شير أمريكا: المبتكرون الأميركيون يرسمون مستقبل الطيران
تخيل الوصول إلى مطار مدينة مزدحمة في دقائق أو عبور المحيط الأطلسي في ثلاث ساعات. ثمة مبتكرون أميركيون يُطوِّرون سيارات أجرة جوية وطائرات مدنية تفوق سرعتها سرعة الصوت لنقل الأشخاص بسرعة في المدن المزدحمة أو بين القارات.
الطائرات الجديدة، التي ستُسافر بسرعة تعادل ضعف سرعة طائرات الركاب الحالية، أو تُقلع وتهبط دون مدرج الطائرات، تُواصل تقليدًا أميركيًا رائدًا في هندسة الطيران المتطورة. بدأ هذا التقليد مع أول رحلة للأخوين رايت في كيتي هوك بولاية نورث كارولاينا عام 1903. كما أدى هذا التقليد أيضًا إلى تطوير أنظمة القيادة الذاتية، وكسر حاجز الصوت، وتمهيد الطريق لاستكشاف وكالة ناسا للفضاء.
فيما يلي كيفية قيام المبتكرين الأميركيين اليوم بتوفير رحلات جوية أكثر كفاءة للناس في الولايات المتحدة وخارجها.
أسرع من الصوت وبدون ضجيج
تجاوزت الطائرة التي أنتجتها شركة ’بوم سوبرسونيك‘ [Boom Supersonic]، ومقرها كولورادو، سرعة الصوت مرارًا وتكرارًا خلال رحلة تجريبية في كانون الثاني/يناير. وتُعد الطائرة إكس بي-1 [XB-1] التي تنتجها الشركة أول طائرة نفاثة أسرع من الصوت يتم تطويرها بشكل مستقل بواسطة القطاع الخاص وتتضمن تكنولوجيا ستُستخدم لتشغيل طائرة الركاب المدنية ’أوفرتشر‘ [Overture] الأسرع من الصوت التي تخطط الشركة لإطلاقها.
وجدير بالذكر أن الطائرات الأسرع من الصوت لطالما كانت من صنع الدول وليس القطاع الخاص. وقد أُحيلت آخر طائرة ركاب أسرع من الصوت، وهي طائرة كونكورد الفرنسية والبريطانية، إلى التقاعد عام 2003، في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل. وكانت شركة بوم سوبرسونيك قد أجرت اختبار طيران ناجح في صحراء موهافي بكاليفورنيا، حيث اخترق طيار الاختبار في سلاح الجو الأميركي، تشاك ييغر، حاجز الصوت لأول مرة عام 1947.
وصرح بليك شول، مؤسس شركة بوم : “إن رحلة الطائرة إكس بي-1 الأسرع من الصوت تُظهر أن تكنولوجيا رحلات الركاب الأسرع من الصوت قد وصلت”. وأضاف: “إن هدفنا الأسمى هو توفير فوائد الطيران الأسرع من الصوت للجميع”.
ستحمل طائرة أوفيرتشر ما بين 64 و80 راكبًا، وستسافر بسرعة تفوق سرعة الصوت بـ 1.7 مرة، أي ضعف سرعة طائرات الركاب الحالية. وقد وافقت شركة يونايتد إيرلاينز على شراء طائرات أوفرتشر، ومن المتوقع أن تبدأ الرحلات التجارية في عام 2029.
يُعدّ الضجيج العالي الذي يحدث عندما تتجاوز الطائرات النفاثة سرعة الصوت بحوالي 1235 كيلومترًا (767 ميلًا في الساعة) عائقًا أمام رحلات الطيران المدني الأسرع من الصوت. وتذكر شركة بوم سوبرسونيك بأن صوت طائرتها إكس بي-1 وهي تخترق حاجز الصوت لا يصل إلى الأرض أبدًا.
في كانون الثاني/يناير 2024، أطلقت وكالة ناسا وشركة لوكهيد مارتن، في مهمة كويست المشتركة، طائرة نفاثة أسرع من الصوت، صُممت لكسر حاجز الصوت بضجيج خافت. وتجمع وكالة الفضاء والشركة بيانات اختبارات الطيران لتأكيد انخفاض مستوى الضوضاء، على أمل تذليل العقبات التنظيمية الأميركية التي تُقيّد السفر بسرعات تفوق سرعة الصوت، وذلك للحدّ من الضوضاء فوق المدن.
استدعاء سيارة أجرة في الجو
تعمل شركتان أميركيتان – آرتشر للطيران [Archer Aviation Incorporated] وجوبي للطيران [Joby Aviation Incorporated] – على تطوير سيارات أجرة طائرة مزودة بتقنية الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي (eVTOL) للتخلص من الحاجة إلى مدرج. وتهدف سيارات الأجرة الطائرة، الأكثر هدوءًا من طائرات الهليكوبتر، إلى تقليل الازدحام المروري في المدن وجدولة عمليات التوصيل من هواتف المستخدمين الذكية.
على الرغم من أن سيارات الأجرة الطائرة تبدو وكأنها خيال علمي، إلا أن الشركتين، ومقرهما كاليفورنيا، قد صنعتا طائرات تتسع لأربعة ركاب، يمكنها الطيران بسرعة 169 كيلومترًا (100 ميل) في الساعة، وتسعيان لإجراء مراجعة وتقييم بشأن السلامة من إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية في عام 2025.
وقد قامت شركة جوبي باختبار تاكسيها الجوي في مدينة نيويورك، حيث يمكن للطيران أن يختصر رحلة تستغرق ساعة واحدة إلى المطار بسيارة أجرة تقليدية إلى سبع دقائق فقط.
وكانت الشركتان قد أبرمتا صفقات لإطلاق خدمات سيارات الأجرة في الإمارات العربية المتحدة. وتخطط شركة آرتشر لتصنيع طائرات كهربائية في أبوظبي.
كما توصلت الشركتان إلى اتفاقيات مع كبرى شركات النقل الجوي الأميركية لتوفير خدمات التاكسي الجوي في الولايات المتحدة.
وتخطط شركة آرتشر وشركة الخطوط الجوية ساوث ويست إيرلاينز لإطلاق شبكات تاكسي جوي كهربائية في كاليفورنيا، مع توفير خدمات منتظمة في لوس أنجلس بحلول موعد استضافة المدينة لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2028.
وبالشراكة مع شركة الخطوط الجوية دلتا إيرلاينز، تخطط شركة جوبي لتجربة خدمات التاكسي الجوي في مطارات نيويورك ولوس أنجلس، على أن تتبعها خدمات في المناطق الريفية.
