سمدار بيري : مع اردوغان لم يبق ما يمكن الحديث فيه
بقلم : سمدار بيري ، يديعوت 21/5/2018
ورغم كل شيء، فان شيئا ما هنا لم يكن على ما يرام. فقدر كبير من الفلسطينيين قتلوا، وقدر كبير جرحوا. وحتى لو كانوا يتماثلون (ليسوا كلهم) مع حماس، فان قدرا كبيرا جدا وصلوا الى المستشفيات. 61 ادخلوا الى غرف الموتى، واكثر من 1.200 اصيبوا. واولئك الذين لم يكن لهم مكان في المستشفى، تلقوا علاجا طبيا ارتجاليا في اماكن مختلفة.
سطحيا، تصرفت اسرائيل على ما يرام تماما. وجهوا السلاح الى الارجل، وفقط من اقترب حقا من الجدار اطلقت النار عليه في كل الجسد. وحسب صلاح البردويل، الذي يؤدي منصبا رفيعا في حماس، فان 50 على الاقل من المتظاهرين كانوا ينتمون بهذه الطريقة أو تلك الى منظمته. ومع ذلك، فالاحساس سيء. ليس كل من اقترب من الجدار حقا يعد من مقاتلي حماس، وليس كل من اصيب اعتقد بان هذا ما سيكون مصيره. انتبهوا، بالمناسبة، الى ان اسرائيل عرضت عتادا طبيا على المستشفيات المنهارة في غزة. شيء ما مجنون: بيد واحدة انت تؤذي، وباليد الثانية تمد المساعدة. حماس، لمن نسي، رفضت المساعدة الانسانية.
تصوروا ماذا كان سيحصل لو كان هذا العكس: لو لم يكن الاسرائيليون يتصرفون بهذه الطريقة؟ افلن نجد الاف الاسرائيليين ينطلقون الى طول الجدار في محاولة لاجتيازه؟ أفلن نجتهد لافتعال الاحابيل كي نصل الى كل من يستجيب لعطائنا في العالم؟ معقول الافتراض أننا كنا سنخرج بالضبط اولئك المؤيدين والباقون كانوا سيقفون الى جانب الفلسطينيين ان يختبئون في صفوف الممتنعين. حظنا هو أننا في الجانب القوي. ولكن يوجد لنا، بكل صراحة، المسؤولية ايضا عن السكان المدنيين في الجانب الاخر. فلم لم يأتوا من دولة بعيدة. هم من هنا، وهم عديمو الحظ وبائسون، حتى وان كان هذا بذنبهم بقدر غير قليل.
أول أمس، دفعة واحدة امتثال الجميع لدى اردوغان: المصريون، السعوديون، الاردنيون، الفلسطينيون. في الاجتماع الطاريء لمنظمة التعاون الاسلامي أطلق الحاكم التركي تصريحات من النوع المعروف بان اسرائيل “تسلب وتتوحش مع الفلسطينيين، واعمالها هي ارهاب برعاية الدولة”. واستمع ممثلو الدول الاسلامية، وهزوا برؤوسهم وصمتوا. هذا لا يعني أنهم يفكرون مثله، هذا لا يعني أنهم لا يعرفون ما نحن نعرفه. في لحظة واحدة يمتثلون في اسطنبول، وفي اللحظة الثانية يعودون الى الديار، وكل واحد وقصته مع الفلسطينيين. المثال الافضل هم المصريون: من يعرف اكثر منهم قادة حماس في غزة، من يعرف افضل منهم متى يمكن شد الحزام ومتى يمكن حله؟
اضاف اردوغان في ذاك الخطاب بانه “لا فرق بين فضائع النازيين واعمال اسرائيل في غزة”. يا له من تشبيه رهيب. اين الابادة الجماعية، المنهاجية والمنظمة لليهود، وما يحصل في غزة. ينبغي ترك اردوغان مع كراهيته. شيء لن يشفيه منها. فليتحدث، إذ على أي حال فهو ليس مؤثرا حقا على احد من خارج بلاده. هو لن يؤثر على المصريين ولن يوجه السعوديين – وحتى الاردنيين توجد لهم مشكلة مع اردوغان. كل الباقين، ما بيننا وبين الاتراك، سيتدبرون أمورهم مع الوقت، الى هذا الحد أو ذاك. ولعله عندما تأتي “الخطة الكبرى” لترامب لاتفاق اسرائيلي – فلسطيني وتسوية العلاقات بين اسرائيل والعالم العربي – الحل الذي سيؤلم هنا ويؤلم هناك أكثر – فان العلاقات مع تركيا هي الاخرى ستصل الى الطاولة.
سطحيا، نحن على ما يرام تماما في قصة المظاهرات امام الجدار في غزة. كان ردنا على احداث لم نبادر لها نحن. ومع ذلك، هناك احساس بالمرارة. لعله ما كان ينبغي التصرف هكذا، على الاقل مثلما يبدو هذا. صحيح أننا لم نتخذ كل القوة، ولكن لعله كان بوسعنا أن نضبط أنفسنا اكثر قليلا ونحاول الحوار من لم يكن هناك، حتى لو كان معقولا الافتراض بان هذا ما كان لينجح. لا احد يقول اننا لم نكن على ما يرام، ولكن كان يمكننا أن نكون على ما يرام اكثر.