أقلام وأراء

سليمان أبو ارشيد يكتب – مقايضة على طريقة اليمين … لم الشمل مقابل البؤر الاستيطانية

بقلم سليمان أبو ارشيد – 18/6/2021

تحدت وزيرة الداخلية في حكومة “التغيير” الإسرائيلية، أييليت شاكيد، التي تفتقر لأغلبية برلمانية لتمديد القانون العنصري الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية، رئيس المعارضة وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، بأن يصوت ضد القانون، الذي يجرى تمديده سنويا منذ 18 عاما، 12 منها في ولاية نتنياهو، لأنه “لا مجال للعب”، وفق تعبيرها، في مثل هكذا قوانين التي من شأنها “المس بأمن إسرائيل وطابعها اليهودي”. بالمقابل، اقترح ممثل الليكود في اللجنة المنظمة، عضو الكنيست ميكي زوهر، على شاكيد، صفقة يتم بموجبها تمرير قانون شرعنة ما يسمى بـ”الاستيطان الشاب” والذي يضم 70 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، مقابل دعم الليكود تمرير قانون منع لم الشمل.

هكذا تصير المقايضات عندما يكون الفريقان من اليمين، فما أحب إلى قلب شاكيد ورئيس مجلس الاستيطان الأسبق، نفتالي بينيت، شرعنة 70 بؤرة استيطانية، يستطيع نتنياهو أن يتحداهما في ذلك، وما أحب إلى قلب نتنياهو وزوهر منع فلسطينية أو فلسطيني من ممارسة حق العودة إلى وطنه، كما يدعون، حتى لو بشكل فردي، وتمزيق شمل عائلات فلسطينية، وقد صدقت شاكيد عندما تحدتهما للقيام بذلك.

لكن المفارقة هي أن يقوم رئيس اللجنة المنظمة في الكنسيت، كارين إلهارار (“يش عتيد”)، بوقف جلسة اللجنة بدعوى إحباط “المؤامرة” التي كان يحيكها ميكي زوهر مع أحمد طيبي لإفشال تمديد القانون، والمضحك المبكي في الموضوع أن تحاول رئيسة الائتلاف الحكومي، عيديت سيلمان، اقناع منصور عباس وقائمته، “الموحدة”، بالتصويت إلى جانب تمديد قانون منع لم الشمل مقابل إجراء بعض التعديلات.

ويبدو أن أعضاء الكنيست والوزراء من أحزاب ما يسمى بـاليسار – الوسط، قد نجحوا بسرعة فائقة في تقمص الدور الرسمي المسقوف بسياسة اليمين الاستيطاني، حيث فاجأ وزير الأمن الداخلي، عومر بار-ليف من حزب “العمل” بتصريحه، “القدس عاصمتنا الأبدية”، في سياق دفاعه عن مسيرة المستوطنين الاستفزازية التي قادها سموتريتش وبن غفير في القدس هذا الأسبوع، كذلك لم يكن مفاجئا سكوتهم على قصف غزة رغما عن تراجع “حماس” عن تهديدها بإطلاق الصواريخ والاكتفاء برد رمزي بإرسال بضعة بالونات حارقة التي سقطت في محيط مستوطنات “غلاف غزة”.

كان بإمكان “حكومة التغيير”، لو كانت كذلك، إلغاء مسيرة المستوطنين الاستفزازية بادعاء بسيط هو أن نتنياهو أرادها لغما لتفجير الحكومة الوليدة ويجب إزالته، إلا أنها ارادت مباراة حكومة نتنياهو في تأكيد “يهودية القدس” وقدرتها على التعامل مع تهديدات “حماس”، عوضا عن فتح صفحة جديدة في التعامل مع القدس وغزة والفلسطينيين عموما.

من هنا، فإن ما حدث هو ليس فقط تنصيب اليمين الاستيطاني الإسرائيلي بدعم “اليسار” الذي حوّل نفسه إلى مجرد ختم مطاطي بعد أن اكتفى ببعض الوزارات الهامشية، بل مد هيمنة اليمين على مجمل السياسة الإسرائيلية، فصرنا أمام حكومة يمينية مدعومة من “اليسار” وقائمة عربية، وتحظى بشبكة أمان من قائمة عربية أخرى، وبين معارضة يمينية قوية تسوق هذه الحكومة نحو مزيد من التطرف في مجمل القضايا السياسية والاقتصادية.

وإذا كانت المقايضات قد جرت في السابق بين اليمين واليسار – الوسط من باب الأخذ والعطاء، أي تنازلوا هنا نتنازل هناك، بمعنى الضم هنا مقابل الانسحاب هناك، الهدم هنا مقابل البناء هناك، وكنا نحن نخسر هنا ونكسب بعض الشيء هناك، فقد أصبحت تقوم اليوم على قاعدة الأخذ مقابل الأخذ، أي أننا نحسر هنا ونخسر هناك أيضا.

والحال كذلك، لن نستغرب إذا ما قام الليكود مستقبلا بمقايضة بينيت، مثلا، على دعمه لضم الأغوار مقابل دعم بينيت لضم الكتل الاستيطانية، أو على هدم “الخان الأحمر” مقابل هدم العراقيب أو قرى أخرى مسلوبة الاعتراف في النقب وهكذا، طالما أن المنافسة هي بين اليمين الحاكم واليمين المعارض على من يؤدي خدمات أكثر لمشروع الاستيطان والضم والاحتلال، في ظل غياب كامل لمعارضة من نوع آخر؛ وقد تكون المقايضة التي ستجري حول قانون لم الشمل هي الامتحان الأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى