منوعات
شجاع الصفدي: علاقات بركانية
شجاع الصفدي 16-8-2024: علاقات بركانية
هناك أنواع كثيرة من العلاقات، علاقات مبنية على مصالح، مشاعر، أعمال، صداقة، اجتماعيات، وكل نوع من العلاقات له حيثيات تختلف عن سواه.
لكن أتناول في هذا المقال جانبا من العلاقات التي يمكن تسميتها بالعلاقات البركانية، ذلك لأنها علاقات دائمة التوتر ،حتى في أوقات صفائها تكون عرضة لانفعالات أحد الأطراف وردود أفعاله غير المتزنة على مواقف بسيطة.
هذا النوع من الصداقات يجبرك أن تتعامل بحذر بالغ مهما كانت درجة التقارب بينكما، حيث تشعر بأنك مضطر معظم الوقت لتحمل ضغط العلاقة القابلة للتفجر، وكأنك تجلس بجوار بركان قد تثير حممه حصى صغيرة .
هذه الصداقات مهما طال الزمن لها نهاية حتمية، لأن أحد الأطراف يصل لقناعة اللا جدوى، يدرك أن تحمله وطاقة صبره نفدت، ومحاولاته الحثيثة لإصلاح كل موقف ،لم تعد حاضرة، فتجده انقطع عن المحاولة،عن التبرير، ألقى عن كاهله صداقة عقود من الزمن دون ندم أو شعور بتأنيب الضمير، لأن الطرف الثاني عبارة عن صديق بركاني بالمعنى الحرفي.
ناهيك عن كمية الطاقة السلبية التي تبعثها هذه النوعية من الصداقات في النفس،فالصديق البركاني دائم الشعور بأن هناك ما يستحق الانفعال، هناك ما يستحق الخلاف،وإن لم يوجد يسعى لاختلاقه .
قد ينبع ذلك من دوافع خفية، ظاهرها تقمص دور الضحية المُساء إليها عند أتفه منعطف، وباطنها على الأرجح غيرة داخلية من أمور تحمل مفارقات ومقارنات مزعجة للصديق البركاني الجاهز لقذف الحمم .
أحيانا تكون العاطفة المبنية على “العِشرة ” عبئا ثقيلا على الصديق ، فلا يهون عليه التخلي عن الصداقة، يتحمل الكثير من المواقف والإساءات والخذلان، حتى عدم صفاء السريرة لدى الآخر المتأهب ، يحتمله مختلقا سبعين عذرا ، مما يُراكم الفجوات أعمق فأعمق .
وبدلا من أن يراعي الصديق البركاني ذلك،يزداد غيّا و سعيا لخنق العلاقة دون مبرر، هو نوع من الاستمتاع بكونها علاقة ذات سمة بركانية متفجرة .
في هذه العلاقات هناك احتمالان:
إما أن يفيض الأمر بالصديق الطبيعي ويرمي الجمل بما حمل متخليا عن العلاقة برمتها .
أو يقدم الصديق البركاني على تفجير العلاقة بسلوك لا يمكن تجاوزه أو احتماله،فتنهار كل الأعمدة الباطلة التي بنيت عليها الصداقة غير العادلة أو غير المتكافئة من الأساس.
والمؤسف أن هذا النوع من الصداقات مضيعة للوقت والطاقة وينتهي مخلفا أثرا سيئا في النفس .
لذلك على المرء أن يختصر فورا أي علاقة يشعر بنزعتها البركانية ،وألا يخوض فيها، بل يحرص أن تبقى سطحية لأقصى الحدود لينجو بنفسه وطاقته وصحته النفسية.