ترجمات عبرية

عاموس هرئيل : حماس تريد زيادة اللهب في الجنوب

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 4/6/2018

وقف اطلاق النار غير الرسمي بين اسرائيل وقطاع غزة دخل الى حيز التنفيذ فعليا (غير الرسمي ايضا) في صباح يوم الاربعاء الماضي. لكن منذ ذلك الحين تجدد اطلاق النار من القطاع بين ليلة السبت وساعات الصباح الباكر أمس تم اطلاق قذائف هاون وصواريخ من القطاع. حسب اعلان المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي فان القبة الحديدية اعترضت 4 من بين 6 قذائف وصواريخ. سلاح الجو ردا على ذلك هاجم اهداف في ثلاثة مواقع لحماس في القطاع. لم يتم الابلاغ في أي منها عن مصابين.

التفسير الاسرائيلي لاطلاق النار الفلسطينية الذي يشكل خرق للاتفاق الذي تم التوصل اليه بوساطة مصرية هو أنه يقف من ورائه منظمات مارقة، فصائل جهادية فلسطينية لا تخضع لحكم حماس، إلا أن مشكلة السيطرة الفجائية لحماس في القطاع يجب النظر اليها بدرجة من الشك. خلال شهرين تقريبا حيث قتل اكثر من 100 فلسطيني باطلاق نار الجيش الاسرائيلي في المظاهرات على طول الجدار لم يتم اطلاق أي قذيفة من غزة. اطلاق النار بدأ فقط في يوم الثلاثاء الماضي عندما اطلق الجهاد الاسلامي صليات من القذائف من اجل الرد على قتل ثلاثة من نشطائه على أيدي الجيش الاسرائيلي قبل يومين من ذلك. في حينه انضمت حماس لاطلاق النار، وقامت اسرائيل بالهجوم مرة اخرى والنيران اوقفت فقط في اعقاب تدخل مصر. كيف انتقلت حماس من سيطرة كاملة على اطلاق النار وكذلك على قوة الاحتكاك في المظاهرات الى صعوبة في الضبط؟ يطرح السؤال هل تجديد اطلاق النار لا يخدم الآن قيادة حماس. واكثر من ذلك يبدو أنه على الأقل جزء اطلاق النار الاخير تم بمصادقتها. حماس يمكنها أن تجني منه فائدة من جهتين: الاولى كعامل آخر في المواجهة الى جانب المظاهرات واطلاق الطائرات الورقية الحارقة، التي أحرقت مناطق واسعة من حقول غلاف غزة. يبدو أن هذا خليط من الوسائل هدف الى دفع اسرائيل للتنازل.

استمرار المظاهرات يتوقع أن يكون غدا في الذكرى السنوية لحرب الايام الستة وكذلك في يوم الجمعة. حينها سيصادف “يوم القدس” الذي يخلده الايرانيون. الثانية هي جزء من معادلة الردع الجديدة التي تقول إنه اذا استخدمت اسرائيل النار ضد اهداف عسكرية للتنظيمات (قواعد حماس في عمق المنطقة، مواقع حماس والجهاد الاسلامي على طول الجدار)، ستواجه باطلاق الصواريخ والقذائف على المستوطنات.

الحديث يدور عن انتصار اسرائيلي في جولة الضربات في يوم الثلاثاء كان طرح فارغ بالضبط مثل الادعاءات عن هزيمة نكراء. فعليا، الحكومة وهيئة الاركان لا تريدان في الوقت الحالي حرب في غزة لأنهما تخافان من أن اسقاط حكم حماس لن يجلب معه بديل افضل في القطاع وسيكلف اسرائيل ثمنا باهظا.

اضافة الى ذلك هم يركزون الآن على الجهود لتسوية ابعاد ايران والمليشيات الشيعية من جنوب سوريا. معقول ايضا أن حماس والجهاد الاسلامي، بتشجيع ايران، بالذات معنيون بالاحتكاك في غزة. يصعب التصديق، في المقابل، أن التنظيمات في القطاع تريد الآن مواجهة شاملة. علاقة القوة بين الطرفين معروفة، ويبدو أن الافضلية الاولى لحماس هي تخفيف الوضع الاقتصادي في القطاع، التي عليها تلقى المسؤولية عن الوضع البائس السائد فيه باعتبارها الجهة التي تسيطر في غزة.

إلا أن متاهة الاعتبارات والاهداف هذه يصعب جدا التلاعب بها. الخطر الكامن في استمرار اطلاق النار هو أنه آجلا أم عاجلا سيكون هناك خسائر حقيقية في أحد الطرفين. حينها فان قدرة القيادات على السيطرة بحجم اللهب ستواجه تحد كبير. الطرفان يصممان هنا على رفع مبلغ الرهان، بعد أن تبين في الجولات السابقة أنهما يجدان صعوبة في قراءة الواحد لنوايا خصمه وأنه من السهل جدا الانزلاق لحرب.

لقد فتحت لحكومة نتنياهو بالتحديد الآن نافذة فرص للتوصل الى تسوية مع حماس، ربما تمكن من التوصل الى وقف اطلاق طويل المدى مقابل تسهيلات جوهرية في الحصار الاقتصادي على القطاع. هذا هدف قابل للتحقق حسب تقديرات الجيش الاسرائيلي، كما قال ضابط كبير في محادثة مع مراسلين في يوم الخميس الماضي. في غياب التسوية، فان استمرار اطلاق النار من شأنه أن يؤدي الى انفجار، خلافا لهدف الحكومة.

جيران قدامى – جدد

في الشمال الاتصالات حول اتفاق لابعاد ايران والمليشيات الشيعية عن الحدود الاسرائيلية في هضبة الجولان لم تثمر بعد، رغم ما نشر في وسائل الاعلام العربية (وبدرجة أقل الاسرائيلية). ولكن الخطوط الهيكلية للاتفاق الآخذ في التبلور آخذة في التوضح: روسيا مستعدة لابعاد ايران ومليشياتها عن الحدود، ربما حتى شارع دمشق – السويداء الذي يقع على بعد 70 كم عن هضبة الجولان الاسرائيلية. مع ذلك فان موسكو معنية بأن توافق اسرائيل مقابل اخراج ايران على اعادة قوات نظام الاسد الى الحدود.

يوجد لاسرائيل شكوك فيما يتعلق بالجيران الجدد – القدامى. اضافة الى ذلك فان رئيس الحكومة نتنياهو قرر مؤخرا المطالبة بابعاد كامل للايرانيين والمليشيات من اراضي سوريا كلها. هذا طلب لم يقبله الكرملين حتى الآن وهناك شك في أن يقبل به مستقبلا لأن من شأنه أن يكون مقرونا بمواجهة مباشرة له مع طهران. في هذه الاثناء ينثر الرئيس بشار الاسد نفسه بلبلة موجهة بزعمه أنه لا يوجد لايران أي جنود في سوريا، بل فقط “مستشارين”.

بعد التدقيق في مجمل ما نشر وفحص الامر مع عدد من المصادر الاسرائيلية، يبدو أنه نشأت هنا امكانية لابعاد ايران عن جنوب سوريا في الوقت القريب. ابعاد كامل من الدولة كلها سيكون التوصل اليه اصعب بكثير. احد الاحتمالات هو أن الاتفاق الجزئي سيتم التوصل اليه، كما في تشرين الثاني الماضي، باتفاق بين روسيا والولايات المتحدة والاردن – واسرائيل تستطيع الاعلان أنها ليست طرف فيه، لذلك هي غير ملزمة ببنوده.

ايضا حينها سيكون ما زال يمكن رؤية هل ستعمل اسرائيل ضد اهداف ايرانية في عمق سوريا بعد أن يأخذ الوجود الايراني هناك نوع من انواع الموافقة المجددة من روسيا. نتنياهو قال أمس في افتتاح جلسة الحكومة إن “اسرائيل ستواصل الحفاظ على حرية عملها ضد التمركز الايراني في كل منطقة في سوريا”.

يتطلعون شرقا

خلال ذلك اسرائيل ستكون مضطرة لأن توجه في الايام الاخيرة اهتمام اكبر لما يجري في الاردن. في المملكة جرت في الاسبوع الماضي مظاهرات كبيرة بمشاركة مئات الآلاف في مدن كثيرة احتجاجا على غلاء المعيشة والسياسة الاقتصادية للحكومة. في الخلفية هناك صعوبة في استضافة اكثر من مليون لاجيء سوري والى جانب ذلك التوتر بين السلطات والاخوان المسلمين.

الملك عبد الله الذي اختصر زيارة رسمية في الخارج من اجل العودة الى بلاده قام في السابق بالتعامل بشكل جيد مع موجات احتجاج كهذه. القدس تدرك الحساسية الاردنية للتدخل في الشؤون الداخلية للجيران، لهذا ليس من المعقول أن نسمع أي وزير اسرائيلي يتطرق بشكل علني لما يجري وراءالحدود الشرقية. ومع ذلك فان استقرار المملكة هو مصلحة امنية عليا بالنسبة لاسرائيل. في القدس يتابعون الآن بانتباه خاص المظاهرات في الاردن وجهود النظام لكبح الاحتجاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى