ترجمات أجنبية

صحف أمريكية : سياسة ترمب بالشرق الأوسط فوضى ومفلسة

تتواصل الانتقادات الحادة الموجهة لسياسات ترامب في الشرق الاوسط والتي تتسم بالعشوائية وعدم النجاعة ، في منطقة طالما اعتبرت ذات أهمية استراتيجية في سياسات الإدارات الامريكية المتعاقبة، وفِي هذ الإطار نستعرض مقالين الاول للباحثين ديريك كوليت وإيان غولدنبيرغ في الفورين بوليسي بعنوان سياسة ترمب بالشرق الأوسط فوضى، والمقال الثاني للكاتب ماكس بوت في الواشنطن بوست بعنوان سياسات ترامب تجاه سوريا “مُفلسة” .. والى التفاصيل …
ديريك كوليت وإيان غولدنبيرغ، فورين بوليسي: سياسة ترمب بالشرق الأوسط فوضى
الخبراء والمراقبين وقادة الدول الحليفة في الشرق الأوسط هللوا العام الماضي لضرب سوريا بصواريخ توماهوك باعتباره نقطة تحول في سوريا، لكنهم كانوا مخطئين. وأضافا أن الخبراء افترضوا أن تلك الضربة تدشن عصرا جديدا من القيادة الأميركية في المنطقة، لكنها لم تكن كذلك.
إن نهج ترمب في الشرق الأوسط هو ترقيع غير عادي يجمع بين سياسات الرئيس الأميركي الديمقراطي السابق باراك أوباما، خاصة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية والتردد في استخدام القوة ضد نظام الأسد، والسياسات الخارجية التقليدية للجمهوريين (تجاه إيران وإسرائيل)، وهو نهج لن يقود إلى أي وجهة كما لا يفيد المصالح الأميركية.
ففي سوريا، رغبة ترمب في سحب القوات الأميركية ومنع الدعم لاستقرار البلاد هي فكرة سيئة، وقد تعلمت أميركا ذلك بشكل مؤلم عندما انسحبت من العراق عام 2011، وستفقد بانسحابها من سوريا النفوذ وتتسبب في فراغ أمني يساعد في بروز شكل جديد من تنظيم الدولة.
ويمكن أن تستخدم واشنطن سيطرتها الحالية في شرق سوريا لتعزيز موقفها التفاوضي مع دمشق وموسكو وطهران خلال الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية السورية.
ترمب أحيانا يتراجع من خطوة أعلنها وكأنه يستجيب لآراء مستشاريه والقادة العسكريين، لكن يجب عدم الاعتماد على ذلك واستنتاج أنه يهتم بآراء الآخرين. فقد حذره فريقه نهاية العام الماضي من إصدار قراره حول القدس والسفارة الأميركية بإسرائيل، خاصة خلال الإعداد لوضع خطة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه لم يأبه لآرائهم.
وبعد أربعة أشهر من قراره حول القدس، تبين الضرر الفادح منه بتوقف الفلسطينيين عن التفاوض مع إسرائيل وأميركا، واعتبارهم واشنطن وسيطا غير موثوق، وقد أيدتهم غالبية دول العالم.
كذلك نشهد حاليا ذات النهج مع إيران، فقد بدا ترمب لأشهر وكأنه يوافق على آراء مستشاريه وقادته العسكريين بالبقاء في الاتفاق النووي مع إيران، لكنه بدأ نهاية العام الماضي تغيير موقفه، ومن المرجح أن يسحب أميركا من هذا الاتفاق الشهر المقبل، مع تجاهل كل التداعيات التي ستترتب على هذا الانسحاب.
هذا الانسحاب لن يزيد الضغوط على طهران، بل سيضعفها لأنه سيبعد الدول الأخرى التي وقعت الاتفاق مع إيران (أوروبا وروسيا والصين) من الاستمرار في الضغط عليها مع أميركا، ولن تتعاون الصين والهند -وهما أكبر مشتريين للنفط من إيران- في وقف مشترياتهما منها.
***
ماكس بوت ، واشنطن بوست : سياسات ترامب تجاه سوريا “مُفلسة”
في 7 أبريل عام 2017، أطلقت القوات الأمريكية 59 صاروخاً من نوع “كروز” على قاعدة جوية سورية؛ لمعاقبة بشار الأسد على استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيه، وفي الذكرى السنوية الأولى لهذا القصف، احتفل الأسد بإعادة قصف مواطنيه بالكيماوي، وهو الهجوم الثامن له على الأقل هذا العام، و”لكنه الأكثر وقاحة”، بعد أن رأى أن الولايات المتحدة لن تردّ على انتهاكاته المتكرّرة للقوانين الدولية.
وجدير بالذكر أنه في 4 أبريل 2017، شنّت قوات الأسد هجوماً بغاز السارين على خان شيخون أودى بحياة ما يقرب من 100 سوري، وأُصيب أكثر من 500 غالبيّتهم من الأطفال، وردّاً على هذا القصف هاجمت أمريكا بصواريخ عابرة للقارات قاعدة الشعيرات الجوية في حمص، مستهدفة طائرات للنظام ومحطّات تزويد الوقود ومدرجات المطار.
إن عملية القصف التي استهدفت مطاراً سورياً قبل عام قوبلت بترحيب حارّ من الجميع، حتى من معارضيه؛ فلقد أصدر السيناتور جون ماكين، وعضو الحزب الجمهوري ليندسي غراهام، بياناً مشتركاً جاء فيه: “على عكس الإدارة السابقة واجه الرئيس ترامب لحظة حاسمة في سوريا واتّخذ إجراءً، لذلك فإنه يستحقّ دعم الشعب الأمريكي”.
أنا أيضاً أيّدت الضربة، لكنني شككت في أنه سيكون بمنزلة تحوّل كبير، وكما كتبت في ذلك الوقت فإنه إذا كان ترامب مهتمّاً بعمل حاسم في سوريا حقاً فإنه سيكون بحاجة إلى الذهاب أبعد من ذلك بكثير؛ فما هو مطلوب خطة دبلوماسية عسكرية شاملة لإنهاء الحرب الأهلية التي دامت ست سنوات، وتسبّبت بالكثير من المعاناة الإنسانية”.
وغنيٌّ عن القول إنه لم تكن هناك أي خطة من هذا القبيل على الإطلاق لدى إدارة ترامب، بل على العكس كانت بمنزلة ثقب أسود لكل الخطط، وبدلاً من الاستراتيجية فإنها كانت تخضع للتشنّجات والقشور الرئاسية، فمنذ أن قصف ترامب مطاراً تابعاً لقوات النظام في سوريا، ترك الأسد، وإلى جانبه مؤيّدوه من الروس والإيرانيين، دون أي عائق يمنع مواصلة عملهم في القتل الجماعي.
بل إن ترامب عمد إلى وقف الدعم الأمريكي للجماعات المعارضة التي كانت تقاتل الأسد، وركّز بدلاً من ذلك على مقاتلة تنظيم الدولة، والآن ومع ظهور نهاية هذه المعركة ضد “داعش” يبدو ترامب مستعجلاً لسحب القوات الأمريكية من سوريا.
فلقد أشارت بعض التقارير إلى أنه حدّد أكتوبر المقبل لسحبها، رغم أن تقارير البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية و”إسرائيل” والدول العربية كلها تقول إن الانسحاب من سوريا خطأ كبير، إلا أن ترامب مُصرّ على ما يبدو على الخروج المبكّر من سوريا ليُسلّم شرق سوريا للأسد وحلفائه.
إدارة ترامب هي الثانية على التوالي التي ترتكب الأخطاء في سوريا، ما حوّل البلد -على حدّ وصف الجنرال المتقاعد ديفيد بتيرايوس- إلى “تشرنوبل جيوسياسي” (كارثة تشرنوبل النووية 1986 في أوكرانيا) يقذف اللاجئين والإرهابيين إلى جميع أنحاء العالم.
لقد ارتكب الرئيس السابق، باراك أوباما، خطأً كبيراً في سوريا، وجاء ترامب من بعده ليسير على ذات المنهج.
ترامب الذي حذّر في العام 2013 أوباما من مغبّة أي عمل عسكري في سوريا، جاء إلى السلطة ليقوم بهذا العمل العسكري قبل عام، ليعود بعدها إلى موقعه الانعزالي تجاه ما يجري في دمشق.
يوم الأحد الماضي، فاجأ ترامب أوباما عندما اتّهمه بالفشل في سوريا بعد أن أعلن وجود خط أحمر أمام النظام، وقال الرئيس الأمريكي في تغريدة له على موقع “تويتر” إنه لولا إدارة سلفه السابق لكان نظام الأسد “الحيوان” من الماضي.
في نهاية مارس الماضي، أعلن ترامب نيّته سحب القوات الأمريكية من سوريا، قائلاً إنه سيدع الأمر للآخرين ليهتمّوا به، وهو تماماً ما يفعلونه اليوم، فالهجوم الكيماوي يكشف وجهاً آخر من وجوه ما يفعل الآخرون في سوريا؛ روسيا وإيران ونظام بشار الأسد، وكل ذلك يعود إلى الإفلاس الأخلاقي والفكري لنظام ترامب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى