أقلام وأراء

صادق الشافعي يكتب – عن نية الدعوة لاجتماع قيادي فلسطيني

صادق الشافعي – 29/8/2020

يدور حديث الآن عن الدعوة إلى اجتماع للقيادة الفلسطينية بمشاركة وحضور الأمناء العامين لكل الفصائل. وربما من ينوب عن بعضهم.

ما يمكن أن يخرج عن الاجتماع إذا انعقد يظل في بابي الانتظار والترقب الحذر.

إذا حصل وانعقد الاجتماع فسيكون ترتيبه التاسع في سلم الاجتماعات التي خرجت عنها اتفاقات جماعية معلنة، بما في ذلك وثيقة الأسرى. ويحمل ترتيباً أعلى من ذلك إذا أضيفت لها الاجتماعات التي لم يخرج عنها اتفاقات معلنة.

أكثر هذه اللقاءات وما خرج عنها، جرى بضغط حدث خاص وعلى درجة عالية من الخطورة مرّ بها النضال الوطني الفلسطيني.

وكلها تقريباً انتهت وتوقف مفعولها خلال فترات قصيرة، بفتور ردة الفعل حول الحدث ومخاطره المباشرة، أو بالتعايش معه.

وكلها، وما نتج عنها، كانت في ديباجتها وصياغتها تؤكد أنها جاءت استجابة للمطالب الجماهيرية وتجاوباً مع الموقف الجماهيري العام المتوحد على رؤى وأهداف ومطالب محددة.

بعض اللقاءات خرجت فقط ببيان عام، وبعضها تضمن قرارات محددة مثل الاجتماع الذي عقد في 19 أيار الماضي للرد على مشروع الضم الذي أعلنته دولة الاحتلال.

كل اللقاءات والاتفاقات، لم تنجح في معالجة الوضع الداخلي الفلسطيني وفي المركز منه الانقسام الذي استشرى وانغرز عميقاً في كل مقومات وركائز ومؤسسات الوضع الوطني الفلسطيني العام، وفي والعلاقات الداخلية بين مكوناته. وقاد إلى إضعاف قدرات النظام الفلسطيني بكل تشكيلاته ومجالاته وتعبيراته على الفعل والتأثير. باستثناء اختراقات حميدة حققت نجاحات نوعية لصالح النضال الوطني الفلسطيني، وقامت بالأساس على المبادرة الذاتية المتحررة من الإطار الرسمي أو التنظيمي مثل (BDS).

ويمكن التجرؤ بالقول: إنه لم تجر في السنوات الأخيرة بالذات محاولات للخروج من حال الانقسام تتوفر لها الجدية والمثابرة والإخلاص.

وبدت الأمور وكأنها تدفع باتجاه التعايش مع وضع الانقسام القائم بكل تعبيراته، والاستسلام أمام حقائقه المرّة، والاكتفاء بدرجة من الاتفاق والمواقف المشتركة في مواجهه الاحتلال واعتداءاته المتواصلة ومشاريعه العدوانية، مع بقاء حقائق الانقسام على حالها.

وإلا، ما الذي يفسر «تفشيل» مهمة الوفد الذي سمي إعلامياً بوفد الرئيس إلى غزة لمتابعة نتائج اجتماع 19/5 والبناء عليها، ورفض حركة حماس عقد أي اجتماع معه، ثم «المونة» على التنظيمات الأخرى في غزة لأخذ نفس الموقف.

وما الذي يفسر، عدم خروج أي نتائج للمؤتمر الصحافي المشترك بين جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح وصالح العاروري نائب الأمين العام لحركة حماس، وتوقف مفاعيل اللقاء عند انتهاء بثه التلفزيوني.                                                                                         وما الذي يفسر عدم نجاح اجتماع الوفدين القياديين لحركتي فتح وحماس الذي عقد بغزة للاتفاق على إقامة مهرجان جماهيري مشترك في غزة ضد قرار دولة الاحتلال بالضم.

وكان بنتيجة ذلك أن المهرجان لم يقم.

إن الاجتماع المنوي الدعوة لانعقاده، وبالتوجه المعلن لطبيعته وتركيبته وأهدافه وما يمكن أن يخرج عنه، ومع إيجابية انعقاده لجهة المبدأ، فلا يبدو واقعياً التفاؤل بتعامله الجاد وتحقيق نجاح نوعي مع القضية المركزية: قضية الانقسام ووحدة هيئات ومؤسسات النضال الوطني الفلسطيني ووحدة قيادتها وبرنامجها في إطار منظمة التحرير.

فمن صنع الانقلاب ليس في وارد الخروج منه، ولا هو في وارد التنازل عن حكمه المنفرد على جزء من أرض الوطن وعن طموحاته الأبعد من ذلك.

ولا تبدو واقعية الدعوة إلى تشكيل لجان تحضيرية لانتخابات مجلس وطني جديد، ولا دعوات شبيهة أخرى، سواء كان ذلك بسبب العامل الذاتي الموصوف ومعه العامل الجغرافي والتوزع والاعتقال، أو بسبب العامل الخارج عن الإرادة المتمثل في دور الإعاقة وصولاً إلى المنع الذي تقوم به دولة الاحتلال.

إذاً لماذا لا تعود الأمور إلى أصلها ومنبعها، إلى الناس أهل الوطن وأصحاب الحق الأول في كل شؤونه؟

لماذا لا تتم المبادرة إلى تشكيل هيئات مجتمعية مستقلة – أو غير منضبطة للقرار التنظيمي – وأن يصبح لها هيئة جامعة تمسك بزمام المبادرة في توحيد الصف الوطني على أساس رؤية جامعة متحررة من العقد والتعقيدات أو متجاوزة لها.

هذه الدعوة بفعلها الموصوف والمطلوب وإدارتها لمهمتها يجب ألا تعني بأي حال وأي فهم أي شكل من التصارع مع التنظيمات القائمة، أو تجاهل لحضورها ولدورها في النضال الوطني القديم والمتواصل حتى اللحظة، ولا التصادم مع المؤسسات الوطنية القائمة. ليس المطلوب أبداً الصراع مع ما هو قائم ، ولا التنافس أو التوازي معه. الهدف الأساسي المطلوب لهذا الحراك هو تشكيل حالة ضغط بقوة الجماهير.

حالة منظمة ومتواصلة وذات ديناميكية لتحقيق الهدف الذي لم تستطع التنظيمات والمؤسسات القائمة حتى الآن تحقيقه، بغض النظر عن دور وحصة أي جهة منها في المسؤولية عن ذلك.

أما الهدف فهو إنهاء الانقسام واستعادة وحدة النضال الوطني الفلسطيني بكل تجلياته، بالذات لجهة وحدة القيادة والبرنامج والمؤسسات والأجهزة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.

فمن يكون المبادر أو المبادرين للقيام بهذه «المبادرة»؟ هل يكون من مؤسسات المجتمع المدني أو من الاتحادات والنقابات الشعبية أو من الأكاديميين، أو من شيوخ ورواد النضال الوطني الفلسطيني، أو من أصحاب رأس المال وهيئاتهم، أو يكون توليفة من كلها أو بعضها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى