شاؤول شاي يكتب – أخطاؤنا
بقلم: شاؤول شاي * – معاريف ١٥-١٠-٢٠١٨
بعد مرور 45 سنة على حرب يوم الغفران والمفهوم المغلوط الذي قبع في أساس الاخفاقات التي أدت الى هذه الحرب يجدر فحص المفهوم المغلوط الحالي لدولة اسرائيل في المواجهة مع حماس في قطاع غزة. فالنظام الارهابي لحماس في قطاع غزة هو وليد خمسة أخطاء استراتيجية لدولة اسرائيل: الخطأ الاول كان في الامتناع عن تنفيذ حملة سور واق في العام 2002 في قطاع غزة. فبينما غيرت الحملة في يهودا والسامرة الواقع الامني من الاساس، ففي قطاع غزة لم تتضرر البنى التحتية لحماس. الخطأ الثاني كان في تنفيذ فك الارتباط – الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة في العام 2005، والذي ترجمته حماس الى انتصار عبر الكفاح المسلح الذي قادته المنظمة، مقابل اخفاق المسيرة السياسية التي قادتها السلطة الفلسطينية.
أما الخطأ الثالث فكان يتمثل بموافقة اسرائيل بمشاركة حماس في الانتخابات البلدية وبعد ذلك في الانتخابات للمجلس النيابي الفلسطيني في العام 2006، والتي اتاحت انتصار حماس في هذه الانتخابات واقامة حكومة وحدة فلسطينية.
وكان الخطأ الرابع هو امتناع اسرائيل عن مساعدة السلطة الفلسطينية في حزيران 2007، عندما سيطرت حماس بقوة الذراع على قطاع غزة وطردت منه نشطاء فتح ورجال السلطة الفلسطينية.
وكان الخطأ الخامس التسليم العملي من جانب دولة اسرائيل بحكم حماس في القطاع في ظل اعلانات متكررة بأن “حماس مسؤولة عن كل ما يجري في قطاع غزة”. لقد سيطرت حركة حماس كما اسلفنا بقوة الذراع، أو بتعبير آخر، احتلت قطاع غزة في العام 2007 وحولت القطاع الى قاعدة ارهاب، في ظل استخدام انتهازي لمعاناة السكان في الجنوب لاغراض المنظمة. تعرض حماس اسرائيل بشكل ثابت كقوة احتلال تفرض حصارا على سكان قطاع غزة، بينما يوجد قطاع غزة عمليا تحت احتلال حماس.
في المنظور التاريخي، يمكن الاشارة في العقد الاخير الى سلسلة حالات احتلت فيها منظمات ارهابية مناطق مختلفة وجعلتها قواعد للارهاب، بما فيها داعش الذي احتل مناطق واسعة في العراق وسوريا وجعلها قواعد ارهابية؛ تنظيم القاعدة؛ تنظيم الشباب، ذراع القاعدة في شرق افريقيا، الذي احتل مناطق واسعة في الصومال في اعوام 2009 – 2013. في كل الحالات آنفة الذكر، حين احتل تنظيم ارهابي اقليما ما، أقيم تحالف دولي عمل على تحرير هذا الاقليم من يد التنظيم الارهابي. لم تعترف الساحة الدولية في أي حالة من هذه الحالات بشرعية حكم التنظيم الارهابي للسكان والمناطق وعملت بتصميم على اقتلاع التنظيم الارهابي من هذه المناطق.
لا يختلف شكل استيلاء حماس على قطاع غزة في العام 2007، في ظل الطرد العنيف للحكم الشرعي للسلطة الفلسطينية والمعترف به من الساحة الدولية، وحكم الارهاب الذي انتهجته حماس في القطاع – لا يختلف عن عمل داعش، القاعدة والشباب. ويشكل الواقع الجغرافي – السياسي الحالي فرصة لتغيير المفهوم الاسرائيلي المغلوط بالنسبة لقطاع غزة، وعلى دولة اسرائيل أن تؤيد مطالب السلطة الفلسطينية لاعادة السيطرة على قطاع غزة وتفكيك الذراع العسكري لحماس. فالمواجهة بين السلطة الفلسطينية وحماس، عزلة حماس في العالم العربي، الازمة التي توجد بين مؤيديها (تركيا وقطر) والادارة الامريكية العاطفة، كل هذه تشكل المحيط الاستراتيجي الافضل للتغيير الفكري المقترح. من الافضل لدولة اسرائيل أن تقود السلطة الفلسطينية الصراع ضد حماس، باسناد دولي واسع قدر الامكان، وألا توجد اسرائيل في جبهة هذه المعركة. ومع ذلك، يمكن لاسرائيل أن تساعد السلطة والتحالف الدولي بشكل مباشر وغير مباشر، اذا طلب منها ذلك لغرض تحرير سكان قطاع غزة من حكم الارهاب لحماس واعادة الحكم الشرعي للسلطة الى القطاع.
* عميد احتياط، مدير البحوث في معهد السياسة والاستراتيجية في المركز متعدد المجالات في هرتسليا، وسابقا نائب رئيس مجلس الامن القومي