أقلام وأراء
شجاع الصفدي: لقد قررت حماس أن تحارب (27)

شجاع الصفدي 6 -03-2025 لقد قررت حماس أن تحارب
تقف حركة حما.س على مفترق طرق حساس للغاية، حيث تدرك قيادتها في الخارج أن كل الحسابات التي كانت قبل الحرب ثبت خطؤها ، والظروف الإقليمية والدولية التي تحدث عنها القيادي صالح العاروري قبل الحرب بأشهر واعتبرها ملائمة لخوض معركة كبرى ، تكشفت عن كارثة خارج التوقعات تماما.
تكابر قيادة الحركة في الخارج وتحاول أن تجد مخرجا يحافظ على منجزات تبقى ورقة قوية أمام النتائج الكارثية ، لكن المحيط العربي والضغط الدولي يبدو جارفا ولا يتيح الكثير من الثغرات للنفاذ منها نحو أفق واضح لمستقبل الحركة في غزة تحديدا.
كتبت في بداية الحرب أن هذه المعركة بمثابة تقاعد مشرّف سعى إليه متخذو القرار ، ولكن الأحداث أخذت منحى أخطر مما كانوا يتوقعون، وأرجح أن قيادة الحركة السياسية في الخارج لم يكونوا مطلعين على المخطط ، ولو عاد الزمن بهم للوراء، وكان بإمكانهم منع ما حدث، لن يفكروا مرتين أن يوقفوا القرار الذي يقامر بكل ما حققته الحركة في غزة منذ سيطرتها عام ٢٠٠٧ .
فهمت حما.س أن الرهان على المحور سقط تماما، تفكك المحور،سقط النظام السوري، تضرر الحزب لحد كبير، إير.ان باتت منشغلة بحماية ظهرها ومصالحها، وحتى زيارة قيادة حما.س الأخيرة لطهران لم تكن سوى زيارة مجاملة ولم يكن لها مخرجات ذات تأثير على وضع حما.س الحالي.
إذن ما هي خيارات حما.س أمام الضغوط الدولية الهائلة؟، هل تملك أوراقا تستطيع تغيير قواعد اللعبة؟
للأسف لا ، حتى ورقة الأسرى يجري حاليا ابتزاز الحركة لتجريدها بشكل تدريجي من الورقة الوحيدة، والتي تشكل ضغطا محدودا على نتنيا.هو داخليا .
والمرجح أن نتنيا.هو لا يريد الحسم ،بقدر ما يريد إطالة زمن الحرب، وهذا لا يعني مطلقا عدم توقف القتال، هو يريد أن يجبي ثمنا لوقف النار بخروج أسرى خلال ذلك، دون إعلان إنتهاء الحرب ، لأن ذلك ورقة مهمة بالنسبة له أمام الضغوط والتحديات الداخلية التي يواجهها.
حما.س الآن مضطرة للتجاوب مع ضغوط الوسطاء، وقد تبدو تلك الضغوط غير نزيهة ، لكن السياسة لا نزاهة فيها ولا شرف، الطرف الأضعف والمتضرر هو المضطر لتقديم تنازلات، هذه معادلة غير قابلة للتزييف.
ومن المتوقع أن تتنازل حما.س جزئيا تجاه حلول وسط، وذلك سوف يزيد شراهة نتنيا.هو، التنازل يفتح الشهية لنيل تنازل أكبر ، والمؤسف أن الخيارات تكاد تكون منعدمة ، فلو عاندت حما.س ورفضت التجاوب، سيستمر إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والماء والدواء ، والوقود، وتصبح المجاعة شبحا ينهش الغزيين، في ظل نظام عالمي قذر و مشوه لا يريد أن يرى الحقيقة ، ولا يكترث للضحايا الفلسطينيين ، لأن الفلسطيني بنظرهم مخرب إرها.بي و موته ليس أمرا يستحق نداءات إنسانية .
قد تقدم حما.س تنازلا في تسليم الأسرى، وقد تتمسك بتسليم جثث فقط بمقابل معين ، حتى تحتفظ بآخر ورقة تملكها قدر ما تستطيع.
وأظن أن نتنيا.هو سيضغط كثيرا لكنه لن يصعد الموقف لحد تفجير الاتفاق، بل يسعى لاستعادة أي أسير سواء حي أو ميت، فهذا يعزز موقفه، ويرفع من أسهمه ، ويزيده قدرة على مواجهة أي ابتزاز سياسي داخلي.
ما تفهمه حما.س هو أن نتنيا.هو سيماطل بلا نهاية، وعليها أن تتعامل مع ذلك، خاصة في بند وقف الحرب، يجب التفاوض على القضايا الأخرى، والإعمار وإنقاذ الناس من مصير أسود، حتى لو تم تجاوز بند وقف الحرب ،فعليا نتنيا.هو يمكن أن يوقف إطلاق النار ولأوقات طويلة جدا ضمن أي اتفاق، لكنه ليس جاهزا لوقف حالة الحرب لأن ذلك ينسف كل خططه للبقاء والنجاة سياسيا من أي مأزق قادم عند استحقاق الانتخابات ، لذلك من الحكمة غض الطرف عن هذا البند العائق حاليا ،ومحاولة كسب كل ما يمكن لمصلحة الناس ، وتأجيل حسم هذه النقطة الخلافية لوقت لاحق.
عموما الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت السياسية ، لكن تجدد الحرب ليس قائما حتى اللحظة، والأمر متعلق بمدى تجاوب قيادة الحركة مع الوسطاء ، ونأمل حدوث ذلك .