ترجمات عبرية

سيما كدمون – يستمعون الى الصمت : انتخابات 2020

يديعوت – بقلم  سيما كدمون  – 11/1/2019

كلما مرت الايام، تنقسم الاحزاب او تتخلص من وزن زائد، ومن جهة بني غانتس يواصل الصمت، بحيث يثبت الاعتراف بان هذه في واقع الامر انتخابات أولية. فالساحة السياسية تستعد لانتخابات نيسان 2019 ولكن عيونها تتطلع الى الانتخابات التي بعدها أو بكلمات نصرالله في حرب لبنان الثانية: بعدها وما بعد بعدها.

فرضيتان أساسيتان تقبعان في أساس النظرية: ان ينتصر نتنياهو في الانتخابات وبعد وقت غير بعيد من ذلك يضطر الى ترك منصبه وتقام حكومة اخرى. في رأس كل لاعب في الساحة السياسية، وبالتأكيد كل من لديه مجال مناورة وقدرة على الحسم بين البدائل، يمر هذا السيناريو والخطوات تتقرر بناء على ذلك: يتنافسون الان، ويستعدون لليوم  التالي.

ولكن يوجد فقط شخص واحد قراره هو قرار استراتيجي، قرار تأثيره يفترض أن يؤثر على الانتخابات بشكل دراماتيكي. وهذا الشخص يسمى غانتس، بني غانتس.

منذ بضعة ايام تدور في الشبكة “انباء تقول بان الممثل الصامت حانوخ روزين عين ناطقا بلسان غانتس. وان كانت هذه نكتة ففيها اكثر من ذرة حقيقة. صمت غانتس يخفي من وراءه ترددا دراماتيكيا، وبالتأكيد حين يأتي من شخص ليس معروفا بتصميمه.

كما يبدو هذا الان فان هناك امكانيتين امام غانتس. الاولى ان ينضم الى لبيد ويصبح على الفور بديلا سلطويا. وفقا لاستطلاعين فحصا الامكانية، في البرنامج الصباحي لـ “كيشت” وفي القناة 10. الربط بين غانتس ولبيد قلص المسافة عن نتنياهو الى مقعد واحد (31 – 30 في احدهما،  24 – 26 في الثاني). في هذه الحالة سيضطر غانتس الى الاكتفاء بالرقم 2 في حزب لبيد، الذي لا يعتزم وضع الأنا جانبا،  ولكن العلاوة في مثل هذه الخطوة هي أن فيها احتمالا بتحول سلطوي. كل النظريات التي تقول ان “بيبي يفوز في كل الاحوال” تسقط في لحظة واحدة. ومع مراعاة حقيقة ان لوائح الاتهام على الابواب، فان هذا يجعل السباق مفتوحا تماما.

الامكانية الثانية هي أن يتنافس غانتس وحده على رأس حزب جديد، ورغم أنه في مسألة مدى ملاءمته لرئاسة الوزراء يحظى غانتس بنسب جميلة – الوضع بعيد عن ان يكون هكذا حين يكون الحديث عن عدد المقاعد التي سيفوز بها حزب برئاسته. مع 14 – 12 مقعدا، حسب الاستطلاعات على الاقل، فان غانتس لن يكون رئيس الوزراء التالي، وبالتأكيد لن يسقط نتنياهو. وعليه فلا مفر من الاستنتاج بانه اذا ما واظب غانتس على قراره الوقوف في رأس حزب، يبدو انه لا يعتزم تحدي حكم نتنياهو بل الدخول الى حكومته كوزير كبير.

الى أن يتكلم غانتس، لن نعرف الى ماذا يسعى. ولكن يخيل لي ان قراره التنافس وحده، يمكنه أن يعطي مؤشرا جيدا على نيته في ان يكون جزء من حكومة نتنياهو. في مقابلة مع آريه غولان، قال لبيد هذا الاسبوع انه لا يعتزم الانضمام الى حكومة برئاسة نتنياهو. وعندما حشره غولان فيالزاوية، اوضح لبيد بانه لن يكون وزيرا تحت رئيس وزراء رفعت ضده لائحة اتهام، مع استماع او بدونه. هذه هي المرة الاولى التي يقول فيها لبيد هذا. حتى الان حافظ على الغموض ولا سيما بسبب الخوف من أنه مع اعلان كهذا فانه كفيل بان يفقد مقاعد مصوتي الليكود. سيكون من الصعب عليه أن يتراجع عن هذا القول، بقدر ما هو صعب على السياسيين التراجع عن اقوالهم.

هناك من يقدر بان أحد العوائق في الربط بين غانتس ويعلون هو موقفهما المختلف من موضوع الانضمام الى حكومة نتنياهو، حين يكون يعلون ضد الدخول وغانتس يرفض التعهد بالاعتراض. يجدر بغانتس ان يأخذ بالحسبان ايضا موقف لبيد الجديد.

من جهة اخرى، لا يمكن تجاهل القدرة التنظيمية التي يمكن ليوجد مستقبل ان تضعها تحت تصرف غانتس اذا ما رغب فقط. فمن حضر هذا الاسبوع حدث افتتاح حملة لبيد في ريشون لتسيون تلقى تذكيرا بان هذه آلة مزيتة، بل وربما مزيتة جدا في السياسة الاسرائيلية. مئات النشطاء استقبلوا لبيد بهتافات: “هو ها من جاء”. فاضواء وانتاج مسرحي لامع. فألقوا الى كل هذا برئيس اركان طويل وجميل واذا بنا نحصل على حملة انتخابات متلاصقة وعنيفة.

غير أنه يحتمل أن يكون بسبب هذا بالذات يتردد غانتس. فتخوفه هو ان يبتلع في آلة لبيد. صحيح أن الاستحداث الصغير بل والصغير جدا، الذي بناه لنفسه يضمن له طريقا آمنة وهادئة الى حكومة نتنياهو التالية. كل ما يحتاج لعمله هو ان يتخذ خطا رسميا وغير حماسي وان يحصل على اي عدد يتراوح بين 8 و 14 مقعدا، فيصبح وزير الدفاع التالي. بمفاهيم عديدة هذا ملائم اكثر لطبيعته المرتاحة.

غير أن ثمة مشكلة مع هذه الامكانية: في محافل معينة، تلك التي يتوجه اليها غانتس، هذه كفيلة بان تكون لا تغتفر. فسواء اراد ام لم يرد، علق غانتس في وضع هو فيه الرجل الذي سيحسم اذا كان نتنياهو سيكون رئيس الوزراء التالي. هذا الرجل العطوف، الذي ليس هناك من يشكك بانه شاب طيب بالمعنى الطيب للكلمة، كفيل بان يصبح الشخص الذي باع مبادئه حتى قبل ان ينطلق على الدرب ويمنح الانتخابات على طبق من فضة لرئيس وزراء مشبوه بمخالفات فساد خطيرة. ناخبوه – الذين هم بالتعريف في معسكر “كله الا بيبي” – لن يغفروا له. وحياته السياسية ستنتهي حتى قبل ان تبدأ وسيوصم بعار الانتهازي التام.

هذه معضلة غير بسيطة، ولكن اذا كان غانتس قرر ان يكون سياسيا فهذه بالضبط المعاضل التي يتعين عليه أن يواجهها. ان ينضم  الى لبيد وان يفقد الحزب الذي اراده، ام يكون الرجل الذي يتوج نتنياهو مرة اخرى.

وزير كبير في الليكود قال لي مؤخرا بانهم في الليكود يترددون ما هو الافضل لهم: من جهة حين يتنافس غانتس على راس حزب مستقل، فانه يسرق لهم مقاعد اكثر. من جهة اخرى من ناحية الائتلاف المستقبلي، فانه اذا سار وحده فانه مرشح طبيعي للدخول الى حكومة نتنياهو. اذا فهمت صحيحا، فانهم يرون فيه في هذا الوضع شريكا محتملا اكثر مما يرون فيه جاذبا لاصواتهم الانتخابية. والان على غانتس ان يقرر اذا كان يفضل ما يفضلونه في الليكود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى