ترجمات عبرية

عاموس غلبوع يكتب – ليس مُسلما به

معاريف – مقال – 24/1/2019

بقلم: عاموس غلبوع

في الاعلانات الانتخابية الاولى لبني غانتس ظهر الشعار المركزي الذي يقول: “اسرائيل قبل كل شيء”. معقول جدا أنه لساعات طويلة فكر فريقه الدعائي بهذا الشعار. فهو بسيط وواضح: لا الأنا، لا الاشخاص، لا كل الترهات التي اعتدنا عليها جدا هذه الايام. عندي، يقول رئيس الاركان السابق، لا تهم الا دولة اسرائيل. فهي فوق كل شيء وقبل كل شيء.

رأيي مختلف. فأنا اعتقد أنه قبل كل شيء يقف الشعب اليهودي – والدولة بعده. لقد قيل هذا بقوة وشدة واحتفالية في وثيقة الاستقلال: “نعلن بذلك عن اقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل، هي دولة اسرائيل”. الترتيب واضح ويشهد على نفسه: قبل كل شيء دولة الشعب اليهودي؛ بعد ذلك مكان السيادة للشعب اليهودي، الذي هو مكان ولادته وتراثه التاريخي والثقافي – بلاد اسرائيل؛ وفقط بعد ذلك الاطار – دولة اسرائيل.

ان كل غاية الدولة هي منح وطن قومي للشعب اليهودي – له وليس لاحد غيره. لقد قضت وثيقة الاستقلال ايضا بذلك بشكل واضح: “في الدولة القومية للشعب اليهودي ستكون مساواة مدنية وسياسية (بالمعنى الحزبي، الحق  في الترشح والانتخاب) للجميع، دون أي تمييز في الدين، العرق والجنس”.لا توجد مساواة في القومية. لا يمكن أن تكون، لانه توجد قومية واحدة.

ضحك التاريخ هو انه حتى العام 1966، لم تمنح دولة اسرائيل المساواة لعرب اسرائيل بل انتهجت نظاما عسكريا في اماكن تواجدهم. يحتمل أن يكون الكثير من مواطني اسرائيل لا يعرفون انه حتى تلك السنة يكاد يكون كل عربي اراد ان يسافر من ام الفحم الى حيفا كان يحتاج الى استصدار تصريح خاص لهذا الغرض من الحكم العسكري. نعم، كانت أزمنة.

برأيي، على قانون القومية ان يكون أحد المواضيع المركزية في حملة الانتخابات القريبة القادمة. نهجي الاساس هو أن من يهاجم بغضب القانون بعمومه هو من يدق حربة في قلب وثيقة الاستقلال، لاسباب مختلفة ومتنوعة.

منتشرة جدا الحجة بان لا حاجة لهذا القانون الاساس لانه واضح ان دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي والوطن القومي. “هذا واضح جدا، ولماذا نحتاجه”، سألوا مؤخرا في القيادة الدرزية لتغيير القانون الوزيرة آييلت شكيد. جوابي هو أننا نحتاجه جدا. لماذا احتجنا لان نعطي شعب اسرائيل وكل العالم الوصايا العشرة؟ اليس واضحا انه ممنوع القتل؟ اليس واضحا انه يجب احترام الآباء والأمهات؟

وعن ذلك معروفة القصة التالية عن الحاخام الذي وصل ذات يوم الى البلدة ورأى دكانا كبيرا تعلوه يافطة تقول: “هنا يباع السمك الطازج”.  جاء الحاخام الى صاحب الدكان وسأله: “لماذا تكتب “هنا” في اليافطة؟ فواضح ان هذا هنا وليس في  مكان آخر”. فأزال صاحب الدكان كلمة “هنا”. وفي الغداة عاد حكيمنا الى الدكان وسأله: “لماذا تكتب “يباع”؟ فواضح انك لا توزع بالمجان”. فازيلت كلمة “يباع”. عاد الحاخام الى الدكان وسأل: “لماذا كتب ان السمك “طازج”؟ فواضح انه ليس عفنا”. فازيلت كلمة “طازج”. ومرة اخرى عاد حكيمنا وشدد: “لماذا كتب “سمك”؟ فالكل يرى انه لا يباع هنا اللحم”. فازيلت الكلمة وبقيت اليافطة فارغة.

برأيي، مثلما يقال ان شيئا لا يقال الى ان يقال، هكذا فان شيئا ليس واضحا الى ان يكون حقا واضحا، دون ظل من الشك. ما هو واضح اليوم لن يكون واضحا غدا. وما هو واضح في ظروف معينة لن يكون واضحا في ظروف اخرى. ولهذا فنحن نكتب، ولهذا فنحن نوقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى