عاموس هرئيل – الخطوة ضد حزب الله تنتقل الى الساحة السياسية
هآرتس – مقال – 18/12/2018
بقلم: عاموس هرئيل
العملية الاسرائيلية ضد حزب الله في اعقاب اكتشاف الانفاق التي حفرها تحت الحدود اللبنانية ستنتقل غدا الاربعاء الى الساحة السياسية. الادعاءات الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة ستطرح في نقاش خاص في مجلس الامن في نيويورك. اسرائيل تريد ان تستغل بذلك التطورات في المجال العسكري – كشف الانفاق – لزيادة الضغط على حزب الله وحكومة لبنان في الساحة الدولية.
أول أمس اعلن الجيش الاسرائيلي عن كشف نفق آخر رابع. ان الاكتشاف المنهجي للانفاق في اطار عملية “درع الشمال” التي اعلن عنها قبل اسبوعين يعكس كما يبدو معلومات استخبارية واضحة. الانطباع المتولد هو أن الجيش الاسرائيلي يعمل حسب خطة وينجح في كشف شبكة الانفاق الهجومية لحزب الله خطوة بعد خطوة. الكشف التدريجي يخدم ايضا الهدف السياسي.
العملية بقيت في وسائل الاعلام في اسرائيل، حتى لو كان اهتمام اجهزة الاعلام الدولية بما يحدث على الحدود قد انخفض. من اللحظة التي انتهى فيها التجدد في الظاهرة. كجزء من الاستعداد للنقاش فقد سمح أمس المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي للمرة الاولى لـ “سي.ان.ان” ببث صور من احد الانفاق المكتشفة.
اسرائيل تحاول الحفاظ على كشف الانفاق في الوعي حتى بواسطة زيارات لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للحدود، الذي تجول هناك عدة مرات، ورئيس الدولة رؤوبين ريفلين الذي زارها مرة واحدة. اسرائيل ستدعي في الامم المتحدة بأن حفر الانفاق داخل اراضيها هو خرق لسيادتها وخرق لقرار 1701 لمجلس الامن الذي ادى الى انتهاء حرب لبنان الثانية في 2006.
حكومة لبنان من ناحيتها تحتج على تهديدات اسرائيل لسكان جنوب لبنان، ومنها رسائل نصية ارسلت عبر الهواتف المحمولة لسكان القرى الذين يعيشون قرب الانفاق التي اكتشفت، وتحتج على الطلعات الجوية للتصوير التي يقوم بها سلاح الجو الاسرائيلي في سماء لبنان. اسرائيل كانت تأمل أن حفر الانفاق سيقنع الولايات المتحدة في فرض عقوبات على لبنان وتقليص المساعدات الامريكية الامنية لجيش لبنان، لكن ادارة ترامب اشارت الى أنه ليس في نيتها الاستجابة لهذا الطلب.
على الارض ستستمر الاعمال الهندسية لعدة اسابيع على الاقل. رئيس الاركان، غادي آيزنكوت، أمل أصلا بالبدء بالاعمال قبل قدوم الشتاء، لكن الخلاف في الكابنت حول اهمية العملية (حتى بموازاة عملية محتملة في غزة) أدى في النهاية الى تأجيل الجدول الزمني. في الجيش يقدرون أنه سيكون بالامكان اكتشاف المزيد من الانفاق التي حفرت على طول الحدود.
قوات اليونفل التابعة للامم المتحدة التي التقى قائدها هذا الاسبوع مع الرئيس اللبناني ميشيل عون اعلن أمس أنه يعترف بأن نفقين من الانفاق التي اكتشفت اخترقت حدود اسرائيل. الامم المتحدة ما زالت تفحص مكان النفقين الآخرين. القوة تتمركز بشكل بارز على الحدود في المناطق التي تتم فيها الاعمال الاسرائيلية، والجيش الاسرائيلي يعرض على ضباط الامم المتحدة كل نفق يتم كشفه.
البؤر الاكثر حساسية تتعلق بالجيوب – مناطق شمال الجدار الامني، لكنها ما زالت في مجال السيادة الاسرائيلية. ولأنه لا يوجد في تلك النقاط فصل جغرافي بين الطرفين، فان التوتر هناك اكبر. في الجيش الاسرائيلي يشخصون هناك وجود دائم لرجال استخبارات من لبنان بملابس مدنية. ربما أنه يوجد بينهم ايضا نشطاء لحزب الله. حتى الآن امتنع اللبنانيون عن أي مواجهة مباشرة مع الجيش الاسرائيلي في الجيوب.
رغم دعم الولايات المتحدة لادعاءات لاسرائيل ضد حزب الله، مشكوك فيه اذا كانت عمليات اسرائيل في الامم المتحدة ستثمر الآن ثمار فورية في الساحة الدولية. ولكن يبدو أن نتنياهو يستهدف اهداف على المدى الابعد. أولا، اسرائيل تستعد لمعركة اعلامية لوقف الجهود الايرانية لانشاء مصانع للصواريخ الدقيقة لحزب الله في لبنان. إن اثبات هذا السلوك العدواني لحزب الله حول الانفاق سيسهل نقل الرسالة ايضا بهذا الشأن، التي هي اكثر اهمية من جانبها. ثانيا، في الخلفية تقف كل الوقت احتمالية أن التوتر المستقبلي مع حزب الله – خاصة حول مصانع الصواريخ – ستؤدي الى اشتعال الحرب.
في كل سيناريو لحرب فان الجيش الاسرائيلي سيستخدم قوة غير مسبوقة في لبنان، في مواجهة ستجري في محيط مدني مكتظ. العمليات الحالية تستهدف تمهيد الارض في الساحة الدولية، لتبرير نشاطات الجيش الاسرائيلي. اسرائيل لن تحصل في أي مرحلة على مصادقة من المجتمع الدولي، لكن من المهم لها أن تشرح تبريراتها والظروف المركبة التي سيتوجب عليها العمل فيها.
* * *