ترجمات عبرية

عاموس هرئيل : في الجيش الاسرائيلي يشخصون – استعداد حماس للتسوية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 6/6/2018

يوم النكسة، الذكرى السنوية الـ 51 على حرب الايام الستة، مر على حدود قطاع غزة بصورة اكثر هدوء مما خططت له حماس مسبقا. قبل اسبوع كان واضحا أن قيادة حماس تعتقد أنها ستجد صعوبة في تجنيد عدد كاف من المشاركين في مظاهرات الجدار اليوم (الثلاثاء). معظم الجهود ستوجه ليوم الجمعة القادم الذي فيه تحيي السلطات الايرانية “يوم القدس”. حسب اقوال الجيش الاسرائيلي، حماس تدير الآن في القطاع نضال يضم عدة وسائل: مظاهرات، اطلاق كميات كبيرة من الطائرات الورقية المشتعلة (التي تركت الحقول المحترقة في غلاف غزة في الايام الاخيرة انطباع عميق على الرأي العام في اسرائيل)، تشجيع خلايا تجتاز الجدار وتقوم بتخريب المعدات العسكرية وبين الفينة والاخرى اطلاق صواريخ وقذائف هاون.

في كل ما يتعلق بالصواريخ، يبدو أن حماس تقوم هنا بلعبة مزدوجة. بعد اشهر من المظاهرات والقتلى، بدون اطلاق قذائف، غير الجهاد الاسلامي قواعد اللعب في الاسبوع الماضي، في يوم قتال اطلق فيه ما يقرب من خمسين صاروخ وقذيفة. وانضم الى اطلاق النار على النقب الذي بدأ كرد على قتل ثلاثة من نشطاء الجهاد الاسلامي، حماس وفصائل فلسطينية اصغر. سلاح الجو رد بعدة هجمات واسعة على مواقع عسكرية لحماس والجهاد، لكنه كان حذرا من التسبب باصابات اثناء عملية القصف. في صباح يوم الاربعاء تم الاعلان عن وقف اطلاق النار، لكن هذا الوقت تم خرقه باطلاق ثلاثة صواريخ من القطاع في نهاية الاسبوع الاخير.

منذ ذلك الحين عاد الهدوء مرة اخرى – حماس نقلت في اليومين الاخيرين رسائل لاسرائيل بواسطة مصر بأنها اعتقلت نشطاء في فصائل “مارقة” (منها الذراع العسكري لفتح في القطاع، الذي منذ فترة لا يتلقى تعليمات من قيادة الحركة في الضفة الغربية)، كانوا متورطين في اطلاق النار. ولكن في جهاز الامن يشكون أنه في نفس الوقت حماس تشجع اطلاق النار عندما يكون هذا مريح لها. لا سيما من خلال محاولة لخلق “معادلة ردع” جديدة، التي في اطارها اسرائيل تخشى من المس باهداف عسكرية لها.

حسب هذا التحليل، حماس ما زالت تبحث عن تسوية في القطاع تخفف من الازمة الاقتصادية ومشاكل البنى التحتية، وما زالت معنية بالامتناع عن مواجهة عسكرية واسعة. مع ذلك، حماس مستعدة الآن للمخاطرة اكثر في السير على شفا المواجهة بصورة تزعزع الاستقرار النسبي الذي ساد قبل ذلك – ويضع الطرفين في الوضع الاكثر خطورة منذ انتهاء عملية الجرف الصامد في صيف 2014.

اسرائيل الرسمية  تواصل التملص من كل نقاش لتسوية طويلة المدى للوضع في القطاع. هي تنفي تماما وجود وقف لاطلاق النار الذي تمت بلورته بموافقتها، وتدعي أنه لا يوجد اساس للبحث في “هدنة” مع عدو لا يعترف بوجودها.

في هذه الاثناء اسرائيل تجد صعوبة في مواجهة الطائرات الورقية المشتعلة. وزير الدفاع ليبرمان قال أمس إنه تم اطلاق 600 طائرة ورقية وبالون من غزة، الثلثين منها تم اعتراضه من قبل الجيش الاسرائيلي. في الوقت الذي يواصل فيه الجيش البحث عن حلول عملية اكثر ازاء الطائرات الورقية، فان السياسيين يتلقون انتقادات لرؤية الحقول المحروقة. وزير الامن الداخلي، جلعاد اردان، قال اليوم في احتفال افتتاح مركز حضري في سدروت إن “فقط الجيش الاسرائيلي يمكنه تصفية مشعلي النيران، وطلب التعامل مع مطلقي الطائرات الورقية مثل المخربين.

هذا دليل اول على الضغط الذي بدأ على الحكومة بهذا الشأن. رئيس الحكومة نتنياهو وفي خطوة ليس لها قيمة عملية كثيرة، اعلن أنها اعطى توجيهات لفحص امكانية خصم مالي من ضرائب السلطة الفلسطينية، بما يتناسب مع الضرر الذي سببته الطائرات الورقية. ولكن الضرر المالي يتم تقديره الآن بخمسة ملايين شيكل فقط (مفهوم أن الضرر المعنوي اسوأ منذلك بكثير)، والسلطة توجد في مواجهة مع حماس. جزء من المشاكل الاقتصادية التي تحل بالقطاع تنبع من قرار السلطة تقليص تدفق الاموال اليه.

مقارنة مع المستوى السياسي، الجيش الاسرائيلي يعطي احتمال اكبر لجهود التسوية. مواصلة الانكار بالصيغة الحالية يمكن أن تؤدي الى مواجهة عسكرية واسعة، حتى لو لم تكن هناك مصلحة مشتركة في ذلك. إن تطور الانكار يرتبط اساسا بعدد المصابين، لا سيما بخسائر محتملة في الجانب الاسرائيلي التي ستجر كالعادة ضغط على الحكومة من اجل العمل.

ولكن بالتحديد حماس، حسب اذرع الاستخبارات، تبث استعدادها للتوصل الى تسوية. وضائقتها الاقتصادية والاستراتيجية تفتح للنقاش تنازلات محتملة كانت تعتبر في الماضي محرمات (طابو): وقف اطلاق الصواريخ وحفر الانفاق، تعهد بوقف جهود تهريب السلاح عبر المعابر وربما حتى ضبط جهود الارهاب للمنظمة من مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

هل هذا جدي؟ في الجيش الاسرائيلي يعتقدون أن الامر هكذا، وأن الوقت الذي سيمر حتى التصعيد القادم يمكن استغلاله لاستكمال بناء الجدار ضد الانفاق على الحدود (حتى النصف الثاني من العام 2019)، ومنح فترة زمنية اخرى لسكان غلاف غزة. في المقابل، قال اليوم الوزير ليبرمان إن من يريد تحسين الوضع الانساني في القطاع “ينثر هذيان واوهام”، وكأنه بهذا سيحل مسألة العنف على طول الجدار. ليبرمان اضاف أنه “بدون حل مسألة الأسرى والمفقودين لن يكون هناك أي شيء. من ناحيتي، ليصرخ الجميع ويولولون”.

حتى هذه الاثناء لا توجد علامات على مفاوضات جدية. وحتى غير مباشرة. يبدو أن السبب الرئيس لذلك سياسي: الخوف من أن حكومة اليمين الحالية من أن تظهر ضعيفة امام حماس. في هذه الظروف – التحفظ من الحرب من جهة، والخوف من الانتقاد من الداخل بسبب الانهزامية من جهة اخرى، فان اسرائيل تقريبا تحكم على نفسها بمواصلة الوضع القائم – حتى زيادة حدته التي لا مفر منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى