أقلام وأراء

صبري صيدم يكتب – عندما تصبح الفضيحة مصدراً للترفيه والمال

صبري صيدم *- 17/3/2021

في خضم الوجع الذي يعيشه العالم بفعل فيروس كوفيد 19، تحول اهتمام الكثير من البشر فجأة باتجاه لقاء الأمريكية الإعلامية اللامعة أوبرا وينفري في السابع من هذا الشهر مع الأمير البريطاني هاري وزوجته الأمريكية، والممثلة السابقة ميغان ماركل، ليحضره حوالي 17 مليون نسمة خلال بثه، وليتابعه لاحقاً 200 مليون نسمة حول العالم تقريباً، ولتكتب عنه جميع صحف الأرض، بينما اشتعلت صفحات الإعلام الاجتماعي بالخبر وما دار حوله من لغط.

ولعل ما ميّز هذا اللقاء هو ما حمله من معلومات مثيرة مست عدة جوانب، كان أهمها البعد العنصري لطبيعة العلاقة التي جمعت الدوقة السابقة، ميغان السمراء مع أسرة ويندسور الملكية البريطانية، خاصة ما قدمته من شهادة مثيرة حول خشية العائلة الملكية من أن يكون الطفل الذي ستنجبه أسمر البشرة.

هذه الإفادة نقلت وحال بثها، العائلة الملكية من مربع الشعبية الكبيرة، إلى مربع الشيطنة المستفحلة، وهو ما اضطر الأخيرة وعبر قنوات مختلفة للدفاع عن ذاتها أمام بشاعة الهجوم، إلى أن استنفرت بعض وسائل الإعلام وبعض الإعلامين الإنكليز للدفاع عن الملكة والعرش، فشاهدنا مثلاً الإعلامي الإنكليزي الشهير بيرس مورغان، الذي ارتبط ذات يوم بعلاقة مع ميغان نفسها، يغادر برنامجه الشهير «صباح الخير بريطانيا» محتجاً على حوار ساخن دار حول هذه القضية.

المفارقة في الأمر، أن انتشار القضية لم يقتصر على مساحات الإعلام الجدية والملتزمة فحسب، بل انتقل إلى عالم الكوميديا الساخرة، حتى شاهدنا العديد من نجوم برامج المحادثة المعروفة بـ»التوك شوز» يحولون الفضيحة إلى مصدر للسخرية والتندر، ومنهم الكوميدي الشهير جيمس كوردن، الذي خصص بدوره إحدى حلقات برنامجه للتندر على تفاصيل الحوار، حتى بلغ حجم مشاهدة برنامجه، الذي بث في التاسع من هذا الشهر، ثلاثة ملايين ونصف المليون مشاهد ونصف المليون مع كتابة هذه الكلمات. أما رسامو الكاريكاتير فقد أطلقوا ريشاتهم للتندر والنكات، فرسم أحدهم حديثاً يقول فيه أحدهم إن أياماً قليلةً فقط هي تلك التي تفصلنا عن مشهد موت ميغان في حادث سير تحت الجسر، في إشارة إلى مقتل الأميرة ديانا عام 1997، بفعل حادثة سير مريبة (ومدبرة حسب قول البعض) تحت جسر باريسي، عندما كانت بصحبة عشيقها عماد الدين محمد الفايد في فرنسا. قصص العائلة المالكة البريطانية لم ولن تنتهي أبداً، خاصة مع تمددها الأسري وزواج الأقرب منها إلى العرش، بمن هم خارج العائلة والعرق والتاريخ، فتكون مادة دسمة للاستعراض والترويج والاستغابة والنميمة العلنية، والانتقاد والتندر والإساءة، بشكلٍ اعتادت عليه الملكة التسعينية إليزابيث الثانية. ولعل الشهرة الفضائحية للعائلة الملكية البريطانية جعلتها الأشهر بين جميع العائلات المالكة، لتصبح العائلة الأكثر دراً للمال، سواءً في أعراسها أو أتراحها أو مصائبها أو حتى فضائحها. وعليه باتت جميع مصادر الإعلام التقليدية وغير التقليدية تتلقف أخبار الأسرة المالكة، لما تدره من حجم مشاهدة كبير وعائدات مالية مهمة.

ولذلك فإنه من غير المستغرب أن تصبح الفضيحة مصدراً للسخرية والترفيه والمال، بل باتت أيضاً مصدراً مهماً للشهرة فيملأ صاحبها الدنيا ويشغل الناس!

*كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى