ترجمات عبرية

عاموس هرئيل : الهجوم في سوريا يدل على – تصميم دولي متزايد لصد ايران

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 20/6/2018

التفسير المحتمل للتطورات الاخيرة في الشرق الاوسط لم يتم حتى الآن بسطه بشكل كامل. ولكن الخطوط الرابطة بدأت تتضح. خلال اقل من اسبوع حدث قصف جوي غامض ضد مقاتلي مليشيا شيعية قرب الحدود السورية العراقية، وهو قصف تنسبه مصادر في الادارة الامريكية لاسرائيل. بدأ هجوم شديد للسعودية في اليمن بدعم الولايات المتحدة والدول الاوروبية ضد معقل الحوثيين المدعومين من ايران. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو زار بشكل مفاجيء الملك عبد الله في عمان وما زال يوجد قطار جوي مستمر من المبعوثين الامريكيين والروس الذين يتجولون في دول المنطقة.

في خلفية كل هذه الاحداث تقف باستمرار محاربة المحور الامريكي، الذي بدرجة ما هناك شركاء له، من جهة اسرائيل ومن الجهة الاخرى السعودية واتحاد الامارات لوقف نفوذ ايران في المنطقة. هذا يشكل استمرار مباشر لقرار ادارة ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي بين المجتمع الدولي وطهران الذي في اعقابه زادت الازمة الاقتصادية حدة. هذه توجهات دراماتيكية، التي فقط جزء صغير من الاحداث المتعلقة بها تم الكشف عنه حتى الآن لانظارنا. يجب أن نأخذ في الحسبان ايضا عندما نتحدث عن سلم الاولويات الاسرائيلي ازاء العلاج المتردد والبطيء للحكومة لاحراق الحقول والمحميات الطبيعية في بلدات غلاف غزة نتيجة هجوم الطائرات الورقية لحماس (الليلة الماضية بدأ تصعيد آخر مع اطلاق 45 صاروخ وقذيفة ردا على الهجمات الاسرائيلية).

الهجمات في سوريا في فجر يوم الاثنين هي هجمات استثنائية في مكانها وحجمها. القصف حدث قرب مدينة البوكمال شرق سوريا بعيدا عن هجمات سابقة نسبت لاسرائيل، التي في معظمها حدث في وسط سوريا وجنوبها. النظام السوري اتهم في البداية الولايات المتحدة بالمسؤولية عن الهجوم، وهي نفت ذلك بشدة. بعد ذلك جاءت تقارير من الـ سي.ان.ان بأن اسرائيل هي التي قامت بالهجوم على بعد اكثر من 400 كم عن حدودها.

اسرائيل كالعادة رفضت التطرق لهذه الادعاءات. من سوريا وردت تقارير عن عشرات القتلى، مقاتلون من مليشيات شيعية مرتبطة بايران. مهاجمة موقع بعيد جدا الموجود مع ذلك في مدى سلاح الجو وعدد من الطائرات الاسرائيلية بدون طيار، يمكن أن تدل على اعتبار عملياتي مستعجل – المس بمهربي السلاح أو قوات التعزيز، أو اعطاء اشارات استراتيجية.

اسرائيل تحذر منذ اكثر من سنة من انشاء ممر بري تحت سيطرة ايران، عبر العراق وسوريا، وحتى رجال حزب الله في لبنان. نتنياهو ايضا يعلن بين الفينة والاخرى، وفي المرة الاخيرة في جلسة الحكومة في يوم الاحد، بأن الجيش الاسرائيلي سيعمل على ابعاد التواجد العسكري الايراني من كل الاراضي السورية، حتى لو احتاج هذا الامر الى العمل في عمق المنطقة. إن تمسك رئيس الحكومة مبدئي (ايران أنهت دورها في هزيمة معارضي الرئيس بشار الاسد ونظامه اليوم مستقر تماما). ولكن (اخلاء جزئي لا يمنع الصواريخ الايرانية في عمق سوريا من المس بأهداف على الاراضي الاسرائيلية).

القصف الاستثنائي حدث على خلفية مواصلة جهود روسيا للتوصل الى اتفاق جديد في جنوب سوريا. التقديرات المتفائلة في اسرائيل عن امكانية بلورة اتفاق حول زيارة وزير الدفاع ليبرمان لنظيره وزير الدفاع الروسي سرجيه شويغو في موسكو قبل اسبوعين لم تتحقق حتى الآن.

على الاجندة يقف ابعاد حرس الثورة الايراني والمليشيات الشيعية الى بعد اكثر من 60 كم عن الحدود في هضبة الجولان شرق شارع دمشق – درعا. نتنياهو، كما اسلفنا، يطالب باخلاء كامل للايرانيين. ولكن ايضا موافقة اكثر تواضعا من الزاوية الاسرائيلية، لم يتم تحققها بعد. الهجوم الجوي المنسوب لاسرائيل في شرق سوريا من شأنه أن يفسر كعملية مكملة لوسائل التسوية في جنوب الدولة أو كعملية بديلة – عودة الى استخدام القوة العسكرية في حالة فشل الجهود السياسية.

كل ذلك يحدث خلال جولات دبلوماسية متزايدة في المنطقة. قائمة جزئية من الاسبوع الاخير تشمل زيارة نتنياهو لعمان، زيارة رئيس مجلس الامن القومي مئير لن شبات لموسكو، وصول قائد قوات الشرطة العسكرية الروسية الى اسرائيل التي تعمل للحفاظ على حماية الحدود وزيارة مبعوثي ترامب جيرالد كوشنر وجيسون غرينبلاط لعدد من العواصم في المنطقة.

كوشنر وغرينبلاط منشغلان بالاساس في التحضير لعرض مبادرة السلام للرئيس في القناة الاسرائيلية الفلسطينية. ولكن في نفس الوقت يحاولان تجنيد دعم مالي من السعودية ودول الخليج لمشاريع لاعادة اعمار البنى التحتية في قطاع غزة.

الموافقة السعودية غير منفصلة عن الخطوات الاقليمية الاوسع. ومن المنطق التقدير أن استعدادهم لفتح محافظهم في القطاع مرتبط بدرجة ما بقوة التصميم الذي تظهره الادارة الامريكية في جهودها لطرد الايرانيين.

هذه المرة مع واشنطن

في هذه الاثناء السعوديون يعملون بأنفسهم، وبصورة نادرة نسبية يسجلون ايضا نجاح عسكري معين. في الاسبوع الماضي بدأ هجوم عسكري واسعة للسعوديين وقوات اتحاد الامارات ضد المتمردين الحوثيين في ميناء الحديدة على الشاطيء الغربي في اليمن.

المنطقة الواقعة تحت سيطرة المتمردين تشمل الآن العاصمة صنعاء واقل من 20 في المئة من مساحة الدولة. عبر الميناء الذي هوجم تدخل معظم المؤن الى الدولة، لكن اليه ايضا وصل جزء من الصواريخ التي زودتها ايران للحوثيين الذين يطلقون تقريبا كل اسبوع صاروخ سكاد نحو العاصمة السعودية الرياض.

يوجد لمدينة الحديدة اهمية استراتيجية بالنسبة لكل الدول الواقعة على شاطيء البحر الاحمر لأنها قريبة نسبيا من مضيق باب المندب الذي يسيطر على الخط البحري من قناة السويس نحو شرق آسيا. الهجوم السعودي تم بدعم وتدخل عسكري محدود للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

عندما تستعرض القيادة الايرانية الوضع في الشرق الاوسط، من المعقول الافتراض أنها أقل رضى مما كانت في وضعها قبل بضعة اشهر. منذ ذلك الحين، الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية المتوقعة اصبحت تجبي ثمن من اقتصاد ايران (فقط مبلغ صفقة طائرات الركاب التي ستلغى مع شركة “بوينغ” يبلغ تقريبا 20 مليار دولار). في الانتخابات العراقية فاز الزعيم الشيعي المستقل مقتدى الصدر، الذي طهران تحاول الآن التوصل الى اتفاق سياسي معه؛ اسرائيل صدت قبل فترة قصيرة جهود التمركز العسكري الايراني في سوريا والضغط العسكري ضد الايرانيين يتواصل في سوريا وفي المقابل في اليمن.

كل ذلك لا يعني أن طهران ستتنازل بالضرورة من مخططاتها في الشرق الاوسط. من المعقول أنه بقيت مع الايرانيين اوراق كثيرة. ولكن صراع النفوذ الاقليمي تجدد بشدة كبيرة، وهذه المرة يبدو أن واشنطن مستعدة لأن تأخذ فيه دور اكثر نجاعة مما قامت به في السنوات الاخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى