ترجمات عبرية

سليمان مصالحة / يسار، يمين – ما هو الفرق

هآرتس – بقلم  سليمان مصالحة  – 6/9/2018

المرة تلو الاخرى يفشل ما يسمى هنا اليسار في الاختبار المدني. يبدو ان هذا اليسار غارق في نفس الوحل القومي المتطرف الذي يدعي بانه ضده. صحيح انه يطرح هنا وهناك مواقف تبدو تجاه الخارج كمعارضة لحكومة نتنياهو اليمينية، ولكن في نفس الوقت فانه يكشف عن عمق انغلاقه في الفضاء العرقي المركزي الذي يرسمه اليمين بالتحديد.

مثال بارز على هذا بالامكان ان نجده في وجهات النظر التي يعرضها من حين لاخر البروفيسور زئيف شترنهل في “هآرتس”. في مقاله الاخير 31/8 حاول البروفيسور شترنهل رسم حدود المعارضة في الكنيست، والتي من شأنها أن  تشكل بديلا لحكم نتنياهو. نظريا، هكذا يقول، “المعارضة تمتد من الجناح الاشتراكي – الديمقراطي لميرتس مرورا بما تبقى من حزب العمل وحتى مصوتي يوجد مستقبل”. البروفيسور شترنهل ايضا يحسب المقاعد المحتملة التي يمكن لمعارضة كهذه ان تحسبها: “على الورق يدور الحديث عن امكانية كامنة لحوالي  40 مقعد” ولكنه يضع قيود على اقواله بقوله ان جزء من هؤلاء الذين اعتبرهم كمعارضة محتملة “قريبين من القوميين المتطرفين الراديكاليين، وسيرفضون التعاون مع العرب”.

وبهذا، بالضبط في هذه النظرية تكمن المشكلة البنيوية لما يسمى هناك يسار، حيث أن المعارضة في اسرائيل هي دائما يهودية بصرامة. هذه النظرية هي جزء من الرؤيا المتجذرة جدا في الخطاب السياسي لليسار.

من خلال اليأس من الوضع البائس للمعارضة دعا البروفيسور شترنهل قبل اكثر من عام زعماء “الوسط – يسار” حسب  تعريفه، الى النظر في المرآة وفحص من هو الزعيم الذي يستطيع انقاذ اليسار: “جميل أن يصنعوا جميعا، من اعضاء يوجد مستقبل وحتى اعضاء الكنيست من المعسكر الصهيوني اذا نظروا في المرآة” وكل هذا من اجل الاعتراف بحقيقة أن ايهود باراك هو “افضل احتمال لديهم، ان لم يكن الوحيد” بالوصول الى السلطة وانقاذ البلاد من حكم الابرتهايد (“هآرتس” 19/5/2017).

يبدو أنه فقط على الورق تضم الكنيست 120 عضو – فعليا في الخطاب السياسي الاسرائيلي سواء من اليمين او من اليسار، دائما يغيبون من المعادلة الـ 13 عضو كنيست للقائمة المشتركة. هؤلاء موجودون في الكنيست باعتبارهم ورقة تين، من أجل اخفاء عورة دولة اليهود وتزيينها بلون ديمقراطي.

نظرية المعارضة اليسارية لشترنهل تخصص لخمس مواطني الدولة فئة منفصلة: عرب. الى هذه السلة يلقون كل العرب دفعة واحدة، وكأنه ليس هنالك بينهم مصوتون اشتراكيون ديمقراطيون، علمانيون، تقليديون، قوميون متطرفون، يساتر ويمين. لكلهم يوجد لون شامل واحد: عرب. صحيح ان اعضاء الكنيست من الاحزاب العربية يجلسون في المعارضة منذ الازل، ولكن هذه المعارضة وهمية، والتي لن تكون في يوم من الايام جزء من الحوار الديمقراطي الاسرائيلي. هذه معارضة مقصاة – حتى “اليسار” لا يأخذها بالحسبان.

بدلا من الحديث عن احزاب اسرائيلية، والتي تمثل في الكنيست مواطنين من تيارات اسرائيلية واجتماعية مختلفة، فان اليسار نفسه يستخدم المفهوم الشامل “عرب” الذي يخلد الاقصاء البنيوي. لهذا فان هذا اليسار الذي يتباهى بكونه بديلا للحكم يسقط المرة تلو الاخرى في الفخ الذي يخبئه له اليمين القومي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو.

هكذا لا يدمرون الجدران بين المواطنين بهدف الوصول الى مساواة واستبدال الحكم. بل بالعكس. على ضوء هذه الامور يبدو ان نظرية المعارضة التي خلقها اليسار تشكل فعليا روح الامور التي تصعد من مواد “قانون القومية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى