أقلام وأراء

سليمان أبو ارشيد يكتب – هل “ستضطرّ” المشتركة إلى التوصية على نتنياهو؟

سليمان أبو ارشيد 26/10/2020

أخشى أن يضطر أعضاء القائمة المشتركة إلى التوصية في الانتخابات القادمة على بنيامين نتنياهو، في ضوء تصاعد قوة نفتالي بينيت زعيم تحالف أحزاب اليمين الديني الاستيطاني، الذي سيحصل – وفق الاستطلاعات الأخيرة – على 22 مقعدا، ويصبح الأوفر حظا لمنافسة نتنياهو على تشكيل الحكومة القادمة.

وطالما أن معادلة السيّئ والأسوأ، والتي قادت إلى التوصية على الجنرال بيني غانتس، هي التي تحكم سلوك أعضاء الكنيست العرب السياسي، سيكون من الـ”الواجب” التوصية على السيّئ بنيامين نتنياهو، لمنع صعود الأسوأ والأكثر تطرفا نفتالي بينيت.

وبدون شك، فإنّ تشكل حزب “يمينا” كقوة موازنة لليكود (22 مقعدًا مقابل 30 حتى الآن) سيجعل سيناريو تنافس بينيت ونتنياهو على تشكيل الحكومة القادمة واقعيًا، يعزّز من ذلك إدراكنا للعلاقات الجيدة التي تربطه بزعيم حزب “يش عتيد”، يائير لابيد، والتي يقف في مركزها العداء المشترك لنتنياهو، ناهيك عن أنّه سيحظى بدعم كتلة أفيغدور ليبرمان.

عندها، سيقف أعضاء القائمة المشتركة في موقف لا يحسدون عليه وقد يضطرون للتوصية على بنيامين نتنياهو، خاصّة إذا ما مورست عليهم ضغوطات من قبل سلطة رام الله الخائفة من الضم الزاحف مع بينيت، أكثر من التطبيع السائد مع نتنياهو.

هذا ليس مقطعًا سرياليًا، بل هو مؤشر على المشهد السياسي الآخذ بالتبلور في إسرائيل، بعد انزياح كل الخارطة الحزبية نحو اليمين وبعد أن لفظ “اليسار الصهيوني التقليدي”، الذي تمثل بحزب العمل أنفاسه الأخيرة، وهو لن يتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات القادمة.

وبدون شك، هناك علاقة مباشرة بين تآكل واختفاء حزب العمل – “ماباي” سابقا، الحزب المؤسس لدولة إسرائيل، والذي تشير استطلاعات الرأي إلى عدم تجاوزه لنسبة الحسم في الانتخابات القادمة – وبين ارتفاع شأن تحالف أحزاب اليمين الديني الاستيطاني بزعامة بينيت، وتحوّله إلى منافس رئيسي لليكود في الانتخابات القادمة، إذ إن سقوط القطب “اليساري” أفسح المجال لنشوء قطب يميني متطرّف ينافس القطب اليميني السائد.

لم ينجح نتنياهو الذي يحمل ملفات قضائية قد تودي برقبته، في أن يجمع بين أقصى اليمين المتمثل بـتحالف “يمينا” وبين مركزه المتمثل بحزب الجنرالات “كاحول لفان”، الذي شكلت صفقة ترامب قاعدة سياسية مشتركة معه، فكانت النتيجة انقسام اليمين بين ديني استيطاني وبين علماني عسكرتاري احتلّ، أو هو في طريقه إلى احتلال، قطبي الخارطة السياسية الإسرائيلية بعد اختفاء “القطب اليساري” الذي تمثل في حزب العمل.

كما أنّ ملفات التطبيع التي احتوتها صفقة ترامب احتلت أولوية على ملف الضم الذي يحمله بينيت وتحالف أرض إسرائيل الكاملة بأي ثمن، وكان من الطبيعي أن يتشكّل البديل السياسي لحكومة اليمين الوسط من اليمين الاستيطاني الديني المتطرف في ضوء الإفلاس السياسي لأحزاب الوسط الواقعة خارج الائتلاف الحكومي وتماهيها مع سياساته.

فلم نسمع أصواتًا مناهضة لاتفاقات التطبيع التي تتجاوز حل القضية الفلسطينية وتلتفّ عليها، لا من حزب “يش عتيد” ولا من حزب ميرتس “اليساري”، وحتى أصوات الأحزاب العربية التي أقنعوها بعدم الانشغال بالقضية الفلسطينية على حساب القضايا اليومية، كانت خافتة على غير العادة.

في المقابل، ظلّ تحالف أحزاب اليمين متمسّكًا بمبدأ الضم الذي تخلى عنه نتنياهو لصالح اتفاقيّات التطبيع مع الدول الخليجية، وكان من الطبيعي أن يستحوذ على جميع الأصوات المؤيدة لهذا التوجه والتي كان يقتطع الليكود بالعادة جزءًا كبير منها أو حتى غالبيتها. هذا في حين استعاد الليكود جزءا كبيرا من أصوات المركز التي كان افتقدها لصالح “كاحول لفان” بعد عودته للتمركز في وسط اليمين.

وحتى لو تم احتواء هذا التوجه من قبل نتنياهو بقطع مداه الزمني عبر تعجيل إجراء الانتخابات مستغلا تزايد قوة كتلة اليمين وقدرتها على تشكيل الحكومة منفردة، فإن تعاظم وزن تحالف أحزاب اليمين الديني الاستيطاني هو مؤشر على صورة للمشهد السياسي المستقبلي في إسرائيل وانقسام أطرافه بين يمين ديني استيطاني ويمين علماني عسكرتاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى