ترجمات عبرية

عاموس هرئيل / ايران وروسيا تستعدان للمعركة على السيطرة – في سوريا في اليوم التالي لانتصار الاسد

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  وأمير تيفون  – 29/8/2018

يوجد عامل مشترك واحد لاحداث الايام الاخيرة في سوريا والذي أخذ في الوضوح: لقد بدأت المعركة على السيطرة من خلف  الكواليس في  نظام بشار الاسد في اليوم الذي سيعقب انتصاره  في الحرب الاهلية الدموية التي دمرت سوريا تقريبا بصورة كاملة. التوتر في الدولة ظهر أمس عندما ارسلت روسيا اسطولا من عشر سفن على الاقل وغواصتين الى شواطيء سوريا والناتو شن هجوما على خطوات موسكو. ارسال الاسطول الروسي هو جزء من هجوم الجيش السوري على المعقل الكبير الاخير للمتمردين في ادلب شمال الدولة جاء بعد يوم من التوقيع على اتفاق امني جديد بين ايران وسوريا.

نشر قوات جوية روسية قبل ثلاث سنوات هو الذي رجح كفة الحرب في سوريا لصالح الرئيس بشار الاسد، والذي كان يسيطر في تلك الفترة على حوالي ربع مساحة سوريا. أيضا اليوم روسيا تحافظ على وجودها العسكري في سوريا من أجل ضمان انتصار الاسد، ولكن يوجد لها مصالح استراتيجية اخرى وعلى رأسها الحفاظ على مخرج الى البحر الابيض بواسطة الميناء الذي تسيطر عليه في شواطيء مدينة طرطوس في شمال سوريا. وسائل الاعلام الروسية تصف تعزيز القوات البحرية الحالي بانه الاكثر كثافة منذ بداية الحرب الاهلية. وسائل الابحار الروسية مزودة بصواريخ كروز التي تستطيع المساعدة في الهجوم  على المتمردين في ادلب.

بالرغم من أن كلا الدولتين هما جزء من نفس نظام القوات المؤيد لنظام الاسد ولا تتواجهان بينهما مباشرة الا انه يوجد تضارب مصالح معين بين روسيا وايران. كل واحدة منهما تتطلع الى عقد صفقات اقتصادية مستقبلية مع النظام لاعادة اعمار الدولة (والتي من شأنها جزئيا الاستناد الى استغلال مواد النفط التي تبقت في سوريا) ولكليهما يوجد مصلحة في الحفاظ على وجود عسكري في سوريا.

وزير الدفاع الايراني وصل اول امس في زيارة الى سوريا واعلن بانه وقع على اتفاق بين كلا  الدولتين والذي في اطاره تساعد ايران في اعادة تأهيل الجيش السوري والصناعات العسكرية في الدولة. الرسالة الايرانية من وجهة النظر الاسرائيلية هي: نحن هنا من اجل ان نبقى. هذه الاقوال قيلت بعد حوالي شهر من استكمال نظام الاسد السيطرة على الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان، وبعد أن اعلنت روسيا انها اتفقت مع الايرانيين على ابعاد قواتهم حتى 85 كيلو متر من الحدود مع اسرائيل.  التفاهم الروسي  الايراني لا يتضمن محيط مدينة دمشق الموجود داخل المنطقة الفاصلة الجديدة.

التحذيرات الاسرائيلية بخصوص الشأن الايراني وجهت في السنة الاخيرة ضد تواجد رجال الحرس الثوري في سوريا وضد نشر انظمة عسكرية ايرانية في سوريا. اعادة تأهيل الجيش السوري والذي وضعه متدهور جدا بعد سنوات من الحرب لا يحتل مكانة متقدمة في جدول التهديدات التي تقلق اسرائيل.

في اسرائيل يشخصون تهديدات محددة، ايضا داخل الحلف الوثيق بين سوريا وايران. في الاسابيع الاخيرة حدث حدثين في منطقة مدينة ابو كمال شرقي سوريا بالقرب من الحدود مع العراق. الجيش السوري هاجم هناك مرتين بميليشيات شيعية مؤيدة لايران. هذه الخطوة بدت وكأنها جزء من صراع داخلي على السيطرة على طول ما يسمى الجسر البري الايراني، وهو الخط  الواصل من ايران مرورا بالعراق وحتى دمشق ومن هناك  الى بيروت.

قبل حوالي شهرين وردت  تقارير عن هجوم جوي في نفس المكان والذي نسب الى اسرائيل. الحرب في سوريا حسمت في صالح نظام الاسد، ولكن واقع اليوم الذي سيعقب ذلك ما زال آخذا في التشكل وهو مرتبط بصراعات قوى عديدة بين الاطراف المختلفة.

الولايات المتحدة خارجا

لا يوجد لادارة ترامب في المرحلة الحالية سياسة واضحة بشأن اعادة اعمار سوريا باستثناء مبدأ واحد: القاء المسؤولية الكاملة بهذا الشأن على روسا ونظام الاسد. سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة نيكي هيلي أوضحت ذلك امس في لقاء امني عقد في واشنطن. “سوريا تعود للاسد وروسيا الان”، قالت هيلي. “المنطق  هو أنهم حطموا سوريا. الان هم عليهم اصلاح ما فعلوه. هم يتوقعون من الولايات المتحدة أن تقوم بالاصلاح. ولكننا سنظل خارج هذه العملية”، اضافت هيلي.

ان مقاربة الادارة الامريكية تثير الخوف في اوساط خبراء في واشنطن والذين يحذرون من انه في غياب التدخل الامريكي سيكون من الاسهل على ايران ان تكسب من عملية اعادة الاعمار وهذا بالضبط في الفترة التي فيه الاقتصاد الايراني في ضائقة في اعقاب العقوبات الامريكية. اقوال وزير الدفاع الايراني هذا الاسبوع اشارت الى نوايا بلاده.

طهران تحاول السيطرة ايضا على سوق الاتصالات في سوريا، والذي جزء من بنيته التحتية في الاساس في منطقة دمشق ظلت قائمة بعد الحرب. اتفاق بشأن ذلك سبق ووقع في السنة الماضية بين دمشق وطهران. الى جانب مصدر الدخل الثابت الذي من شأنه فقط ان ينمو مع السنين فان السيطرة على سوق الاتصالات من شأنه ان يخدمهما ايضا من ناحية استخباراتية، قال لـ “هآرتس” مات برودسكي، الخبير الامريكي للسياسة الخارجية والذي نشر مؤخرا بحثا حول النشاط الاقتصادي الايراني في سوريا.

واضاف ان ايران نفذت عملية مشابهة في العراق. حسب اقواله “هنالك حوار حذر بشأن محاولتهما لانشاء تواصل من التواجد العسكري من العراق حتى لبنان. السيطرة على البنى التحتية للاتصالات تساعدهم في تحقيق هذا الهدف”. برودسكي وصف في بحثه كيف أن النظام السوري يخطط لان يؤمم بواسطة تشريعات للاراضي الزراعية الذي تركها لاجئون هربوا من سوريا وتوزيعها على مقاتلي الميليشيات الشيعية المدعومة من ايران. على جزء من هذه الاراضي من المتوقع ان تقام مشاريع للسكن يتولى تنفيذها مقاولون ايرانيون.

بالاضافة الى ذلك شركات ايرانية لها علاقة بالحرس الثوري سيطرت على مناجم الفوسفات في سوريا، وشركات بناء ايرانية اصبحت نشيطة في منطقة دمشق. “الايرانيون يرون في سوريا ليس فقط منطقة عسكرية بل ايضا ساحة للنشاط الاقتصادي سيكونون بحاجة لها في السنوات القريبة القادمة”، قال برودسكي.

ايضا الدكتور اريان طبطبائي، الخبيرة في الشؤون الايرانية في معهد “راند” قالت لـ “هآرتس” بان “الايرانيون لن يوافقوا على الخروج من سوريا في السنوات القريبة لانهم يخططون لان يكسبوا الكثير من الاموال هناك. العقوبات الامريكية فقط تزيد الضغط على النظام لاستغلال عملية اعادة اعمار سوريا من أجل تحسين الوضع”. القيادة الايرانية حسب اقوالها تقدر بانه “حتى لو كان واضحا ان ايران تكسب من اعادة الاعمار فان هذا لن يمنع اوروبا ودول الخليج من ان تضع اموال. لا أحد يريد ان تتحول سوريا الى نسخة اخرى من ليبيا”. نظام الاسد من جانبه يحاول مؤخرا اقناع رجال اعمال سوريين تركوا الدولة في بداية الحرب العودة والاستثمار فيها على الاقل في منطقة دمشق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى