أقلام وأراء

شجاع الصفدي: غزة ومتاهة اليوم التالي

شجاع الصفدي 28-5-2024: غزة ومتاهة اليوم التالي
قبل سنوات كان الإعلام العبري ينشر تصريحات لمسؤولين يطالبون بفك الارتباط الاقتصادي مع غزة وتحويله لربط اقتصادي مع مصر، وقد اتُّخذت بعض الإجراءات في تلك الوجهة فعليا في السنوات الأخيرة.
ما يجري حاليا بعد السيطرة على معبر رفح، وغالبا سوف يمتد للسيطرة على الشريط الحدودي كاملا، يذهب في اتجاه مضاد تماما، توقف تدفق البضائع من مصر، ليس المساعدات فحسب،وإنما حركة الاستيراد والتجارة أيضا، وفتح الباب أمام استيراد وتدفق بضائع ومنتجات إسرا.ئيلية وبأسعار أقل من البضائع المصرية التي استغلها المحتكرون تجار الحرو.ب لإنهاك المواطن وحرمان فئات كثيرة من الناس من شراء معظم السلع الضرورية .
على المدى القريب ظاهريا يبدو ذلك إرضاء للإدارة الأمريكية، وإظهار أنه لا يتم منع السلع من دخول غزة، لكن على المدى البعيد هو اختبار لجعل غزة تحت السيطرة الإسرا.ئيلية لوقت لا يبدو قصيرا، وأن تكون الرئة الوحيدة لغزة هي المعابر الخاضعة لتلك السيطرة، بينما يتلكأ نتنيا.هو بالتفكير في المصطلح الفضفاض “اليوم التالي” ، ويضع خياراته، إما إيجاد طريقة لإدارة معبر رفح خاضعا لرقابة دقيقة، أو استبداله كليا في حال رفضت مصر التعاطي مع حالة غير مُرضية بالنسبة لسيادتها ، حيث يمكن أن توضع خيارات معبر بديل للأفراد وترتيب ذلك ضمن شروط المنتصر التي يرتبها نتنيا.هو على مهل .
وما بين كل ذلك، ما يفكر به الاحتلا.ل وتفكر به حما.س أو السلطة أيضا، ينظر المواطن للحلول،ينتظر بقعة الضوء في آخر النفق، وعندما ننظر للشعب المفترض به مقاطعة أي منتج إسرا.ئيلي، ونجده مقبلا على السلع إقبالا هائلا ، بل يشعر بسعادة أن بإمكانه شراء احتياجات لم يرها منذ أشهر، هنا ندرك ما تعنيه حرب التجويع، إنه الماء المنتظر للتائه في صحراء قاحلة، حيث لن يتقبل الجائع المحروم تنظيرات من أحد، لن يهتم لما يقوله القادة ولا كتاب الرأي ،بل قد يتهكم على من ينتقد اندفاعه نحو السلع الإسرا.ئيلية ، وقد يتمادى فيشكر “شلومو” على تلك الانفراجة، ذلك سمعته عدة مرات دون مواربة وفي وسط سوق مكتظ، مما يفضي لمؤشرات ونتائج مخيفة حول مستقبل قطاع غزة، والذي أصبح دون اختيار مرتعا لتنافس دولي واضح،بالتوازي مع أهوال الحر.ب التي تحشر المواطن في زاوية ضيقة الخيارات ،فتصبح ملامح المرحلة القادمة للغزّي، إما الرحيل أو أن يصبح جزءا من منظومة عاملة تخدم المستثمر الأجنبي القادم على أجنحة الإعمار الكبير ، كما يبدو أن الميناء العائم والأشبه بثكنة عسكرية على الشاطيء، هو نواة قابلة للتطور لإنشاء لسان بحري كبير ضمن حلول احتوائية لغزة .
المرحلة القادمة للأسف لا تظهر فيها السلطة أو حكومة وحدة وطنية تدير شؤون الضفة وغزة، وإنما إدارة مدنية سوف تضطر حما.س للقبول بها في نهاية الأمر، وتتولى تلك الإدارة شؤون قطاع غزة مع تولي جيش الاحتلا.ل السيطرة العسكرية من خارج القطاع بطريقة تحول غزة إلى سجن كبير يفتح ويغلق على الريموت كنترول .
حتى الآن كل المؤشرات تذهب في ذلك الاتجاه، ونأمل أن تكون تلك الرؤية مجرد إرهاصات خاطئة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى