ترجمات عبرية

شاؤول اريئيلي / لماذا لا،يمكن ترتيب “ضم رفاهي”

هآرتس – بقلم  شاؤول اريئيلي – 17/10/2018

بعد مرور سنتين منذ انتخاب ترامب لرئاسة الولاياتات المتحدة بالامكان القول ان سياسة ادارته بالنسبة لاسرائيل والنزاع مع الفلسطينيين يشكل دافعا، ويمنح المظلة السياسية لثورة يمكن ان تؤثر على اسرائيل.

اننا نشهد توجهين متناقضين يميزان نشاط حكومة نتنياهو في عهد ترامب والذي في عهد ترامب: الاول التعاون مع جهود غرينبلاط وجاري كوشنر لبلورة “الصفقة النهائية” لتسوية النزاع والذي حسب ترامب سيكون “بتفضيل حل الدولتين”. التوجه الثاني معاكسا، وهو جهود الوزراء في الحكومة واعضاء الكنيست من الائتلاف لتشجيع وتطبيق حلم الضم لاجزاء من الضفة الغربية أو كلها.

مؤيدو الضم وعلى رأسهم نفتالي بينيت، اييلت شكيد واوري اريئيل واعضاء الكنيست من “اعضاء لوبي ارض اسرائيل”، والذين غالبيتهم من البيت اليهودي والليكود وكذلك اورلي ليفي- ابكاسيس، وكذلك ايضا مؤيدون اقل نشاطا مثل جدعون ساعر، تسيبي حوطوبيلي وغيرهم، يرون في الوضع الراهن فرصة سياسية تاريخية. بحيث تمكن من نقل اسرائيل من حلم الدولتين الى حلم ارض اسرائيل الكاملة، على خلفية ثلاث خواص خارجية لإسرائيل.

الخاصية الاولى- ضعف العالم العربي الذي شهد اربعة حروب، صعبة وتتوجب التعاون مع اسرائيل امام التهديد الايراني وتهديد الاسلام السياسي. الخاصية الثانية – ضعف الفلسطينيين في تجنيد المجتمع الدولي والعالم العربي لخطوات فعالة ضد اسرائيل والانقسام المدمر ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة الواقعة تحت سيطرة حماس. الى هذه الخصائص المعروفة والقديمة انضمت خاصية ثالثة وحاسمة وهي سياسة الادارة الامريكية التي تجري صياغتها على يد رؤية مسيحانية للسفير الامريكي في القاهرة ديفيد فريدمان وبمساعدة السفير الاسرائيلي رون ديرمر، والذان حولا منظومة العلاقات ما بين الولايات المتحدة واسرائيل الى موضوع حزبي للاولى.

عندما وجدت البيئة الخارجية المناسبة حسب فهمهم، فان مسيحيو الضم في المنظومة الداخلية لتمهيد الارض للانتقال المطلوب من سياسة “الضم الزاحف” الى ضم قانوني. أي، الانتقال من مرحلة الكبح الى مرحلة الحسم ” كما اعلن بينيت في تشرين الثاني 2016. لم يعد هناك نضال على كل بؤرة استيطانية غير قانونية او البناء في شرق القدس، بل تحويل كل هذه الى قانونية ولجزء من الرواية والاجماع الوطني.

من اجل تنفيذ هذه الاستراتيجية، فانهم يعملون في المجال القضائي والعملي في ثلاثة مجالات اساسية. الاول، ايجاد القاعدة لتفضيل اليهود بواسطة قانون القومية، المس  بقدرة وشرعية حراس العتبة عن طريق الالتفاف على قدرة المحكمة العليا في الغاء القوانين التي تعارض قيم الديمقراطية الليرالية، وروح وثيقة الاستقلال والقوانين الاساسية (فقرة الاستقواء)، وعن طريق إضعاف المجتمع المدني (قانون المقاطعة وقانون الجمعيات).

المجال الثاني، شرعنة عمليات توسيع وسيطرة المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية (قانون التسوية) واعداد مشاريع قوانين لضم اجزاء واسعة من يهودا والسامرة (يوجد 10 مشاريع قوانين كهذه). والمجال الثالث، خلق مناخ عام بواسطة نشاطات تستهدف اعتبار المستوطنين سكان قانونيين يخدمون الحلم الصهيوني ابتداء بقرار اللجنة الوزارية للتعامل المطلوب مع القوانين الجديدة للاسرائيليين الذين يعيشون في يهودا والسامرة، مرورا بتعيين قضاة وانتهاء بقرار وزيرة المساواة الاجتماعية بتخصيص 1،5 مليون شيكل لتوثيق تاريخ المستوطنين كخطوة قبيل ضم يهودا والسامرة”.

مشاريع القانون الذي قدم من قبل “لوبي ارض اسرائيل” ينقصها أي عمل تحضيري وليس بها أي خرائط. لقد اوقف تقدمها في هذه المرحلة على يد نتنياهو، حسب ادعائه ليس هذا هو الوقت المناسب بسبب منظومة العلاقات مع الادارة الامريكية، وكذلك كان مطلوبا مشروع قرار حكومي للتغيير الدراماتيكي في سياسة اسرائيل – من ضم زاحف الى ضم قانوني. بالرغم من نية طرح مشروع الضم في دورة الكنيست القادمة، فانه حتى اليوم لم يجد رئيس الحكومة ان من الصواب ان يلقي على جهة مهنية فحص مجمل التداعيات السياسية والاجتماعية والامنية والاقتصادية والقانونية لخطوة وحيدة الجانب ودراماتيكية كهذه على امن ونظام وهوية دولة اسرائيل.

عمليات الضم تقاد من قبل اقلية من اعضاء الكابينت، وموجهة نحو المطامح والتطلعات الدينية – المسيحانية لجزء صغير من الجمهور الاسرائيلي. الاستطلاعات تعود وتبين ان معظم الجمهور يعارض الضم ويفضل الانفصال عن الفلسطينيين حتى وان كان ذلك بخطوة وحيدة الجانب. مخططات  مفصلة كهذه توضح كيفية القيام بذلك، للحفاظ على الشروط لحل الدولتين، نشرت منذ مدة من قبل حركة “قادة من اجل امن اسرائيل”. والان تنشر من قبل “معهد بحوث الامن القومي”.

تشكيلة الائتلاف الحالي والمباديء الاساسية لتشكيله، وكذلك التهديد الذي يواجه استقرار ولاية نتنياهو مكنت الاقلية هذه من ايقاع الائتلاف في شرك المجموعة المؤيدة للضم، حتى وان كان ذلك ضد موقف اغلبية الجمهور. عقيدتهم المسيحانية تشمل ايضا الادعاء بانهم انتخبوا على يد البطولة “لقيادة شعب اسرائيل”(حتى رغما عنه) كما صرح بذلك بتسلئيل سموتريتش.

الاقلية المسيحانية المؤيدة للضم هذه، معنية في المرحلة الاولى بضم الضفة الغربية كلها، بيد انها ترى أن بمقدور اسرائيل ان تضم فقط مناطق ج وابقاء الحكم الذاتي الفلسطيني في مناطق أ و ب تحت المسؤولية المدنية للسلطة الفلسطينية. أي، ليس فقط احتلال رفاهي “ديلوكس” كما يجري اليوم بل ايضا ضم رفاهي “ديلوكس”.كل مقاومة فلسطينية عنيفة تقمع سريعا وبنجاعة، وثمة بينهم من يرون في ذلك فرصة لطرد جماعي في اوار الحرب (خطة الحسم)، بافتراض انه حتى ذلك الوقت سوف تعطي جهودهم في زرع روح “جيش الله” في اوساط قادة وجنود الجيش الاسرائيلي أكلها.

اذا حظيت مشاريع قوانين الضم بالطرح للتصويت في الكنيست القادمة ومررت كما ينبغي فان اسرائيل من المتوقع ان تشهد انهيارات ثلجية سياسية، امنية، اجتماعية، اقتصادية وقانونية من شأنها ان تقود الى انهيار الدولة باطارها الذي نعيش فيه اليوم، وان يقود ذلك الى اقامة دولة واحدة ذات اغلبية عربية، اغلبهم ليس لهم حقوق. اذا كان الامر كذلك، يمكن القول إن اسرائيل توجد الآن في عملية تغيير تاريخية ودراماتيكية في حلم وفي اهداف الحركة الصهيونية: اختيار القيادة الصهيونية منذ لجنة بيل في 1937، لدولة ديمقراطية ذات اغلبية يهودية تحدد هويتها، وتفضيله عن “ارض اسرائيل الكاملة”، يستبدل بخيار “ارض اسرائيل الكاملة”، بدلا من اغلبية يهودية ونظام ديمقراطي.

هذا التغيير الدراماتيكي سيسرع زيادة التوتر الذي تواجهه الاقسام الليبرالية في الجمهور اليهودي في اسرائيل وفي الجاليات اليهودية. هؤلاء واولئك سيكون عليهم التقرير هل يدعمون هيمنة يهودية تستند الى نظام تمييزي أو ابقاء ولائهم لقيم الديمقراطية الليبرالية وروح وثيقة الاستقلال. يمكن الافتراض أنه شبيها بالجيل الشاب في الولايات المتحدة، الذي تحول الى غير مبال بدولة اسرائيل ولا بهويته اليهودية لصالح قيم الديمقراطية وحقوق الانسان، هكذا يمكننا توقع انفصال اغلبية اليهود من تدخلهم واهتمامهم بمستقبل دولة اسرائيل، ولترك الذين يعيشون فيها للمشروع الصهيوني المنهار، حسب اعتقادهم.

التصريحات الواضحة التي تسمع في اوساط مؤيدي الضم بشأن المستقبل غير الديمقراطي لدولة اسرائيل يجب أن تعتبر دعوة للاستيقاظ. اذا كانت اغلبية الجمهور تعارض الضم وتؤيد الانفصال، فانه لا يستطيع أن يصب غضبه على الصفقة النهائية لترامب، التي لا يعرف أحد مضمونها وموعدها. رغم أن نشرها قبل الانتخابات في اسرائيل يمكن أن يضعها في قلب الحسم المطلوب في الانتخابات. يمكن الافتراض أن نتنياهو الذي هو غير معني بأي فشل اضافي قبل الانتخابات، سيثني ترامب عن طرح الصفقة التي يمكنها أن تؤدي الى مواجهة شديدة جدا في الائتلاف الحالي.

في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في بحر الكراهية والقومية المتطرفة والعنصرية، وفيها جزء من الاشخاص ومن بينهم سياسيين قدامى وجدد يفضلون ارتداء ملابس البحر والسباحة مع التيار، على من يخافون على مستقبل الدولة، البدء في بناء سد وتشغيل مضخات. على الجمهور الداعم للانفصال أن يتخلى عن اللامبالاة واليأس وأن يطالب بأن يأتي مع الانتخابات القادمة تغيير جوهري في سياسات اسرائيل. أولها، تنقية الاجواء المسمومة التي خلقها نتنياهو وأتباعه بالنسبة للفلسطينيين وبخصوص عرب اسرائيل ومؤيدي التسوية الدائمة. وبعد ذلك، تطبيق حلم الدولتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى