشديدة في رام الله في الاسبوع الماضي بدأت قنوات الاذاعة والتلفاز في اسرائيل بسلسلة مقابلات مع اعضاء كنيست ونشطاء من اليمين ورؤساء مجالس المستوطنات. فورا بعد اظهار الحزن على القتلى بث من اجريت معهم المقابلات رسالة واحدة وهي أن الردع الاسرائيلي تلاشى ومعه ايضا شعور المستوطنين بالأمن في الضفة الغربية. ايضا الطلبات التي طرحت كانت متشابهة: قيود على حركة الفلسطينيين، هدم منازل المخربين، عقوبات ضد السلطة التي تدفع الرواتب للسجناء من التنظيمات الارهابية وما شابه. رد صهيوني مناسب على هيئة السماح بالبناء واعطاء مصادقة قانونية بأثر رجعي للبناء في المستوطنات والبؤر الاستيطانية. فقط الدمج بين الردع والعقاب، سيعيد الأمن لمن يسافرون على الشوارع.
بالاساس الطلب الاخير، وسلسلة الطلبات المستمرة على مدى حياة مشروع الاستيطان في المناطق. حكومة نتنياهو متيقظة لضغط المستوطنين – تصريحات رئيس الحكومة (ما بقي هو أن نرى اذا كانت ستتحقق) تتطابق مع جزء كبير من طلبات المستوطنين. عمليا، يصعب تشخيص أي علاقة بين تسريع البناء وتعزيز الردع أو الشعور بالأمن. الغضب على القتلى يتم استغلاله من اجل المطالبة بايلام الفلسطينيين بواسطة المزيد من البناء في المستوطنات. ولكن لم يتم الاثبات في أي يوم أن توسيع المستوطنات قد عمل على تقليص استعداد سكان المناطق للنضال ضد اسرائيل، وربما العكس هو الصحيح.
ايضا المطالبات بالعقاب الجماعي لا تستندالى آراء مهنية لكبار رجال اجهزة الامن. في خريف 2015 عندما بدأت موجة عمليات الطعن والدهس التي قتل فيها عشرات الاسرائيليين في الضفة والقدس، طرح الجيش والشباك موقف موحد، معاكس. رئيس الاركان غادي آيزنكوت وفي اعقابه رئيس الشباك نداف ارغمان (الذي بدأ ولايته في ايار 2016) اوصيا بتركيز الجهود الوقائية على المخربين ومواصلة الفصل بين الارهاب والمدنيين والامتناع بقدر الامكان عن العقاب الجماعي. الظاهرة التي سمت لعدة اشهر “انتفاضة الافراد” خبت أخيرا واسرائيل لم تعد بحاجة الى استخدام الوسائل العنيفة التي استخدمت في قمع الانتفاضة الثانية في النصف الاول من العقد الماضي.
رؤساء اجهزة الامن يعارضون ايضا وقف التنسيق الامني مع السلطة الفلسطينية. على العكس، هو يعتبرونها ذخرا امنيا يساعد على استقرار السلطة، لكنه يفيد ايضا اسرائيل في حربها ضد الارهاب. رئيس الاستخبارات العسكرية، الجنرال، تمير هايمن، كرر هذا الموقف في ظهوره في الكنيست الاسبوع الماضي في ذروة التصعيد الاخير.
أمس، بالتأكيد بحث من اعلى في اعقاب العمليات الاخيرة، هدم الجيش بيت مخرب قتل جندي من وحدة دفدفان، رونين لوفرسكي، عندما القى عليه بلاطة رخام اثناء عملية اعتقالات في بداية السنة. المخرب هو إبن عائلة أبو حميد من مخيم الامعري، اثنان من اخوته شاركا في عمليات قتل في السابق، وتم هدم بيتهما في بداية التسعينيات. في حالته لا يبدو أن الردع قد نجح.
اضافة الى ذلك، لجنة عينها موشيه يعلون كرئيس للاركان، قررت في 2005 أنه لم يتم اثبات أن سياسة هدم البيوت تردع الارهاب. هذه السياسة جددت قبل اربع سنوات نتيجة ضغط سياسي. المتحدثون من اليمين يعرضون هدم البيوت كعملية فائدتها واضحة، وهم لا يعتمدون على دلائل حقيقية. يبدو أن هدف الهدم الاساسي، الذي توجد مطالبة لتسريعه وتوسيعه، هو اشباع مشاعر الانتقام في اوساط الجمهور الاسرائيلي.
الظروف الآن تختلف عما كانت في موجة 2015، وليس الى الافضل. المستوى السياسي يوجد الآن في اجواء ما قبل الانتخابات، وللمرة الاولى لا يوجد لنتنياهو وزير دفاع يمكنه أن يوجه اليه جزء من الادعاءات بشأن تدهور الوضع الامني. حماس التي ما زالت تأمل في التوصل الى وقف بعيد المدى لاطلاق النار مع اسرائيل بشروطها، تستمر في محاولة اشعال الضفة.
ربما أن المركب الاهم في المعادلة هو ضعف السلطة الفلسطينية. التأييد الواضح لادارة ترامب لحكومة نتنياهو دون تفويت شيء ليتفاخر به من اجل ان يكون وسيط نزيه في العملية السلمية، يضعضع مكانة رئيس السلطة محمود عباس في الضفة. استمرار العمليات وفي اعقابها تجديد خطوات الرد الاسرائيلي يمكنها ايضا انهاء التنسيق الامني بين الطرفين.
مع ذلك، كل هذه التطورات ما زالت لم تتبلور الى درجة الوصول الى انتفاضة. من الواضح أن النجاح المحدود للارهاب والى جانبه الشهداء الذين يتحولون الى ابطال محليين، يستدعي موجة لمحاولة تقليد العمليات. ولكن فحص الاحداث الاخيرة يدل على ان معظمها حدث في رام الله، وهي ترتبط بخلية عسكرية أو خليتين. لا فتح ولا اجهزة الامن الفلسطينية متورطون حتى الآن في العمليات. لا يمكن تشخيص ظاهرة شعبية واسعة هنا. ليس هناك حتى الآن مظاهرات حاشدة وصحيح أن عدد احداث رشق الحجارة في الشوارع يزداد، لكنه لا يقترب من احداث صاخبة في السابق.
السلطة نفسها تدرك الخطر الذي يواجه استقرارها من ازدياد قوة حماس، كما دلل على ذلك القمع العنيف للمظاهرات في الضفة بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس حماس. يبدو أن قرار الحكومة اتباع العقاب الجماعي، كما يطلب اليمين الآن، هو القرار الذي يمكنه أن يزيد تدهور الوضع وادخال المزيد من المواطنين الى دائرة الاحتكاك المباشر مع اسرائيل.
الاحداث الاخيرة ستجبر على اجراء فحص ذاتي دقيق من قبل الجيش والشباك. مرتين خلال اربعة ايام حدثت عمليات اطلاق نار قاتلة في محطات الوقوف في رام الله ويبدو أن رد الجنود لم يكن مرضيا. هذا يمكن أن يشير الى فجوة استخبارية، على الاقل عدد من النشطاء كان يجب أن يكونوا معروفين لقوات الامن، ويشير ايضا الى مستوى الاستعداد لدى القوات. جنود “ناحل” الذين اصيبوا لم يكونوا ينتظروا نقلهم بالسيارات الى البيت، بل كانوا في مهمة حماية. مع ذلك، مسلح فلسطيني واحد نجح في الاضرار بهم والهرب دون اصابته وهو يحمل ايضا معه سلاح أحد الجنود. الاحداث كشفت فجوات في الانضباط العملياتي في الجيش، ليس للمرة الاولى في الفترة الاخيرة.