شوؤن عربية

ستراتفور – كيف يمكن أن تؤدي نتائج الانتخابات اللبنانبة إلى الحرب؟

المصدر ستراتفور 13/5/2018
على الرغم من الأحداث الساخنة في الانتخابات اللبنانية، التي جرت في 6 مايو/أيار، انتظر ناخبو البلاد صدور قرار أكثر حسما بعد يومين من الانتخابات من قبل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب».
ولم يكن لدى اللبنانيين أي رأي في انتخاب «ترامب»، لكن قراره بإلغاء خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران لعام 2015 قد يؤثر على مصيرهم.
وفي استطلاع مشوش مع نسبة إقبال ضعيفة، أعطى الناخبون عددا كبيرا من المقاعد لوكلاء إيران في لبنان، حزب الله والمجموعات التابعة له.
وبالنسبة لإيران والمملكة العربية السعودية و(إسرائيل) والولايات المتحدة، فإن لبنان ليست أكثر من مجرد مكان للتنافس الأكبر بينهم.
واستحوذت لبنان على العناوين بمشاكلها الدائمة منذ عام، وهي بلد صغير بلا نفط أو ترسبات معدنية. وغالبا ما يعني ضعف الدول الصغيرة أن لا تثير انتخاباتها الاهتمام حتى يصوت الناس بطريقة لا تعجب القوى الكبرى ويتدخل شخص ما، كما فعل الرئيس «وودرو ويلسون» عندما غزا المكسيك عام 1914، «لتعليمهم انتخاب رجال صالحين».
وتعلم الفلسطينيون في غزة الدرس ذاته، عندما صوتوا بصحبة رفاقهم في الضفة الغربية لصالح «حماس» يوم 25 يناير/كانون الثاني 2006.
وشعرت الولايات المتحدة بالغضب ما دفعها لدعم الانقلاب الذي قامت به حركة «فتح» في غزة عام 2007. وعندما فشل ذلك، دعمت الحصار الإسرائيلي المكثف وعدة حروب صغيرة على أراضي القطاع بدأت بعملية «الرصاص المصبوب» عام 2008.
ولن ينعقد البرلمان اللبناني، الذي يتألف من 128 مقعدا مقسمة بالتساوي – حسب القانون – بين المسيحيين والمسلمين، حتى 20 يونيو/حزيران، لكن العديد من اللبنانيين يخشون من القصف الإسرائيلي أو الغزو الإسرائيلي قبل ذلك.
ولم يفعل وزير التعليم الإسرائيلي «نفتالي بينيت» سوى القليل لتهدئة مخاوفهم، عندما غرد بعد الانتخابات قائلا: «لن تفرق (إسرائيل) بين دولة لبنان ذات السيادة وحزب الله، وستنظر إلى لبنان كمسؤول عن أي عمل من داخل أراضيها».
كما لم يقدم زعيم حزب الله «حسن نصر الله» تطمينات بعد إعلان بيروت «عاصمة للمقاومة». ولا يريد معظم الناس في لبنان مقاومة أي شيء، باستثناء سياسييهم، وهو ما يقاس بحقيقة أن 51% من الناخبين المسجلين في البلاد قاطعوا انتخابات لم تعد بأي أمل في إنهاء الفساد المستشري أو استعادة إمدادات الكهرباء.
فوضى الحرب الأهلية
ولطالما كانت الانتخابات اللبنانية إشكالية، وغالبا ما كانت سببا في شن الحرب. وفي عام 1952، عندما حاول الرئيس «بشارة الخوري» تمديد فترة ولايته إلى ولاية ثانية، اندلعت مظاهرات في الشوارع وسقط حيث خلفه «كميل شمعون»، الذي وظف أموال وكالة المخابرات المركزية للتلاعب في الانتخابات البرلمانية لعام 1957، التي أبعدت اثنين من أشهر البرلمانيين في البلاد، الزعيم السني «صائب سلام»، والزعيم الدرزي «كمال جنبلاط».
لكن المشكلة الكبيرة لم تحضر حتى العام التالي، عندما سعى «شمعون»، مثل «الخوري»، لولاية ثانية. وهنا اندلعت حرب أهلية متواضعة، مقارنة بالحرب التي استمرت من 1975 إلى 1990، وأرسل الرئيس الأمريكي «دوايت أيزنهاور» مشاة البحرية لاستعادة النظام.
وبعد الانتخابات البرلمانية عام 1968، نفذت (إسرائيل) أول غارة كبيرة على لبنان، حيث فجر الكوماندوس الإسرائيلي أربع طائرات مدنية على مدرج المطار في مطار بيروت.
وكانت العملية انتقاما لاختطاف فلسطينيين لطائرة تابعة لشركة «العال» من أثينا في يوليو/تموز السابق. وبتحميل لبنان المسؤولية عن الأعمال الفلسطينية، وضعت (إسرائيل) نمطا سرع من الحرب الأهلية.
وكانت الحكومة اللبنانية الضعيفة في ذلك الوقت أضعف سيطرة على «منظمة التحرير الفلسطينية»، أكثر من ضعف سيطرتها على «حزب الله» الآن.
وفي الوقت الذي جرت فيه الانتخابات الرئاسية عام 1976، كانت البلاد في فوضى، مع اندلاع الحرب بين المسيحيين وخصومهم من الفلسطينيين والسنة.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن يحدث الغزو الإسرائيلي الكبير للبنان في عام انتخابات آخر، وهو عام 1982، عندما اختار البرلمان زعيم الميليشيات المسيحية المارونية «بشير الجميل» ليكون رئيسا للبنان.
وتم اغتيال «الجميل» قبل تنصيبه، وتولى شقيقه «أمين» المنصب. ومع اشتداد الحرب، أدت وحشية الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، إلى جانب قوة إيران الشيعية المتصاعدة، إلى إنشاء «حزب الله». واستطاع «حزب الله» طرد الإسرائيليين من لبنان عام 2000، لكنه، بخلاف الميليشيات الأخرى التي قبلت اتفاق الطائف عام 1989 لإنهاء الحرب الأهلية، احتفظ بسلاحه، وأصبح أقوى قوة في البلاد. واستخدم قوته لمساعدة رئيس النظام السوري «بشار الأسد» في الحرب في سوريا، حيث هاجمت (إسرائيل) قوات الحزب بشكل متكرر دون جدوى.
السياسة المعتادة
والآن، بعد أن قرر «ترامب» التخلي عن الاتفاق النووي الإيراني، ومع احتمال أن ترد إيران من خلال إعادة النظر في خياراتها النووية، فإن الصراع بشكل أو بآخر أمر لا مفر منه. ويمكن أن يتخذ الصراع شكل الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة على أهداف إيران وحزب الله في سوريا، والتي سوف تواجهها روسيا من خلال توفير أنظمة مضادة للطائرات أكثر فعالية. أو قد يعني ذلك هجوما إسرائيليا مباشرا على إيران أو على قواعد حزب الله في لبنان.
وإذا شمل خيار الرد بأن تمطر صواريخ «حزب الله» المتطورة على المواقع العسكرية والمراكز السكانية الإسرائيلية، فلا شك في أن (إسرائيل) سترد بتدمير البنية التحتية اللبنانية بشكل أشمل مما فعلت في غزوها المشؤوم عام 2006.
وكتب محلل في (إسرائيل) بعد الانتخابات اللبنانية: «يبدو أن النتيجة الانتخابية هي تشجيع لليمين الإسرائيلي على الإصرار على شن هجوم على البنية التحتية اللبنانية. الأمور كلها مبررة الآن».
وبالنسبة لـ (إسرائيل) والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والأعداء الآخرين لإيران، قد يبدو هذا الصراع جذابا.
وبالنسبة للبنانيين، ستكون كارثة ناتجة – جزئيا – عن الانتخابات التي منحت حزب الله حصة أكبر من البرلمان.
وبالنسبة للمدنيين في كل من (إسرائيل) ولبنان، مهما كان ما يعتقده قادتهم، فإن المعاناة ستكون هائلة. وسيقع الكثير من المسؤولية على عاتق إدارة «ترامب»، لعدم الأخذ بمشورة حلفائها الأوروبيين بالعمل مع إيران للاحتفاظ بالتفتيش النووي وتخفيف العقوبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى