سمدار بيري – خاشقجي رجل السنة : بطولة الصحافيين
يديعوت – بقلم سمدار بيري – 12/12/2018
درجت مجلة “تايم” الامريكية منذ قرابة مئة سنة على ان تقرر لقب “رجل السنة” لرجل أو امرأة، مجموعة، منظمة أو حركة، قاموا بعمل خاص، يبعث على الثناء. وكاد يكون كل رؤساء الولايات المتحدة، مثلا، منذ فرانكلين روزفلت، فازوا باللقب (باستثناء جيرالد فورد). امرأة واحدة فقط، من خارج الولايات المتحدة، برزت بين الفائزين، الذين هم في أغلبيتهم المطلقة رجال: المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل، التي تلقت اللعب الاعتباري في 2015. اما هذه السنة فيلوح تغيير: فاللقب يتوزع بين مجموعة من الصحافيين ابرزهم – الصحافي السعودي المغدور في تركيا، جمال خاشقجي، حظي بصفحة منفصلة خاصة به في المجلة الاعتبارية.
لقد قتل خاشقجي في 2 تشرين الاول في داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، حين جاء ليتلقى وثيقة لاقرار طلاقه من زوجته السابقة تمهيدا لزواجه الذي يخطط له من امرأة تركية هي خديجة جنكيز. خطيبته، كانت تنتظره خارج القنصلية. وحين لم يخرج، اتصلت بقصر الرئاسة في انقرة، مثلما اتفق معها مسبقا، وارسل الى المكان رجال الامن.
ينبغي الانتباه الى السلوك الغربي للرئيس ترامي وصهره جارد كوشنير، اللذين يرشدان عمليا ولي العهد السعودي، الامير محمد بن سلمان، المشبوه المركزي في القضية. هو مشبوه ولكنه غير متهم: يخيل انهما يرشدانه كيفية الخروج من القضية بيدين نظيفتين، كيف يجند الرأي العام وكيف يعالج خصومه غير القليلين في الدخل. ومن جهة اخرى: سبق ان سمعنا عن سلسلة مكالمات من القصر في الرياض الى القنصلية في تركيا، كيف تلقى “المسؤول الكبير” تقارير فورية قبل وبعد القتل، كيف سمحت السلطات التركية جينا هسبل، رئيسة السي.اي.ايه، بالاستماع لشريط تسجيل القتل. ومع ذلك، يصر ترامب على ان بن سلمان “نظيف، طالما لم يثبت شيء آخر”، ويدعي: “لا اعتزم الاستماع الى الشريط بالعربية”.
بالذات بسبب سلوك الادارة الامريكية حول قتل خاشقجي، فان منح جائزة “رجل السنة” للصحافي المغدور ورفاقه هو مثابة صفعة رنانة، تبرز الفجوة بين المصالح الاقتصادية للرئيس في واشنطن وبين وسائل الاعلام الامريكية.
لا يوجد حتى ولا صحافيا واحدا في الولايات المتحدة مستعد لان يشتري اقوال ترامب في شأن براءة بن سلمان المزعومة. يكفي سماع اعضاء الكونغرس الديمقراطيين او قراءة تحقيقات كبار الصحافيين في الولايات المتحدة للوصول الى الاستنتاج بان شيئا ما عفنا في واشنطن، وثمة تعاون وثيق جدا بين القصر في السعودية، المستعد لان يدفع الكثير كي ينظف، وبين البيت الابيض الذي يحرص على مساعدة وتنظيف الوصمات. فأي أدلة تحتاجون أكثر؟ بعد أن رأينا شخصية المهندس السعودي الذي ارتدى ملابس خاشقجي فور القتل – ولكنه بقي بحذائه الرياضي – وخرج ليتجول في شوارع اسطنبول في محاولة للتظاهر بانه خاشقجي كي يخلق الانطباع بانه لا يزال حيا؟
ان جائزة رجل السنة لمجلة “تايم” لخاشقجي تعمق الفجوة بين الرئيس وبين الاعلام الامريكي. هذه فجوات حادة، عميقة، لن تلتئم قريبا. فترامب يهاجم الصحافيين لانهم من ناحيته “يزعجونه”. قلة من الصحافيين في امريكا لا يزالون يتعاطون معه، في افضل الاحوال كـ “طير مختلف”. أما الباقون، اولئك الصحافيين الاكثر جدية من وسائل الاعلام البارزة، فيرون في ترامب شريكا في التغطية على قتل الصحافي السعودي.
* * *