ترجمات عبرية

عاموس هرئيل – الصراع بين إسرائيل وايران في سوريا يعود الى غيار عال

بقلم: عاموس هرئيل، هآرتس ٢٢-١-٢٠١٩

المواجهة بين اسرائيل وايران في سوريا تعود الى غيار عال. هذا هو معنى احداث اليوم الاخير على الحدود السورية: هجوم جوي في منطقة دمشق، اطلاق نار استثنائي لصاروخ ارض – ارض من الاراضي السورية نحو اراضي اسرائيل والذي تم اعتراضه بواسطة القبة الحديدية، وفي اعقاب ذلك قصف لسلاح الجو فيه تم قصف عدة اهداف لحرس الثورة الايراني في سوريا.

التطورات الاخيرة تلقي ظلال من الشك على الرضى الذاتي للقيادة الاسرائيلية التي تفاخرت بانجازاتها في الصراع ضد ايران في سوريا. الجيش الاسرائيلي سجل بالفعل انجازات غير قليلة في جهوده لصد التمركز العسكري الايراني في سوريا وتهريب السلاح عبر الاراضي السورية من ايران لحزب الله في لبنان. قائد قوة القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، خطط كما يبدو تقدم اسرع كثيرا لخطواته في سوريا التي تم التشويش عليها بسبب النشاطات الاسرائيلية.

لكن هذه القصة بعيدة عن النهاية. خلافا للانطباع الخاطيء الذي يمكن أن يتولد من المقالات في وسائل الاعلام والتصريحات في الاسابيع الاخيرة. يبدو أن الجنرال المخضرم الذي يحارب اسرائيل منذ عشرات السنين لم يتخل عن جهوده. بعد المواجهة الاخيرة بين الطرفين في ايار السنة الماضية، التي خرج منها الايرانيون مصابون، سليماني اعاد من جديد حساب خطواته وانتظر الوقت المناسب لاستئناف الحرب.

الصراع يتركز الآن على قواعد اللعب في الساحة الشمالية، مع ترسخ سيطرة نظام الاسد في سوريا. ايران تريد مواصلة تهريب السلاح الى جانب اقامة قواعد وانظمة قتالية في سوريا؛ اسرائيل تريد منع ذلك. الحقيقة الشاذة بأنه تم اطلاق صاروخ ارض – ارض بمدى متوسط من سوريا لا تدل على أن ايران هي التي تقود الحرب، لكن هذه الحقيقة توضح أن المواجهة بين الطرفين بعيدة عن نهايتها.

كل ذلك كان كما يبدو سيحدث على كل الاحوال، لكن ربما أن التصريحات الاسرائيلية الاخيرة سرعت بدرجة ما العملية. لقد بدأ ذلك باقوال رئيس الاركان السابق غادي آيزنكوت حول آلاف الاهداف التي هاجمها سلاح الجو في السنوات الاخيرة واستمر بقرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتحمل المسؤولية العلنية عن الهجوم الذي وقع في منطقة دمشق قبل عشرة ايام. في المستويات المهنية لم يكونوا شركاء في قرار خرق سياسة الغموض ولم يتحمسوا لها.

الجيش الاسرائيلي وباعلان رسمي القى المسؤولية المباشرة عن اطلاق الصاروخ، من انتاج ايراني، على حرس الثورة الايراني الذي شغله. وردا على ذلك تم قصف عدة مواقع عسكرية مرتبطة بالايرانيين – مخازن للسلاح، معسكر  تدريب، معسكر للمخابرات، في محيط دمشق. ايضا عدد من بطاريات دفاع جوي سورية قصفت واصيبت، بعد أن اطلقت الصواريخ على طائرات سلاح الجو الاسرائيلي. روسيا اعلنت هذا الصباح بأنه في الهجوم قتل اربعة جنود سوريين، وحسب تقارير غير رسمية من سوريا، في الهجوم قتل سوريين وتسعة اجانب. اذا كان الحديث يدور عن ايرانيين فان هذا الامر سيزيد التوتر.

هجوم اسرائيل عاد وكشف الوعود الكاذبة التي نشرتها موسكو قبل نصف سنة فقط. في حينه، حول اعادة احتلال هضبة الجولان السورية من قبل قوات الاسد، تعهدت روسيا لاسرائيل، مقابل عدم التدخل لصالح المتمردين، بابعاد القوات الايرانية الى مسافة كبيرة عن الحدود (تم اعطاء بيانات مختلفة: من 60 – 70 كم أو حتى 100 كم). عمليا تبين بعد ذلك أن الروس لا يشملون في تعهدهم منطقة دمشق العاصمة. وحتى في الجولان الايرانيون لا يطبقون التفاهمات التي تم التوصل اليها معهم. عندما عاد نظام الاسد الى جنوب سوريا، عرضت حكومة اسرائيل الاتفاق مع روسيا كانجاز كبير. الآن بسبب ما، هناك صمت حول هذا الامر.

في وسائل الاعلام يكثرون الحديث عن التصعيد في الشمال باعتباره الاختبار العملي الاول لرئيس الاركان الجديد افيف كوخافي، لكن الاكثر اهمية من ذلك هو دور رئيس الحكومة. نتنياهو تقدم نحو هذا التحدي وهو على رأس حكومة لا تعمل تقريبا، حيث أن الاحزاب الاعضاء فيها تتشاجر فيما بينها حول الحملة الانتخابية. هو يشغل بصورة متوازية منصب رئيس الحكومة ووزير الخارجية ووزير الدفاع، ولم يبق له تقريبا وزير يستطيع التشاور معه والاعتماد عليه. وفوق كل ذلك، ايضا الانتخابات القريبة يحوم فوقها خطر لوائح الاتهام ضده والمواجهة المكشوفة مع المستشار القانوني للحكومة. هذه الظروف بعيدة عن أن تكون ظروف مثالية من اجل أن يدير فيها ازمة أمنية شديدة.

الهجوم الواسع في الليلة الماضية لا يبشر بالحرب، التي في هذه الاثناء يبدو ايضا أن ايران لا تريدها. احد الاسباب الرئيسية لفشل سليماني في الربيع الماضي هو عدم تقدير القدرة الاسرائيلية. يبدو أن ايران لم تفهم في حينه بصورة كافية أن نقل المعركة قريبا من الحدود مع اسرائيل يضعهم في موقف متدني امام تفوق سلاح الجو والمخابرات النوعية التي يملكها. الآن من الصعب تصديق أن توجههم هو نحو المواجهة المباشرة.

وحسب اقوال نتنياهو العلنية، فان استمرار الهجمات الاسرائيلية يدل على ان الحكومة تصمم على الحفاظ على حرية نشاط معين لسلاح الجو في سماء سوريا، على الاقل في وسط وجنوب سوريا. في شمال غرب سوريا قرب القواعد الروسية لم ترد تقارير عن هجمات اسرائيلية منذ اسقاط الطائرة الروسية في ايلول الماضي.

معظم الاشارات تدل على أن المعركة الجوية في سوريا ستستمر، بقوة متغيرة، في الاسابيع والاشهر القادمة. من ربما يمكنهم وقف ذلك هم الروس، اذا نجحوا في فرض تفاهمات ملزمة على الاطراف. الولايات المتحدة لم تعد تُذكر: رغم أن سحب القوات الامريكية من سوريا يتلكأ. الرئيس ترامب اوضح أنه ليس له اهتمام حقيقي بما يحدث هناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى