ترجمات عبرية

عاموس هرئيل – اهتمام بوتين بلبنان كفيل بأن يقيد اكثر فأكثر : نشاط الجيش الاسرائيلي في الشمال وعندما تقول ماما روسيا لا

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 16/11/2018

خلف الحذر غير العادي الذي تبديه اسرائيل في مواجهتها مع حماس في الجنوب يقف ايضا قلق متزايد في الجبهة الشمالية. رغم أن هذه الاقوال يمكن أن تبدو كذريعة واهية، يبدو أنها تندمج جيدا في الاعتبارات التي يأخذها في الحسبان بنيامين نتنياهو، الذي اختار مرة تلو الاخرى العودة الى مسار جهود التسوية في القطاع.

المشكلة التي تقف امام اسرائيل في الشمال تتعلق باختصار بالخطر الملموس من اغلاق نافذة الفرص العملياتية. في السنوات الاخيرة تركزت نشاطات الجيش الاسرائيلي خلف الحدود فيما يسميه الجيش المعركة بين حربين. اسرائيل استغلت الهزة الكبيرة في العالم العربي من اجل توسيع نشاطاتها الهجومية، السرية في معظمها. بواسطة مئات الهجمات الجوية والعمليات الخاصة عمل الجيش الاسرائيلي وأذرع الاستخبارات لابعاد خطر الحرب القادمة وتقليص القدرة العملياتية للعدو، في حالة اندلاع الحرب على الرغم من ذلك.

في سوريا ولبنان تركزت المعركة في البداية في احباط تهريب السلاح المتطور من ايران لحزب الله. في السنة الاخيرة اضيف الى ذلك مهمة جديدة وهي منع التمركز العسكري لايران في ارجاء سوريا، وذروتها كانت في الحرب التي ادارها الجيش الاسرائيلي مع حرس الثورة الايراني في سلسلة هجمات واحداث في اشهر الشتاء والربيع.

إن استقرار نظام الاسد يغير بالتدريج هذا الواقع. سواء أن روسيا ما زالت غاضبة حقا على حادثة اسقاط طائرة اليوشن (بواسطة مضادات الطائرات السورية) في ذروة هجوم اسرائيلي قبل شهرين، أو أنها فقط تستغله من اجل أن تملي قواعد لعب استراتيجية جديدة في الشمال، النتيجة واحدة. اسرائيل لم تتوقف تماما عن الهجمات في الاراضي السورية. قبل حوالي اسبوعين وردت تقارير عن هجمتين منذ اسقاط الطائرة، لكن يبدو أن روسيا قلصت خطواتها، ايضا اللقاء الخاطف بين نتنياهو والرئيس بوتين الذي تم التنسيق له أخيرا بعد جهد اسرائيلي كبير على هامش المؤتمر الدولي في باريس في بداية هذا الاسبوع، لم يحل الازمة كما يبدو. بوتين قال أمس إنه ليس هناك لقاء آخر مخطط له مع رئيس الحكومة قريبا.

الروس اوضحوا لاسرائيل بشتى السبل أنه من ناحيتهم ما كان لن يكون من الآن فصاعدا، أن النشاط المحموم لسلاح الجو يشوش على مشروعهم الاساسي، وهو اعادة السيطرة للنظام على معظم الاراضي السورية وتوقيع اتفاقات طويلة المدى مع الرئيس بشار الاسد تضمن الحفاظ على المصالح الامنية والاقتصادية لموسكو في سوريا. إن عدم الرضى هذا يتم التعبير عنه في السلوك الاكثر عدوانية في “الخط الساخن” الذي يربط قيادة سلاح الجو الاسرائيلي بالقاعدة الروسية في حميميم، في شمال غرب سوريا، الذي دوره هو منع احداث جوية بين الطرفين. هو ينعكس ايضا في المقاربة العدائية من جانب مشغلي مضادات الطائرات والطيارين الروس في سوريا.

في الخلفية يمكن أن تتطور مشكلة في لبنان ايضا. نتنياهو حذر في خطابه في الجمعية العمومية للامم المتحدة في نهاية ايلول من محاولات ايران وحزب الله اقامة خطوط انتاج للصواريخ في بيروت. يبدو أنه على خلفية الصعوبات في نظام التهريب توصلت قوة القدس في حرس الثورة الايراني الى استنتاج بأنه يجب عليها تقصير البعد بين ايران والمستهلك وتركيز النشاطات في تطوير مستوى دقة صواريخ حزب الله على الاراضي اللبنانية نفسها. خطاب نتنياهو فعل فعله: في الايام الثلاثة التي مرت بين خطابه في الامم المتحدة والجولة التي قامت بها حكومة لبنان للدبلوماسيين في بيروت من اجل دحضها، عمل أحد ما بشكل كبير لاخفاء البينات على الارض، ولكن في المدى الزمني الأبعد مشكوك فيه أن تتنازل ايران عن هذه العملية.

المقلق اكثر هو أن بوتين يظهر مؤخرا اهتماما اكبر بما يجري في لبنان. في سيناريو متطرف اكثر فان نفس مظلة الدفاع، العملية والرمزية، التي تنشرها روسيا في شمال غرب سوريا ستتسع لتشمل لبنان، وتعقد اكثر نظام الاعتبارات الاسرائيلية.

هكذا ايضا، على الاقل حسب تقارير وسائل الاعلام العربية، فان اسرائيل لا تقوم بالقصف في لبنان منذ حادثة جانتا، في شباط 2014 كما يبدو، كجزء من ملاحقة قافلة سلاح مرت في الاراضي السورية، تم الابلاغ عن هجوم لسلاح الجو حدث في بلدة جانتا، على بعد بضع مئات من الامتار من الجانب اللبناني للحدود مع سوريا. حزب الله الذي كان مستعدا للتظاهر بأن الأمر يتعلق بأمطار طالما أنه تم قصف قوافله في الجانب السوري، رد على الفور بواسطة سلسلة عمليات عبوات ناسفة على الحدود في هضبة الجولان – بقيادة تنظيمات من الدروز من سكان هضبة الجولان السورية (قادة الشبكة، المخرب اللبناني سمير قنطار ومن حل محله في حزب الله، جهاد مغنية، قتلا لاحقا في الهجمات التي نسبت لاسرائيل). منذ ذلك الحين الهجمات الاسرائيلية ركزت على الاراضي السورية. ولكن لعب الشطرنج مع حزب الله هو أمر، ومحاولة فك شيفرة ما يريده بوتين، في سوريا وربما في لبنان ايضا، في الوقت الذي يحاول فيه حزب الله انتاج سلاح هناك، هذا كما يبدو تحد مختلف تماما.

ركيزة آمنة

يمكن الرهان على أن نتنياهو قد رمز الى عدم التأكد ذاك في خطابه أول أمس في احتفال ذكرى بولا بن غوريون عندما تحدث عن اعتبارات امنية لا يمكنه تقاسمها مع الجمهور. الشمال ليس الهم الوحيد. في محادثات مغلقة وبصورة استثنائية ايضا في عدد من خطاباته الاخيرة ظهر رئيس الحكومة واضحا وصريحا. هو سيواصل القيام بكل ما في وسعه لمنع حرب يراها خطيرة وغير ضرورية. في المقابل، مثلما لدى وزير الدفاع ليبرمان، يعتمل لدى نتنياهو الخوف من الضرر السياسي، رغم اقواله هذا الاسبوع بأنه مستعد لاستيعاب الضرر. استطلاع شركة الاخبار أول أمس كان الاصعب على الليكود منذ ثمانية اشهر حيث هبط الى 29 مقعدا.

في معركة الصد التي يديرها ضد مؤيدي الحرب في غزة، يجد نتنياهو ركيزة آمنة في رئيس هيئة الاركان، غادي آيزنكوت، كلاهما يظهران متوائمان تماما. رئيس الاركان هو الذي عرض هذا الاسبوع على وزراء الكابنت وصفا واقعيا لتطور الاحداث. في هذه الحالة اسرائيل هي التي بدأت التصعيد. بفضل ضغط من مصر ارسلته بعثة مخابرات الى القطاع، كبحت حماس العنف في احداث يومي الجمعة السابقين في المظاهرات على طول الجدار. زعماء حماس كانوا راضين عن الزخم الايجابي الذي ادخله الوقود والاموال من قطر. وبالاساس من مضاعفة ثلاث مرات ساعات تزويد الكهرباء المقلصة للسكان. في اسرائيل قدروا بأن هذا سيمكن من التقدم ايضا في الاتصالات من اجل التوصل الى تسوية بعيدة المدى.

رغم هذا الوضع الهش، تمت المصادقة مسبقا على العملية الخاصة لوحدة مختارة في خانيونس. عمليات كهذه تمر تحت رادار العدو عشرات المرات في العام في قطاعات مختلفة. الجيش يعتقد أن هذه العمليات حيوية وتبرر أخذ مخاطرة ثابتة بالتعقد ووقوع خسائر والأسر، حتى في ظروف استراتيجية حساسة. كشف المقاتلين من قبل دورية لنشطاء الذراع العسكري لحماس انزلق الى معركة تبادل اطلاق النار قتل خلالها المقدم م. ونائبه، كما قتل سبعة فلسطينيين مسلحين وأصيب سبعة آخرين. الشجاعة التي اظهرها ضابط الاحتياط المصاب وباقي المقاتلين مكنتهم من الاتصال مع الطائرة المروحية التي انقذتهم وانقاذ حياة المصاب.

في نظر الجيش، رد حماس ربما هو غير مبرر، لكن كان يمكن تفهم اسبابه. حماس كشفت عملية سرية اسرائيلية في جبهتها الداخلية وتلقت اصابات كثيرة. ردها تضمن اطلاق 460 صاروخ وقذيفة، وبدايته اطلاق صاروخ مضاد للدبابات اطلق على حافلة على الحدود في يوم الاثنين ظهرا. الجيش الاسرائيلي رد بعدة هجمات جوية ضد اهداف لحماس والجهاد الاسلامي، منها بضعة مباني متعددة الطوابق في غزة. في المناقشات الامنية وجلسة الكابنت تم طرح ثلاثة بدائل: الامتناع عن الرد، توجيه ضربة وصفها الجيش بأنها ضربة شديدة أو شن معركة واسعة، الى درجة “الجرف الصامد 2”. الجيش الاسرائيلي (ضباط قدامى سيقولون إن هذه دائما كانت هي الطريقة) أوصى بالبديل الثاني، الفوري في نظره.

عدد من الوزراء طلبوا من الجيش توضيح لماذا لم ينفذوا عمليات اغتيال لزعماء حماس. التفسير يرتبط ايضا بالصروة التي بدأت بها جولة اللكمات الاخيرة. اسرائيل لم تخطط لها مسبقا، وفور اندلاعها نزل زعماء حماس تحت الارض وتم فقدان عنصر المفاجأة. ولكن الجيش الاسرائيلي ليس متحمسا على كل حال الى العودة الى الاغتيالات. هناك وزراء يعتقدون أنه يمكن ادارة معركة طويلة عن بعد، دون ادخال قوة برية الى القطاع. رئيس الاركان يتوقع أن تأثير الدومينو يمكن القيام به بصورة اخرى: الفلسطينيون سيردون باطلاق النار على غوش دان والحكومة بضغط من الجمهور ستعطي تعليمات لتجنيد الاحتياط، وازاء استمرار التدهور ايضا ستعطي تعليمات بالدخول البري للقطاع. هنا سيحدث أمر من أمرين: إما أن تحتل اسرائيل القطاع وتتورط بأخذ ادارة الاحتلال بأيديها، وإما أن تتوقف عن القتال بعد بضعة اسابيع حيث تعود المفاوضات مع حماس بالضبط الى نقطة البداية.

في هيئة الاركان لا يعتقدون أن عدد المصابين يقتضي شن حرب، وهم متفاجئون قليلا من التشوق الذي أظهره بعض الوزراء للعودة الى ايام حرب لبنان الثانية وعملية الجرف الصامد. صحيح أنه قتل في هذا الاسبوع الضابط م. وبعده عامل فلسطيني اصيب جراء صاروخ كاتيوشا لحماس في عسقلان، ولكن عدد الخسائر في الطرف الفلسطيني اكثر بكثير. حوالي 250 شخص قتلوا هناك منذ بداية العام مقابل 3 قتلى في اسرائيل. في الجيش لم يوافقوا على موقف وزير الدفاع المستقيل ليبرمان بأنه “حان الوقت لحرب لا مناص منها”. حسب هذا المنطق، قالوا هناك، كنا سنقوم بعملية واسعة كل اسبوعين على مدى السبعين سنة الاخيرة. من الافضل التقاط الانفاس والتفكير قبل القيام بعمل غبي. الحرب، يقولون في الجيش، يجب ان تكون فقط مخرج اخير، بعد فحص جذري للبدائل الاخرى.

اريئيل شارون الذي كان آيزنكوت سكرتيره العسكري، شن حرب، عملية “السور الواقي” في الضفة الغربية، فقط بعد اكثر من 130 قتيل اسرائيلي في شهر واحد، آذار الرهيب في العام 2002. حسب ادعاء المخابرات حماس ايضا تفهم علاقة القوة العسكرية وكذلك هي تريد عدم الوصول الى حرب بسبب معرفتها أن الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون سيكون باهظا بشكل كبير.

التزام مصر وقطر بالتوصل الى تسوية ما زال يمكن أن يؤدي الى التوصل الى اتفاق غير مباشر، يمنع الحرب ويبدأ بحل الازمة الصعبة في القطاع. في هذه الاثناء، بعد اسبوع من شبه الحرب، وقف اطلاق النار في اللحظة الاخيرة، ازمة ائتلافية واستقالة دراماتيكية لوزير الدفاع، جاء مرة اخرى يوم جمعة ومعه انتظار رؤية كيف ستتطور الامور على الحدود. يمكننا التقدير بأن الخط الذي سيتبعه الجيش الاسرائيلي اليوم سيكون متشددا بشكل خاص من اجل أن يشير الى أنه غير مستعد للعودة الى واقع المواجهات العنيفة مع المتظاهرين على الحدود.

الوعد الاخير

في حزيران 2016 بعد اسبوعين على تولي وزير الدفاع لمنصبه، التقى ليبرمان في لقاء تعارف مع المراسلين العسكريين. خلافا لسلفه، موشيه يعلون، ليبرمان جاء الى اللقاء وهي يرتدي بدلة وربطة عنق. هكذا اوضح بأنه ينوي الحضور لكل نقاش وكل زيارة في الجيش. المسؤولية تقتضي ذلك، لقد تعهد للمراسلين العسكريين بأن يلتقي معهم مرتين في السنة، عيد الفصح ورأس السنة.

من هنا انتقل وزير الدفاع الجديد الى اعطاء صورة عن الوضع الحالي، ومنها ظهرت اختلافات المقاربة بينه وبين من حل محله. المشكلة الرئيسية لاسرائيل، هكذا فاجأ ليبرمان سامعيه، ليست في لبنان أو غزة، هي تنبع من الشخص الذي يجلس في رام الله، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يستخدم ضدها “ارهاب سياسي” في الساحة الدولية. بالنسبة للقطاع، فان الحرب ضد حماس هي أمر لا يمكن منعه، لكن اسرائيل يجب أن تشنها فقط عندما لا يكون خيار آخر. وعند حدوث ذلك، يجب أن تكون هي الحرب الاخيرة. يجب اسقاط حكم حماس ونقل السلطة الى جهة اخرى، وإن كان ذلك ليس لأبو مازن. على هذا الشخص لا يمكن الاعتماد.

البدلة وربطة العنق هي أول ما ذهب كلما أخذ الصيف الاول لليبرمان بأن يصبح حارا. وزير الدفاع اظهر أن السفر بسيارة الهامر المحصنة لقائد فرقة غزة وهو يرتدي السترة الواقية، هو تجربة لا تحتمل بالزي الرسمي. اللقاءات الدورية مع المراسلين تباعدت اكثر كلما تقادم في منصبه. وهذه استبدلت بمكالمات هاتفية قصيرة، التي فيها بعد الافتتاحية المعتادة لليبرمان عن الجنة والعسل، انتقل لمعرفة واقعية عن تعقد الوضع الاستراتيجي وقيود العمل الملقاة على اسرائيل.

حتى قبل أن يعين لمنصبه فقد أسمع ليبرمان نفس التصريح في مقابلة لروعي كاتس في “سبت الثقافة” في بئر السبع، التي فيها أعطى اسماعيل هنية 48 ساعة ليعيش فيها بعد دخوله الى منصب وزير الدفاع. القليل جدا من السياسيين الاسرائيليين دفعوا ثمنا باهظا عن هذا التبجح الواحد غير المحسوب. ليبرمان يغلق الباب خلف فترة ولاية حزينة ومحبطة جدا. في المؤتمر الصحفي في الكنيست الذي اعلن فيه أول أمس عن استقالته ظهر وكأنه يتنفس الصعداء بعد أن ازيل عن ظهره حمل ثقيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى