أقلام وأراء

شجاع الصفدي: خيمة للعزلة

شجاع الصفدي 4-6-2024: خيمة للعزلة
يقول شخص ما، تشابهت الأنوثة والذكورة في وظائفها ، أبتسم وأخبره أن هذا جزء من قصيدة نزار قباني، يجادلني أن نزار كانت لديه بلقيس الجميلة، تحفزه ليكتب الشعر، أما “بلقيساتنا ” بسبب الحرب أضحوا ” جعفر” .
مؤلم أم مضحك، لم أعد أفرق بين الأمرين ، هناك كثير من الألم المضحك،والضحك المؤلم، النساء لسن على ما اعتدن عليه من حياة واهتمام، حياة النزوح شاقة للحد الذي يجعل الشعور بالأنوثة أو رعايتها محض هراء.
تقول صديقة: أمنيتي أن أنام، تنام وتحظى ببعض الخصوصية، تستلقي دون أن يفاجئها دخول أي شخص، تتمدد وتتمطى مثل قطة مثلا،غير آبهة بأن هناك اختراق لخصوصيتها في أي لحظة .
أحدهم يضحك ويحمر وجهه،  يفكر بمشروع خيام للخلوة الشرعية، ما رأيك أن تشاركني؟ .
الخيام تكلفتها باهظة،وتوصيل المياه أيضا، ويستمر في سرد فكرته، يحتاج شريكا لديه المال، اقتطاع مساحة على شاطيء البحر منعزلة قليلا عن مراكز الإيواء، نصب ثلاثة خيام، تحويطها جيدا مع الحرص على التباعد ، وتخصيصها للتأجير ، مع الحفاظ على الخصوصية، أسمع ذلك وأقهقه، فلا يروقه الأمر،هل تظنني أمزح؟
يتحدث صاحبي بجدية، هذا مشروع ناجح، ثمانية أشهر لم يختلِ رجل بزوجته، ونحن نقدم خدمة فندقية شرعية وفقط نستضيف الأزواج بعد التأكد من الهويات وعقد الزواج.
لم يتركني إلا مع وعد أن أفكر بالأمر ، وبينما مضيت في طريقي ،كان يشغل تفكيري أمر آخر، كم سنة سوف تبقى حياة الخيام، الناس لم تستيقظ بعد من هول النكبات المتلاحقة، كل شيء سيبقى معلقا بيد الاحتل.ال مثل الريموت كنترول، أغلق افتح ، هل هذه أهدافنا؟
من نحن؟، أهدافنا لا تعني أحدا، إنها شيء طفيلي يترصد برغبات أولي الأمر، هل الطفيليات تُرى بغير المجهر؟
تفكيرك متطرف ، أقول لنفسي ، كن متفائلا، استمع لما يقوله الدويري وقادتنا الميامين لعلك تصحو من غفلتك .
وصلت مكانا يتوفر فيه الانترنت، كل شيء ضوضاء ، كنت بحاجة لقراءة شيء ما بتركيز، فشلت، ذهبت إلى السوق لأطمئن على أبنائي، أصابتني لوثة ما بين البكاء والضحك، بينما أتأمل الوجوه ،وأتنقل بناظري بين أبنائي والبسطات والناس، غادرت المكان دون هدف، عدت لمكان النزوح، صراخ على اللا شيء، هذا يعترض على ذاك، هذه تلعن تلك، اتهامات صرخات ،خلافات، الجنون بعينه يتجسد في كل مكان.
تذكرت الصديقة التي تريد أن تنام، أريد أن أفكر، أريد العزلة، خرجت باتجاه البحر ، سرقت ركنا قصيا، وتمددت مع أفكاري الجنونية، تذكرت وعدي لصاحبي أن أفكر في المشروع، هل يليق حقا إنشاء مشروع خيام فندقية للخلوة الشرعية؟
لا يتناسب الأمر معي من حيث المبدأ ، يجب إعادة صياغة المشروع ، قهقهت كالمجنون عندما تذكرت صياغات التفاوض في الدوحة والقاهرة،والإضافات والتعديلات، وما بين رفض وقبول!، (بدها لكن مستحية)، فجأة ارتطمت بساقي قطعة من الخشب، أحدهم طارت منه بينما يقطع الأخشاب، نظرت بغضب، تمتم بشيء غير مفهوم يشبه الاعتذار، علي قبول ذلك، هذا أقصى ما يمكن أن يقدم زوج غاضب لا تتوفر له خيمة للخلوة، قهقهت مجددا ، نظر لي الرجل وقال: بيعوض الله.
قفزت لذهني فكرة معدلة ، خيام للعزلة!!، إنه أمر أرقى من خيام للخلوة، أليس كذلك؟
من يرغب بالعزلة ؟، لا أعرف هل يقبل صاحبي شراكة من هذا النوع، أم أن خيام العزلة مشروع فاشل، زبائنه من الكتاب والشعراء الفقراء ،ولا جدوى منهم!!.
يقول هاجس: هل تنتهي الحرب؟ ،يحتاج التفكير لخيمة عزلة. 
ترى ما الأنجع ؟  خيمة للعزلة أم للخلوة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى