ترجمات عبرية

سمدار بيري : طوق النجاة للاردن – الرياض تفتح المحفظة مرة اخرى

يديعوت – بقلم  سمدار بيري  – 10/6/2018

من المهم الانتباه الى مكالمتين هاتفيتين وصلتا يوم الجمعة الماضي بفارق زمن قصير، الى قصر الملك عبدالله الاردني. المكالمة الاولى جاءت من الدوحة، عاصمة إمارة قطر، التي عرضت المساعدة للاردن. يمكن التخمين انه من خلف الشيخ تميم، حاكم قطر، تقف ايران وتركيا على حد سواء. عبدالله لم يستبعد الفكرة رفضا باتا ولكنه لم يرد بالايجاب ايضا. فمع قطر يمكنه دوما أن يبدأ. اما مع ايران فهو لا يريد، وتركيا هي بالتأكيد مشكلة. ففي الشهر الماضي فقط وصل عبدالله الى القمة في تركيا مع ثلاثة اخوانه، وهو مشهد نادر، وسار الى جانب الرئيس اردوغان كعريس في يوم عرسه. تحدث اردوغان عن القدس “الجديدة”، تحت الادارة الامريكية، وبدا الملك الاردني قلقا.

اما المكالمة الثانية فكانت اكثر تشويقا: حاكم السعودية (هذه المرة ليس ابنه، وليس العهد الامير محمد)، الملك سلمان، هاتف عبدالله ودعاه لان يأتي اليوم الى مدينة مكة، الى جانب حاكمي الكويت واتحاد الامارات. فاستجاب الملك الاردني على الفور وكأن به لم يكن ينتظر غير هذه المكالمة. ليس واضحا بعد ماذا سيكسب، ولكن معقول الافتراض بانه سيكون للزيارة، مثلما كان في الماضي، مقابل مالي من كل واحدة من الدول الثلاثة، كي يتمكن من تسديد قسم من دين الاردن لصندوق النقد الدولي. فوضع الاردن الاقتصادي السيء ليس سرا: ففي الاسبوع الماضي لم تتوقف الصحف في العالم عن التبليغ عن المظاهرات وعن اعتصام المواطنين امام مباني الحكم في ارجاء المملكة احتجاجا على الاجراءات الاقتصادية – رفع اسعار 15 منتجا وضريبة دخل جديدة – التي فرضت على السكان (في هذه الاثناء جمد بعضها منذ الان).

وهنا ينبغي الاشارة الى نقطتين: فقد كان الاردنيون – وليس اللاجئون من العراق او من سوريا – هم الذين خرجوا الى شوارع المدن الكبرى، من عجلون واربد في الشمال وحتى العقبة في الجنوب، احتجاجا على الوضع الاقتصادي. لم يكن هذا احتجاجا سياسيا. فالملك وكأن به خارج القصة. ابنه، الامير حسين، وصل امس الى مركز المظاهرات في عمان كي يهديء الخواطر. ووقف الجنود وافراد الشرطة دون أن يردوا. لا مع ولا ضد. لا توجد امور كهذه في العالم العربي. في الغالب، الاحتجاج سرعان ما يصبح مواجهة قاسية.

ونقطة هاة اخرى: مستوى المعيشة في عمان يعتبر الاعلى في العالم العربي – اكثر مما في بيروت، بل وحتى اكثر مما في امارات في الخليج. هناك فجوة بارزة بين ساكني البيوت الفاخرة في عمان وفي المدن المحيطة وبين جموع الفقر والعوز. فانت تتجول هناك ولا تدري الى من تشير في البداية – الى الاغنياء، الذين عددهم غير قليل، ام الى المساكين، الذين هم اغلبية مواطني الدولة. وفي الوسط يوجد الطلاب، الذين يحيط بمستقبلهم المهني والاقتصادي الغموض. لا تبقوا في الاردن، هكذا يوصي الشباب، سافروا الى دولة اخرى، كندا هي المقصد المفضل، وابحثوا هناك عن حظكم.

لا جدال في أن الازمة الاقتصادية الاردنية حقيقية وعميقة. فحتى وقت أخير مضى توفرت ابتكارات مختلفة ومتنوعة للتغلب على الوضع، ولا سيما التبرعات والمساعدات الخارجية. دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، دعمت المملكة كي لا تنهار من الداخل. ولكن في السنة الاخيرة لم يصل ولا حتى الفتات. فالسياسة لم تعجب السعوديين، فاغلقوا المحفظة. وفي اعقابهم ايضا اوقفت دولة اتحاد الامارات الدعم. اما الكويت، لاسبابها، فتبرعت بقليل جدا. والقطريون بالذات ارادوا ان يعطوا، ولكنهم اضطروا الى الانتظار، لعلمهم ان دعمهم لن يمر بسهولة.

معقول الافتراض بان الملك عبدالله سيتلقى اليوم دعما ماليا جميلا. معقول الافتراض بانه سيتمكن من ان ينقل رسالة تهدئة لسكان بلاده. اما السؤال التالي فيرتبط بالولايات المتحدة وباسرائيل. لاحظوا كيف تبتعد اسرائيل الرسمية عن الاردنيين في الاشهر الاخيرة. فمنذ طرد السفيرة الاسرائيلية عينات شلاين، أخذت العلاقات بالتدهور. توجد هنا مشكلة. مع الولايات المتحدة لا يمكن للملك ان يسمح لنفسه بالشقاق. كما أنه لا يحتاج الى ذلك. عندما يقرر ترامب، فانه سيحرص على اطلاق الاشارة. حتى ذلك الحين فان الاسرة المالكة السعودية ستملأ مكانه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى