#أقلام وأراء

شادي محسن: تأجيل المضطر: حسابات سيناريو الاجتياح لقطاع غزة

شادي محسن * 24-10-2023: تأجيل المضطر: حسابات سيناريو الاجتياح لقطاع غزة

شادي محسن

يخدم في الجيش الإسرائيلي 173 ألف مجند نظامي، و465 ألف مجند احتياطي. تستمر إسرائيل في تعبئة 360 ألف مجند احتياطي، وهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي استدعى نحو 77% من الخدمة الاحتياطية بغرض اجتياح 210 كم مربع، وهي مساحة النصف الشمالي من قطاع غزة الذي تدعي إسرائيل أنه يضم كامل البنية التحتية والقدرات العسكرية التابعة لحركة حماس.

هناك مجموعة من الحسابات التي تمثل جملة من المدخلات في عملية صناعة القرار العسكري الإسرائيلي، وتقدم إجابة للسؤال: لماذا تأجل الاجتياح الإسرائيلي لغزة؟

حسابات سيناريو الاجتياح الإسرائيلي

أولًا: السبب اللوجستي

  • لم تنجح إسرائيل حتى الآن في تقديم خطة تسليح كاملة ونهائية لـ360 ألف مجند احتياطي إسرائيلي، بل خرجت الدعوات المجتمعية للتبرع للجيش الإسرائيلي من أجل شراء المؤن واحتياجات المعيشة للمجندين.
  • انتهت إسرائيل من تسليح 46 ألف مجند احتياط فقط، يتواجدون في الجهة الشمالية حيث معبر إيرز الإسرائيلي (شمالي قطاع غزة). فيما يتواجد بقية الاحتياط على الجهة الشرقية من القطاع حيث “ناحل عوز”.
  • يفسر ذلك تصريح الرئيس الأمريكي بعد الانتهاء من زيارته إلى إسرائيل مؤخرًا بأنه سيبدأ في إقناع الكونجرس بتخصيص تمويل يبلغ 14 مليار دولار أمريكي لإسرائيل، لتعزيز الذخيرة الخاصة بالقبة الحديدية، ومخزون الذخيرة التي ستُستخدم في سيناريو الاجتياح.
  • عالجت إسرائيل هذا الخطأ من خلال إعلان الجيش الإسرائيلي عن خطته أمام غزة وهي الهجمات الجوية العنيفة، ثم الاجتياح لاحقا، ثم إسقاط وجود حماس.

ثانيًا: السبب السياسي-الاقتصادي

  • تسربت معلومات إسرائيلية عن وجود خلاف في وجهات النظر بين رئيس الحكومة الإسرائيلية “نتنياهو” ووزير دفاعه “يؤاف جالانت” حول قواعد التعامل العسكري الإسرائيلي مع غزة. إذ يرغب الأخير في الامتثال لقواعد القانون الدولي والنزول إلى الضغط الأمريكي، فيما يدفع نتنياهو حسابات سياسية أيديولوجية عنيفة ترغب في التعامل الخشن مع أهل قطاع غزة دون النظر إلى التكاليف.
  • يغيب عن إسرائيل مخطط واضح لكيف سيكون شكل قطاع غزة بعد سيناريو إسقاط حماس، إذ يستلزم أمرين: إما عودة السلطة الفلسطينية لاستلام مقاليد الأمور، أو تشكيل حكومة مؤقتة باعتراف مصري في المقام الأول، وهو ما ترفضه مصر بشكل حاسم وتتحرك دبلوماسيًا للضغط من أجل وقف الحرب وعدم انفلات الأزمة.
  • استنزفت الحرب على قطاع غزة مليارات الشيكلات من الاقتصاد الإسرائيلي، إذ وصلت قيمة الدولار ما يزيد على خمسة شيكل إسرائيلي. وخصص البنك المركزي 30 مليار دولار من الاحتياطي لدعم الشيكل أمام الدولار. بالإضافة إلى هروب 60% من الاستثمارات الأجنبية المهمة من إسرائيل.
  • كشفت التقديرات الأولية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن حماس تخطط لضرب أهداف بحرية في منطقة حقول الغاز الإسرائيلية، وهو ما قد يتسبب في وقف إنتاج الطاقة، وتأثيره الممتد على السوق الإسرائيلية وعلى سوق التصدير للخارج.
  • تعاني الشركات الناشئة الإسرائيلية في المدن الإسرائيلية الواقعة تحت صواريخ حماس من عدم الاستقرار الأمني، وتبحث عن خيارين: إما البحث عن عواصم أجنبية لاستكمال العمل، أو الهرب إلى مدن إسرائيلية شمالًا مثل حيفا.
عدد الشركات الناشئة الموقع
14 عسقلان
30 أشدود
2698 تل أبيب
1899 تل أبيب-يافا
  • الضغط المجتمعي الإسرائيلي باسترداد الأسرى المدنيين في يد حماس عبر تشكيل جماعات ضغط تقابل رئيس إسرائيل وبعض أعضاء الكنيست، وهو ما يُفشل خطة “هانبيعل” الإسرائيلية التي تقضي بفداء الأسرى في مقابل تحطيم قدرة حماس. وذلك يعني أن الحكومة الإسرائيلية ستتحمل مسئولية تعرض المدنيين الإسرائيليين لأي خطر.

ثالثًا: أولوية العمليات الخاصة في الوقت الحالي

  • تخصص الولايات المتحدة مع إسرائيل أولوية أولى للفرق العسكرية المتخصصة في اجتياح المدن وتحرير الرهائن على غرار “فرقة دلتا” الأمريكية التي تتواجد حاليًا داخل قطاع غزة مع فرق عسكرية إسرائيلية متخصصة في المجال ذاته.
  • تعمل هذه الفرق بالتوازي مع الكشف عن أماكن وجود الرهائن على خريطة الأنفاق التابعة لحركة حماس، وبالتحديد في شمال قطاع غزة، مما يضيف لعمل الفرقة الأمريكية بعدًا استخباراتيًا مقدمًا لإسرائيل.
  • يمنح وجود الفرق الأمريكية لإسرائيل منطقًا ومبررًا لأهمية سيناريو الاجتياح البري في حال فشل سيناريو تحرير الرهائن أو محاولة إخراج المواطنين مزدوجي الجنسية، بشرط الوصول إلى تقدير نهائي للخطط العملياتية المستقبلية لإسرائيل.

رابعًا: سيناريو “المقاومة الشعبية”

  • قدمت الأجهزة الأمنية الاستخباراتية تقديرات مواقف لرئيس الحكومة الإسرائيلية حول تداعيات سيناريو الاجتياح الذي اتفقت فيه على خطر الأنفاق و”المقاومة الشعبية” التي قد تلاحق المجندين الإسرائيليين وتزيد من احتمالات الخطف أو الخسائر.
  • يستدل على ذلك السيناريو بخريطة التهجير العكسي في قطاع غزة، فبعد أن فرضت إسرائيل على سكان غزة النزوح إلى وسط وجنوب غزة، لوحظ عودة الفلسطينيين مرة أخرى إلى بعض المدن في شمال غزة مرة أخرى.
  • يفسر ذلك سبب عودة الهجمات الجوية الإسرائيلية العنيفة في منطقة شمال غزة، وبالتحديد في مناطق المخيمات أو المستشفيات.

خامسًا: سيناريو الحرب المتعددة

  • جاء ضمن التقديرات الأمنية الإسرائيلية أن من المحتمل أن تندلع حرب متعددة الجبهات في حال وقوع سيناريو الاجتياح، ستكون الضفة، وجنوب لبنان، وجنوب سوريا، والداخل الإسرائيلي.
  • كشفت التقارير الأمريكية أن الجماعات العراقية ضربت أهدافًا أمريكية في أيام 18 و20 و21 أكتوبر بعد اندلاع الصراع يوم السابع من أكتوبر، وأشارت إلى أن هناك تنسيقًا إيرانيًا ملحوظًا مع تلك الجماعات المرتبطة بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وتجدر الإشارة إلى أن الحرس الثوري إحدى أهم المؤسسات التي تميل إلى تبني استمرار الصراع في الإقليم دون النظر إلى سياسة التقارب الإيرانية مع الخليج أو سياسة التفاهم مع الولايات المتحدة.
  • أعلنت إسرائيل حالة الحرب، وهو ما يعني أن إسرائيل قد تعلن الهجوم على أي فصيل يثبت تهديده لإسرائيل أو تعاونه مع حماس. وهو ما صرحت به وزارة الدفاع الإسرائيلية يوم 21 أكتوبر ضد حزب الله اللبناني.
  • يُعد سيناريو الاجتياح خطًا أحمر لحزب الله، والذي قد يُعد متغيرًا مهمًا في حسابات اشتباك حزب الله مع إسرائيل من عدمه.
  • بعد انتهاء زيارة جو بايدن إلى إسرائيل نفت واشنطن التقارير الإسرائيلية القائلة بدعم الولايات المتحدة غير المحدود لإسرائيل في حال انضمام حزب الله إلى الحرب، وهو ما قد يقيد إسرائيل تجاه استفزاز حزب الله وجرها إلى حرب مباشرة، بل تظل في إطار المناوشات المحدودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى