سمدار بيري: المظاهرات في الاردن – الشعب يريد عدالة اجتماعية (وأكثر)
يديعوت – بقلم سمدار بيري – 3/6/2018
أمران حصلا في الاردن في الأيام الاخيرة: “طارت” عمان من الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة، اسرائيل، السعودية ومصر في موضوع نقل السفارة الامريكية الى غربي القدس، وجموع الاردنيين تظاهروا في المدن الكبرى ضد رفع اسعار النفط، الكهرباء والنية لاعداد ضريبة دخل جديدة لكل مواطني الدولة. وينبغي الانتباه الى ان هذا فقط للمواطنين وليس لمن يسكنون في الدولة، والذين عددهم هائل.
ظاهرا لا يوجد صلة بين الامرين. موضوع القدس سياسي، بينما مطالب المواطنين الاردنيين تتعلق بالموضوع الاقتصادي. وهاكم الصلة: الاردن، الذي يبدو ويتصرف كدولة غنية، وفي مدنه الكبرى توجد منازل جميلة وفاخرة، يعيش عمليا على التبرعات الاجنبية وعلى المساعدات الاجنبية منذ سنوات عديدة. الملك حسين الراحل، وبعده ابنه عبدالله، عرفا كيف ينزعا من الجارات العربيات في الخليج الفارسي، واضيفوا الى هذا “التبرع” الامريكي ومبلغ ثابت وصل من صندوق النقد الدولي وصناديق المساعدة الاخرى. هكذا ادى الاقتصاد الاردني المتعثر دوره على مدى السنين.
دفعة واحدة تفكك كل شيء: السعودية، لاسبابها، قررت التنازل عن الاردن في مسيرة اعدت مع الامريكيين. مصر، التي على أي حال ليس لديها مال زائد، جرت خلفها، ومعها ايضا اتحاد الامارات في الخليج. الضغط الاسرائيلي على واشنطن لحماية الاردن من كل ضر آخذ في التبدد. وحسب التفسير الاسرائيلي الراهن، فان على الاردن ان يقف على قدميه وان يهتم بنفسه.
ليس واضحا ما الذي سبق الاخر: سفر عبدالله هو وثلاثة اشقائه، الى تركيا، حيث المح لاردوغان بانه مستعد لن يسير معه، الى جانب غمزة كثيرة المعنى للايرانيين والقطريين، ام أن الملك بدأ يبحث عن شركاء جدد حتى قبل أن يصل الى أنقرة، حين فهم بان السعوديين القوا به؟ في كل الاحوال، وقف عبدالله هناك، الى يمين اردوغان، وكأنه شريكه، وفي الولايات المتحدة، اسرائيل والسعودية تفجروا غضبا.
في نهاية الاسبوع، كما اسلفنا، خرجت الجماهير الاردنية الى شوارع عمان، سدت محاور حركة السير المركزية واحتشدت امام مباني الحكومة. هذا هو الاضراب العام الاول في الاردن الذي يدعو الحكومة الى مراجعة غلاء المعيشة. فقد أعلنت الحكومة عن ضريبة جديدة، بمستوى 5 حتى 30 في المئة، على الكهرباء ومنتجاتها، وعن رفع بمعدل 22 في المئة في سعر الوقود. هذا ليس غلاء الاسعار الاول في الاردن هذه السنة. اضافة الى ذلك، بلغ المواطنون بالاستعداد لضريبة جديدة ستجبى حتى من الطبقات الفقيرة والمتقاعدين. ولا تنسوا أن في الاردن يسكن مئات الاف السكان الجدد والاقل جدة، من العراق ومن سوريا، معفيين من دفع الضرائب. وكان أعلن عن الاجراءات الاقتصادية الاخيرة هاني الملقي، رئيس وزراء الاردن. عمليا، هذا صحيح وعادل. ولكن الاردنيين سارعوا الى الثورة، وفي عمان، اربد، الطفيلة، جرش وكذا في العقبة قرب حدود اسرائيل خرج المتظاهرون الغاضبون الى الشوارع. هنا ينبغي الاشارة الى أن الاجر المتوسط في الاردن يبلغ نحو 11 الف دولار في السنة فقط، 18 في المئة من السكان لا يعملون و 20 في المئة يعيشون على حافة الفقر. واذا كان الشباب الاردني في اعمار 25 – 35 مطالبين بان يدفعوا ضرائب أكثر، فانهم يريدون ان يعبروا ايضا عن ارائهم في المواضيع السياسية. بمعنى ان من يطالبهم بالدفع يجب أن يخلي الجيل الشيخ في الحكومة ويدخل الجيل الشاب.
ولكن القرار برفع الاسعار اتخذته الحكومة، وليس الملك عبدالله الذي سارع الى الاعلان عن تجميد الاجراءات – تجميد وليس الغاء، وفقط خلال شهر رمضان. مصير الملقي ليس واضحا بعد. يحتمل، بل ومعقول الافتراض انه سيتعين عليه أن يرحل. وانتبهوا كيف يتعاطى كل هذا مع الحلف الاقليمي الجديد: السعودية لا تريد أن تسمع، مصر تسكت، الولايات المتحدة تساعد هنا وهناك (ليس كافيا)، واسرائيل تواصل التعاون العسكري مع الاردن، ليس اكثر من هذا. اما القلق (الشديد) على وجه الملك فلم يكن ممكنا اخفاؤه.