شوكي فريدمان – مؤشر الديمقراطية للعام 2018 : وجود شرخ جديد

هآرتس – بقلم شوكي فريدمان – 4/12/2018
اذا كنا نتكلم عن التوتر بين العرب واليهود، المتدينين والعلمانيين، أو اليمين السياسي واليسار السياسي، فان معطيات مؤشر الديمقراطية للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية للعام 2018 تظهر أنه اصبح لدينا شرخ جديد هام وهو الشرخ في الديمقراطية. في دولة اسرائيل 2018 فان الشرخ الاساسي، الآخذ في التعمق، هو في مسألة الاساس الذي يحدد الدولة: ما هي الديمقراطية.
هذا لم يأت فجأة، نظرة عميقة على الصراعات الاخيرة في الكنيست وفي الساحة العامة، شكلت اشارات واضحة على ذلك: الصراع على قانون القومية وازالة الاساس الديمقراطي من طابع الدولة والنضال على مكانة محكمة العدل العليا والانتقاد القانوني الذي توجهه لقوانين الكنيست والصراع على مكانة ممثلي الجمهور مقابل السياسيين والصراع على مكانة حقوق الانسان التي هي خارج المركبات الحيوية جدا للديمقراطية – كل ذلك هي صراعات على الديمقراطية نفسها. معطيات مؤشر الديمقراطية التي سيتم نشرها اليوم تدل على قوة الشرخ في الديمقراطية الاسرائيلية. على طول فصول المؤشر من الواضح أن كتلة اليسار والوسط من جهة، وكتلة اليمين والمتدينين من الجهة الاخرى، كل واحدة منهما ترى أمامها ديمقراطية مختلفة ودولة اسرائيل اخرى.
اليكم: اغلبية كبيرة من مصوتي اليمين (65 في المئة) يشعرون أن وضع الديمقراطية في اسرائيل جيد، أو جيد جدا، في حين أن اقلية من مصوتي الوسط – يسار (20 في المئة) يعتقدون أن هذا هو وضع الديمقراطية. اغلبية مصوتي اليسار (75 في المئة) ونصف مصوتي الوسط (48 في المئة) يعتقدون أن الديمقراطية في اسرائيل توجد في خطر شديد، مقابل أقلية في اليمين (23 في المئة) يعتقدون ذلك.
في نفس الخط، كلما اعتبر المستطلعون انفسهم متدينين اكثر فانهم يكونون اكثر ثقة بأن الديمقراطية في اسرائيل ليست في وضع فظيع جدا. في حين أن اغلبية العلمانيين (57 في المئة) يعتقدون أن الديمقراطية في خطر، وفقط اقلية من اوساط التقليديين والمتدينين يعتقدون ذلك. غالبية مصوتي اليمين (60 في المئة) يعتقدون أنه يجب أن تسحب من محكمة العدل العليا صلاحية الغاء قوانين الكنيست، مقابل اقلية (30 في المئة) من مصوتي الوسط واليسار. اذا كيف يمكن أنه في الاعلان يبدو الوضع سيء جدا؟ أو: اغلبية ساحقة من مصوتي اليمين (75 في المئة) يعتقدون أن الاعلان يصف الوضع بأسوأ مما هو في الحقيقة. في حين أن نصف مصوتي الوسط واقلية من مصوتي اليسار يعتقدون ذلك.
الشرخ في الديمقراطية تم التعبير عنه ايضا في عدم الاتفاق على قيمة ديمقراطية اساسية مثل الحق في الانتخاب وأن تكون شريك متساو في اتخاذ القرارات. اغلبية اليهود الذين يعتبرون انفسهم تقليديين أو متدينين (معظم السكان اليهود)، يعتقدون أنه يجب عدم اعطاء حق التصويت في الانتخابات لمن لا يوافق على التصريح بأن اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي. فقط في اوساط العلمانيين هناك اغلبية لا توافق على ذلك. معظم اليمين وحتى معظم مصوتي الوسط يعتقدون أن قرارات سياسية حاسمة يجب أن تتخذ فقط باغلبية يهودية. اقلية من مصوتي اليسار يعتقدون ذلك. الشرخ بين اليمين والمتدينين وبين اليسار والوسط تم التعبير عنه ايضا في مسألة العلاقة بين الطابع اليهودي والطابع الديمقراطي للدولة. بشكل عام، في حين أن اليمين والمتدينين يريدون اسرائيل يهودية اكثر مما هي الآن، فان الوسط – يسار – العلمانيين يريدونها ديمقراطية اكثر.
رغم كل ذلك، تجدر الاشارة الى أن الاسرائيليين يقدرون الدولة ويتفاخرون بكونهم جزء منها. اغلبية اليهود يعتقدون أن وضع اسرائيل جيد أو جيد جدا، واغلبية ساحقة من اليهود (88 في المئة) وحتى معظم العرب يتفاخرون بكونهم اسرائيليين.
هذه المعطيات ليست جميعها جديدة، ولكن الاتجاه الذي تعبر عنه واضح. في اسرائيل تزداد الفجوة الكبيرة بين اليسار – وسط وبين اليمين في مسألة تحدد بصورة اساسية الدولة وهي ما هي الديمقراطية. في حين أن اليمين والمتدينين يطمحون الى ديمقراطية اقل من الديمقراطية القائمة وهم على استعداد للتنازل عن قيم اساسية وتغيير التوازن بين السلطات فان اليسار يريد الحفاظ وحتى زيادة الديمقراطية اكثر مما هي الآن. وتحويل اسرائيل الى ديمقراطية ليبرالية اكثر. الواضح هو أن الشرخ في الديمقراطية سيتحول الى محدد مركزي للخلاف السياسي في اسرائيل في السنوات القادمة.