عاموس هرئيل – الحملة على حدود لبنان دخلت الى مرحلة التفجر
هآرتس – مقال – 11/12/2018
بقلم: عاموس هرئيل
نشاطات الجيش الاسرائيلي على حدود لبنان – التي وصفت بسخرية معينة كعملية هندسية دفاعية أهميتها قليلة – تصل الآن الى المرحلة الاكثر حساسية لها. بعد بضعة ايام من الارباك يبدو أن الحكومة اللبنانية بدأت تبلور سياسة رد على العملية الاسرائيلية. في الاماكن التي تحفر فيها قوات الجيش الاسرائيلي قرب الحدود يقف أمامها الآن دوريات من الجيش اللبناني. وبشكل خاص يزداد التوتر، ومعه امكانية حدوث خطأ يمكن أن يتطور الى حادثة، في الاماكن التي يعمل فيها الجيش الاسرائيلي داخل “الجيوب”. هذه مناطق توجد شمال الجدار الحدودي، لكن اسرائيل تدعي السيادة عليها استنادا لما قررته الامم المتحدة.
في هذه المواقع لا يفصل تقريبا أي جدار أو سور بين القوات الاسرائيلية واللبنانية. في عدد من المواقع الجيش الاسرائيلي وضع اسلاك شائكة لتحديد الموقع الدقيق للحدود. ولكن الصور التي تنشر من الجانب اللبناني، مثلا من قرية ميس الجبل تتحدث عن القصة الرئيسية للايام الاخيرة. جنود الجيش اللبناني يظهرون فيها وهم مزودين بالبنادق والصواريخ المضادة للدبابات، في الوقت الذي في الجانب الآخر من وراء الصخور تعمل جرافة اسرائيلية.
عندما ينظر الطرفان الواحد الى الآخر من مسافة قريبة، مزودين بأسلحة موجهة للطرف الآخر من الحدود، قوات اليونفيل تحاول تشكيل حاجز بين الاسرائيليين واللبنانيين (مقاتلو حزب الله كما يبدو يراقبون عن كثب). يوجد هنا وصفة لانفجار محتمل. الجيش الاسرائيلي سيضطر الى ادارة العمليات بحذر شديد حتى لا يؤدي الامر الى حادثة غير مرغوب فيها. الاعصاب مشدودة جدا؛ يكفي وجود جندي لبناني متوتر من اجل اشعال النار، التي سيكون من الصعب فيما بعد اطفاءها.
تذكير قصير للتاريخ: اسرائيل انسحبت في ايار 2000 من جنوب لبنان ووقفت عند “الخط الازرق” وهو الحدود الدولية التي اعترفت بها الامم المتحدة، والخبراء فيها علموها على الارض. ولكن في عدد من المواقع على طول الحدود أقيم جدار، على الاغلب لاسباب هندسية، من جنوب الخط الازرق بصورة ابقت جيوب تقع تحت سيادة اسرائيل شمال الجدار.
بعد حرب لبنان الثانية في 2006 بدأت اسرائيل في التمسك بوجود حضور اسرائيلي في هذه الجيوب بواسطة دوريات اجريت فيها بين الفينة والاخرى. حكومة لبنان تعترف مبدئيا بخط الامم المتحدة لكنها تتحفظ فيما يتعلق بالـ 13 نقطة خلاف على طول الحدود. الخلاف بين الطرفين اشتد في السنة الاخيرة لأن اسرائيل بدأت باقامة جدار لمنع التسلل من فوق الارض في منطقتين مختلف عليهما، بين المنارة ومسغاف عام وشرق الناقورة.
في الماضي حدثت عدة احداث حول نشاطات اسرائيلية في الجيوب. في 2007 حدث تبادل اطلاق نار بين قوة اسرائيلية وناقلة جنود مدرعة للجيش اللبناني عندما صممت اسرائيل على البدء بوضع حقائق ثابتة على الارض في أحد الجيوب. وفي 2010 قتل قائد احتياط من كتيبة، المقدم دوف هراري، بنار الجيش اللبناني، في الوقت الذي كان فيه الجيش يقوم بقطع الاشجار في جيب قرب كيبوتس المنارة.
العملية الاسرائيلية للعثور على الانفاق تدخل كل من لهم صلة تحت الضغط. لجميع من هم في الجانب اللبناني يوجد ما يخفونه. حزب الله قام بحفر الانفاق وخرق بذلك قواعد وقف اطلاق النار. الجيش اللبناني الذي يحصل على مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة وفرنسا لم يحرك ساكنا من اجل منع نشاط حزب الله (في الوقت الذي يساعد فيه رجال استخباراته، احيانا بصورة نشطة حزب الله)؛ اليونفيل بالاساس كانت منشغلة دس أنفها داخل المنديل، دون القاء أي نظرة على الجانبين.
الانفاق التي اكتشفت الآن تخرج من داخل بيوت في القرى اللبنانية، وهي المواقع التي تريد اسرائيل من الامم المتحدة منذ سنوات تمشيطها، لكن يتم الرد عليها سلبا بذريعة أن هذه ساحات خاصة ويحتاج رجال الامم المتحدة الى دلائل ملموسة من اجل العمل فيها. بعيون اسرائيلية هذا يبدو عملية تمويه متعددة المشاركين، حيث حكومة لبنان والامم المتحدة تشاركان فيها. حتى لو لم تكن لديهم معلومات استخبارية مفصلة عن الحفر السري الذي قام به حزب الله. الى جانب رغبة اسرائيل في سحب هذا الذخر العملياتي للانفاق من حزب الله، واستغلال الكشف في الساحة الدبلوماسية، تدفن هنا البذور لازمة ثقة شديدة بين اسرائيل والامم المتحدة، التي كانت متوقعة منذ فترة طويلة. هذه الامور تجري على خلفية الصمت المدوي والمتواصل لحزب الله، الذي لم يرد حتى الآن على تصريحات اسرائيل. يمكن الافتراض أن حزب الله ينشغل الآن بنفسه، في محاولة للعثور على كيفية تسرب اسرار العملية الى الجيش الاسرائيلي وفحص ماذا بالضبط تعرف الاستخبارات الاسرائيلية عن خططه الاخرى. اذا حدث احتكاك مباشر على الحدود. اذا حدث احتكاك مباشر على الحدود فمن المعقول أكثر أن يحدث ذلك بين الجيش الاسرائيلي والجيش اللبناني مثلما كان في الماضي. ولكن على المدى البعيد فان العثور على الانفاق وتدميرها سيجبر حزب الله واسياده في ايران على اعادة فحص الاستعداد العملياتي على طول الحدود مع اسرائيل.